(1) أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات عن الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية وكذلك موعد فتح باب الترشح الذى حددت له موعدا من 20 يناير وحتى 29 يناير الجاري بمقر الهيئة الوطنية للانتخابات، على أن يتم إعلان قائمة المرشحين يوم 31 يناير الحالي.
هناك تسع شروط للترشح، الثماني الأولى عادية أم الشرط التاسع فهو الصعب وينص على أن يزكى المرشح على الأقل عشرون عضوًا من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده مالا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمسة عشر محافظة على الأقل، بحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها.يعتبر فى ظروفنا الحالية شرط تعجيزى لأى مرشح رئاسى غير السيسى، فحصول المرشح على تزكية 20 عضوا فى البرلمان ليس سهلا، خاصة أن الأحزاب الثلاث الكبرى من حيث التمثيل البرلمانى وهى: حزب المصريين الأحرار 63 مقعدًا، مستقبل وطن 50، والوفد 36 أعلنوا تأييدهم للسيسى وكذلك عدد من الأحزاب الصغيرة نسبيا، كما أن الأعضاء المعينون 28 مقعد لن يزكوا غير الرئيس الذى عينهم. الحصول على 25 الف توقيع فى هذه الفترة الوجيزة، يحتاج لعمل جماعى ضخم بدأته حملة "علشان تبينها"، التى كان مسموح لها دخول كل مؤسسات الدولة والتجول فى المحافظات، الحملة جمعت 12 مليون استمارة حسب تصريح المتحدث الرسمى لها، وهذه الاستمارات قاعدة بيانات للمواطنين بها الاسم الثلاثى والرقم القومى ومحل السكن، وهذه الاستمارة من السهل تحويلها لتوكيلات رسمية فى غضون 48 ساعة على الأكثر بمجهود بسيط من مندوبى حملة "علشان تبنيها" المنتشرين فى كل المحافظات والذين انفردوا بالعمل مبكرا فى الشارع. (2) حتى الآن ليس لدينا مرشح مضمون ترشحه غير الرئيس السيسي، "خالد على" مازال ينتظر حكم المحكمة فى قضية "الأصبع "، والنائب السابق محمد السادات يقلب الأمر ويحسب المكسب والخسارة وينتظر المشورة، وشفيق خرج من الساحة معلنا دعمه للسيسى. تخيل معى هذا المشهد، أكبر دول عربية من حيث عدد السكان ليس بها 20 متنافس على المقعد الرئاسي …لماذا ؟ هل الرئيس صاحب شعبية طاغية تجعل الجميع مترددا فى منافسته أم أن الأمر وراءه مخاوف حقيقية فى أن تجلب هذه المنافسة الضرر على صاحبها؟. (3) قبل ست سنوات من الآن، وتحديدا فى انتخابات 2012 كان هناك 23 مرشح للرئاسة، تم قبول 13 استوفوا شروط الترشح وهم: أبو العز الحريري، أحمد شفيق، حسام خير الله، حمدين صباحي، خالد علي، عبد الله الأشعل، عبد المنعم أبو الفتوح، عمرو موسى، محمد سليم العوا، محمد فوزي عيسى، محمد مرسي، محمود حسام، هشام البسطويسي. وتم استبعاد 10 مرشحين لأسباب مختلفة وهم: إبراهيم الغريب، أحمد عوض الصعيدي، أشرف بارومة، أيمن نور، حازم صلاح أبو إسماعيل، حسام خيرت، خيرت الشاطر، عمر سليمان، ممدوح قطب، مرتضى منصور. من بين المرشحين ستجد أسماء مجهولة استغلت الظروف الميسرة للترشح بعد الثورة، حيث كان من الممكن لأي حزب ممثل فى البرلمان ترشيح شخص للرئاسة بغض النظر عن عدد أعضاء الحزب فى البرلمان، تجربة انتخابات 2012 لم تتكرر، لم يتجاسر الترشح لمرة ثانية سوى اثنين: حمدين صباحى فى 2014 وخالد على فى 2018، أما باقى الأسماء فلم تحاول أن تكرر المحاولة سوى الفريق شفيق الذى تراجع فى قرار الترشح الذى سبق وصرح به، مرشحو 2012 معظمهم ابتعدوا عن الأضواء والنشاط السياسى حتى غير المنتمين لجماعة الإخوان المحظورة. (9) انتخابات 2012 الرئاسية كان فيها زخم إعلامى وحراك سياسى ومشاركة شعبية واسعة، كان متاح لجميع المرشحين إقامة مؤتمرات شعبية فى كل مكان والظهور فى مناظرات إعلامية، كانت الدولة بمؤسساتها على مسافة واحدة من جميع المرشحين وكذلك الإعلام الخاص والتابع للدولة، وفى جولة الإعادة بين شفيق ومرسى لم يتغير الأمر واستمرت المنافسة الحقيقية بينهما وحتى اللحظات الأخيرة لم تكن النتيجة محسومة لصالح مرشح منهما، هذا المناخ لم يتحقق فى انتخابات 2014، كانت المنافسة محصورة بين اثنين: عبد الفتاح السيسى وحمدين صباحى، وكانت النتيجة متوقعة ومحسومة لصالح السيسى، رغم عدم تقدمه ببرنامج، كان "مرشح الضرورة" كما أطلق عليه محمد حسنين هيكل حينذاك. (4) إحجام رجالات مصر من أصحاب القيمة والقامة عن منافسة السيسي فى الانتخابات الرئاسية، نتيجة طبيعية لما حدث خلال السنوات الأربع الماضية، الحراك الشعبى والتنافس السياسى لم يعد مطلوبا أو مرغوبا فيه، أفق الحلم بالتغيير وتحقيق أهداف ثورة يناير لم يعد مطروحا، حق التظاهر وحرية التعبير دخلا ضمن أعمال الشغب وتكدير الأمن العام، الذى يعاقب عليهما القانون، قانون الطوارىء جعل الجميع تحت المراقبة، تهم مطاطية تلصق بالنشطاء السياسيين وأعضاء فى أحزاب تمنعهم من ممارسة حقهم فى المشاركة السياسية ومنها: التكدير الأمن والسلم العام، محاولة قلب نظام الحكم، إهانة الرئيس، الالتحاق بعضوية جماعة محظورة، خيانة الوطن والتعامل مع وسائل إعلام معادية وغيرها. القبضة الأمنية الغليظة تغلق الطريق أمام أى مشاركة شعبية حقيقية فى فاعليات الانتخابات الرئاسية، وهى فاعلية لا تأتى إلا كل 4 سنوات والتحضير لها، لا يكون فقط بتأمينها وضمان سيرها على أكمل وجه، ولكن بتأمين الحريات العامة وضمانها. (6) الانتخابات الرئاسية 2018 فى مثل هذه الأجواء، ستكون انتخابات بطعم الاستفتاء ونكهة الفوز بالتزكية، انتخابات تتجاوز تكلفتها المليار جنيه كما نشر، لكنها لن تساهم فى تحسين صورة مصر فى الخارج ولا فى زيادة شعبية الرئيس السيسى فى الداخل .لكنها انتخابات الضرورة، فبدونها لن تكون هناك شرعية لاستمرار الرئيس السيسى فى حكم مصر. [email protected]