إذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد تمكنت سابقًا من حماية حليفها الصهيوني المدلل من الإجراءات والقرارات الدولية والأممية داخل المحافل، واستطاعت شراء ذمم العديد من زعماء ورؤساء الدول العربية والغربية؛ لتأييد المشاريع الصهيونية في الأراضي الفلسطينية، فإن المقاومة الشعبية الفلسطينية دائمًا ما تأتي لتكسر كافة التوقعات، وتضع الاحتلال الصهيوني في مواجهة مصيره الحقيقي، الذي يعجز عن الهروب منه، وهو أن المقاومة الفلسطينية سواء الشعبية الفردية أو المنظمة الجماعية ستظل صامدة أمام خطوات العدوان الإسرائيلي وتصعيده، وستهدأ قليلًا لتعود برد فعل يصفع وجه الاحتلال، ويضعه في مأزق أمام مستوطنيه. صفعة جديدة من المقاومة من مدينة نابلس الواقعة في شمال الضفة الغربيةالمحتلة، وبالتحديد من قرية "تل" الواقعة غرب المدينة، عادت الآمال الفلسطينية من جديد في مواجهة الاحتلال، وضُخت دماء جديدة في أوردة القضية الفلسطينية، التي اعتقد البعض وأولهم الاحتلال الصهيوني أنها باتت طي النسيان، ودُفنت بفعل القرارات الأمريكية غير الشرعية وصمت الدول العربية، الذي أعطى الضوء الأخضر للمزيد من الغطرسة الصهيوأمريكية.
قتل مساء أمس الثلاثاء حاخام صهيوني، في عملية إطلاق نار وقعت على مدخل البؤرة الاستيطانية "جفات جلعاد" إلى الجانب الغربي من قرية "تل" الواقعة غرب جنوب مدينة نابلس، فيما تمكن منفذو العملية من الانسحاب بسلام، حيث أصيب المستوطن ب22 عيارًا ناريًّا في الرقبة والصدر، وجرى نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، لكن بعد ذلك تم الإعلان عن مقتله، وأعلن الجيش الصهيوني أنه شرع في التحقيق في الحادثة. القتيل يدعى "رزيئيل شيبح"، وهو ابن المستوطن المعروف "موشي زار"، الذي استولى على معظم أراضي المنطقة، ويسكن في بيت وحيد على قمة جبل في المنطقة، وهو من نفذ محاولة اغتيال "بسام الشكعة" رئيس بلدية نابلس. الفصائل تبارك اعتبرت العديد من الفصائل الفلسطينية المقاومة عملية نابلس تتويجًا لأسابيع طويلة من الاحتجاجات الفلسطينية على الإجراءات الأمريكية وما تبعها من إجراءات إسرائيلية تهويدية، حيث قالت حركة الجهاد الإسلامي إن العملية تؤكد أن الشعب الفلسطيني حي، ولن يتخلى عن نهج المقاومة، معتبرة العملية باكورة الرد بالنار على قوات الاحتلال وجرائم المستوطنين بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وقطاع غزة، وأشارت إلى أنه "إذا كان الاحتلال الإسرائيلي يعتقد أن بمقدوره ممارسة الإرهاب والقتل والعذاب، وتسبب في كل هذه المعاناة لشعبنا، دون أن يكون هناك رد أو ثمن ليدفعه الاحتلال فهو واهن". بدوره أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس، حسام بدران، أن العملية البطولية التي نفذها أحد أبطال المقاومة جنوب نابلس، تأتي في سياق الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال بحق شعبنا ومقدساتنا، وحقنا التاريخي في القدس عاصمة أبدية لفلسطين، وقال بدران إن هذه العملية البطولية الجريئة تؤكد أن شعبنا متمسك بأرضه مهما عظم بطش الاحتلال، كما اعتبرها صفعة في وجه الاحتلال والمتخاذلين، وردًّا على قرار ترامب بإعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال الغاصب. من جانبها باركت لجان المقاومة عملية نابلس، واعتبرتها تأكيدًا على "تمسك شعبنا بخيار المقاومة في مواجهة المؤامرة الصهيوأمريكية ضد القضية الفلسطينية"، فيما أكدت حركة الأحرار أن عملية إطلاق النار جنوب نابلس أعطت انتفاضة القدس حيوية، وتمثل الرد الفعال على قانون إعدام منفذي العمليات الذي يسعى الاحتلال لإقراره لإرهاب شعبنا، ووقف تنفيذ عمليات جديدة". من جانبه أكد الناطق الرسمي باسم كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة، عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن عملية نابلس هي أول رد عملي بالنار لتذكير قادة العدو ومن وراءهم بأن ما تخشونه قادم، وأن ضفة العياش والهنود ستبقى خنجرًا في خاصرتكم. كسر القواعد الأمنية الإسرائيلية الاحتلال الذي سبق أن زعم متفاخرًا بأن إجراءاته التصعيدية الجائرة بحق الشعب الفلسطيني هي التي دفعت إلى إحباط المقاومة الفلسطينية واتجاهها إلى الهدوء والتنازل عن فكرة مواجهة الاحتلال، صُعق من هذه العملية المفاجئة وغير المتوقعة، ففي أقل من دقيقة تمكنت المقاومة الشعبية من نسف كافة قواعد الاحتلال وخططه الأمنية، حيث تأتي عملية نابلس في الوقت الذي تستنفر فيه قوات الاحتلال على أعلى مستوى في الضفة الغربية بشكل كامل، على خلفية الهبة الفلسطينية التي تجددت بعد قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي اتخذه في 6 ديسمبر الماضي بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، الأمر الذي يعطي إشارات مؤكدة وواضحة إلى أن قوات الاحتلال على الرغم من قدراتها الاستخباراتية واستنفارها العسكري والأمني، إلا أنها لم تتمكن من قراءة خطط المقاومة الفلسطينية، وتظل عاجزة عن توقع ردود أفعالها، الأمر الذي يجعلها تجر ثوب الذهول والصدمة والفشل. استنفار وتصعيد الصفعة الفلسطينية قابلتها قوات الاحتلال بالمزيد من الإجراءات العنصرية التصعيدية، حيث شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الأربعاء، إجراءاتها على مداخل مدينة نابلس، وأكد شهود عيان أن اختناقات مرورية شديدة تشهدها الحواجز العسكرية الجنوبيةوالغربية، بسبب إغلاق الاحتلال للحواجز على مداخل المدينة وعمليات تفتيش دقيقة للمركبات الفلسطينية، وأوضح الشهود أن الاحتلال أغلق حاجزي حوارة وعورتا جنوب وشرق المدينة، كما أغلق الطريق الواصل بين بلدة تل وطريق "يتسهار" المعروف باسم "المربعة"، بالإضافة إلى إغلاق طريق "يتسهار" ابتداء من دوار "يتسهار" في شارع حوارة وحتى مفترق جيت غربًا، وبحسب الشهود فإن قوات الاحتلال تسمح بدخول المركبات إلى مدينة نابلس عبر هذه الحواجز بعد إخضاعها للتفتيش الدقيق، لكنها تمنع خروج المركبات من المدينة. في ذات الإطار شنت قوات الاحتلال الصهيوني، فجر اليوم الأربعاء، حملات تمشيط وبحث عن منفذي العملية البطولية، ونفذ جنود الاحتلال اقتحامات وأعمال التمشيط في بلدات صرة وتل وبيت وزن ومحيط جيت، وأحياء مدينة نابلس الغربية، تخللتها اعتداءات على المواطنين وعلى مركباتهم وتحطيم زجاجها، إضافة إلى مصادرة كاميرات مراقبة لتفريغها والتعرف على منفذي العملية، وأفاد شهود عيان من بلدة تل غرب نابلس أن عشرات الجنود اقتحموا البلدة، وشرعوا في أعمال التمشيط والبحث، واعتقلوا نحو 21 مواطنًا خلال مداهمتهم لعدة منازل بأنحاء متفرقة من الضفة الغربيةالمحتلة، كما أطلق الجنود قنابل الإنارة في سماء البلدة ومنطادًا للمراقبة. من جانبهم نفذ مستوطنون تحت أعين قوات الاحتلال وبحمايتهم عمليات عربدة في مناطق جنوب نابلس، خاصة على مفترق مستوطنة يتسهار ومدخل حوارة الشمالي وشارع القدس، وأقدموا على تنفيذ خطوات استفزازية للفلسطينيين، كالكتابة على الجدران وتكسير السيارات وإغلاق الطرق وتوجيه السباب إلى بعض الفلسطينيين، الأمر الذي أدى إلى إصابة شاب من قرية عورتا بكسر باليد، إثر اعتداء المستوطنين عليه في شارع حوارة.