إدراج لقاح الجدري المائي في برنامج الصحة المدرسية من خلال التحديث الدوري في جدول تطعيمات طلبة المدارس، مع وضع آليات جادة لحل مشكلة الكثافة الطلابية داخل الفصول، ونشر ثقافة التوعية بطرق الوقاية والعلاج من خلال إدارة المدارس ومجالس أولياء الأمور.. جميعها حلول جادة تصطدم بواقع لا يسمح بتنفيذها. وبدلا من وضع آليات جادة لمواجهة العدوى وانتشارها والحد منها، يلجأ مسؤولو وزارتي الصحة والتعليم كعادتهم، للإجراءات التقليدية، وكذا التكتم الذي يصطدم مع الواقع والتصريحات المتضاربة، رغم خطورة المرض التي تكمن في سهولة انتقاله وانتشاره بين الأطفال، خاصة تلاميذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية، من خلال الجهاز التنفسي، كما ينتقل بسهولة نتيجة الاختلاط. ومع اقتراب بداية التيرم الثاني، الذي يتزامن مع فصل الشتاء حتى نهايته، تزيد مخاوف أولياء الأمور؛ إذ يتفشى المرض بشكل أكبر في هذا التوقيت من كل عام، في ظل تكدس الفصول الدراسية بشكل فج، خاصة مع اختتام التيرم الدراسي الأول بظهور عشرات الحالات المصابة بالمرض في عدة محافظات. مخاوف أولياء الأمور ترجمها سعيد عبد الحق، ولي أمر التلميذ يحيي بمدرسة بربا الابتدائية بأسيوط في حديثه ل«البديل»، موضحا أنه وبعدما أصيب نجله بمرض الجدري المائي منذ قرابة 20 يومًا، قرر عدم عودته للدراسة حتى نهاية التيرم الدراسي، خاصة أن إدارة المدرسة منحت نجله إجازة 15 يومًا من تاريخ إصابته بالمرض، وأضاف أن مخاوفه من إرسال نجله للدراسة مع بداية الترم الثاني لا تزال قائمة رغم امتثاله للشفاء؛ بسبب تفشي المرض في فصل الشتاء. وبحسب استشاري المناعة والتحاليل الطبية، الدكتور عبد الهادي مصباح، فإن وزارة الصحة تعتبر أن الجدري المائي مرضا غير خطير، وبالتالي لا تخصص تطعيما خاصا به، كما الحال بالنسبة لمرضي الغدة النكافية والحصبة التي تواجههما الوزارة من خلال التطعيمات، وتكتفِ "الصحة" في مواجهة المرض بعزل التلاميذ المصابين لحين امتثالهم للشفاء، موضحا أن الأمراض المعدية تنتقل بخاصة في فصل الشتاء لكونه بيئة خصبة لتلك الأمراض، ومناخ يساعد على انتشارها. واقترح استشاري الطب الوقائي بجامعة المنيا، الدكتور على رسلان ل«البديل»، إدراج لقاح الجدري المائي ضمن جدول تطعيمات تلاميذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية، من خلال برامج الصحة المدرسية، كأفضل طرق للوقاية من المرض وعدواه، الذي يصيب وينتقل بين الأطفال تحت سن 13 سنة. كما اقترح الدكتور محمد رشدي عبد الباسط، أخصائي الجودة بأكاديمية المعلمين بالقاهرة، في حديثه ل«البديل»، نشر ثقافة الوقاية والعلاج من الجدري عن طريق نشر التوعية في اتجاهين؛ أولها مجالس واجتماعات أولياء أمور التلاميذ مع إدارة المدارس، والثاني إدارة المدارس نفسها من خلال توزيع الملصقات وعقد الندوات وتخصيص حصة دراسية لتوعية التلاميذ بالوقاية من أمراض الشتاء. وحول مشكلة الكثافة الطلابية داخل الفصول، قال الدكتور علي عبد السلام، نقيب معلمي المنيا ل«البديل»، إن الكثافة مشكلة معقدة، تحتاج في حلولها لدراسات جادة؛ أبرزها زيادة عدد المدارس، وإعادة النظر في توزيع الطلاب بالمدارس، وأرجع الأسباب الرئيسية للمشكلة إلى المواليد، التي تزيد الكثافة في صفوف دراسية معينة دون غيرها، وأيضا زيادة الإقبال على مدارس معينة نظرا لجودتها، كما الحال بالمدرسة التجريبية "1" التي يصل كثافة التلاميذ داخل فصولها إلى 60 تلميذا فأكثر. الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث، الدكتور هاني الناظر، قدم عدة نصائح طبية لمواجهة الجدري المائي؛ منها دهان الجلد بمحلول كيلامينا صباحا ومساء، وتناول معلقة "تلفاست" صباحا ومساء، وتناول معلقة عسل نحل صباحا، مع الإكثار من السوائل، بجانب الغذاء الجيد، مع راحة المصاب في المنزل وعدم استحمامه. وحول أعراض المرض، أوضح الناظر أن الجدري تبدأ أعراضه بارتفاع درجة حرارة الجسم، ورشح بالأنف لمدة يومين، يليه ظهور طفح جلدي علي شكل حبوب حمراء صغيرة تنتشر بكافة أجزاء الجسم، ثم تتحول إلى فقاقيع مائية تنتهِ في صورة قشور بنية بعدما تجف، وتصاحب تلك الأعراض رغبة بالحكة. وكانت عشرات الحالات المصابة بالمرض ظهرت بين التلاميذ في عدة محافظات؛ ففي منتصف ديسمبر الماضي، أصيب 5 حالات بمرض الجدري المائي بين تلاميذ إحدى المدارس الخاصة التابعة لمديرية تعليم القاهرة، وعمد أولياء أمور التلاميذ تغييب أبنائهم خشية العدوى. وفي يوم 7 ديسمبر الماضي، ظهرت 13 حالة إصابة بين تلاميذ إدارة القوصية التعليمية في أسيوط، واضطرت إدارة المدرسة منح المصابين إجازة لحين تماثلهم للشفاء، كما أعلن مدير الإدارة الصحية بالمركز اكتشاف 9 حالات أخرى بمدرسة ابتدائية في قرية بوق، و4 حالات في حضانة بذات القرية، وتم عزلهم ومنحهم إجازات لمنع انتشار العدوى. وفي وقت سابق، ارتفع عدد المصابين إلى 24 تلميذا جميعهم بإدارة صدفا التعليمية، منهم 18 حالة في مدرسة الثورة بقرية البربا، وقال مدير الإدارة التعليمية بصدفا وقتها، إنه تم منح المصابين إجازة 15 يوما حتى لا يتم انتشار العدوى بين التلاميذ داخل الفصول.