في الآونة الأخيرة ظهر عديد من ورش إعداد الممثلين، التي حلت محل مسرح الجامعة ومعهد الفنون المسرحية، وقدمت لنا العديد من النجوم الذين تألقوا على الساحة الفنية في مصر، حيث بدأت هذه الورش في سحب البساط من تحت أقدام معهد الفنون المسرحية، الذي قدم في مصر سابقًا نجومًا أمثال أحمد السقا ومحمد سعد وشريف سلامة وغيرهم. هذه الورش مجالها واسع، فهي لا تدرس التمثيل فقط، وإنما الإخراج والتأليف المسرحي وفن الارتجال، وتعمل على اكتشاف وصقل موهبة المتقدم عبر تدريبات مكثفة، حيث أثبتت هذه الورش نجاحها في صنع نجوم برزوا إلى الساحة الفنية، أمثال نضال الشافعي، وسامح حسين، وإيمان السيد، وياسر الطوبجي، ومحمد فراج، وغيرهم، وذلك عبر ظهورهم في مسرحيات قدمتها هذه الورش، حضرها مخرجون ومنتجون، أتاحوا لهم الفرص في الظهور للساحة الفنية. ومن أبرز المسرحيات التي حققت نجاحًا هائلاً مسرحية "قهوة سادة". المشكلة الكبرى أنه مع نجاح بعض هذه الورش، بدأ الكثير منها في الظهور، ومع قلة الجودة أصبحت الغالبية العظمة منها ربحية فقط، ولا تهدف إلى صنع شخصية مسرحية ملمة بكل جوانب وتفاصيل المسرح وعمله، فيما أجمع خبراء المسرح على أن المنتج الجيد سيفرض نفسه والسيئ سيختفي. المخرج المسرحي سمير العصفوري قال ل"البديل" إن التمثيل في الأساس موهبة فطرية يتمتع بها الشخص، ودور التعليم فيها هو مجرد إزاحة التراب عنها وإمدادها بالخبرة والنضوج، وعما يجري حاليًّا من كم الورش التي أصبحت منتشرة بشكل مزعج، أكد أنها "أصبحت أمرًا لا يطاق، فباختصار من يقول لك تعالى أعلمك التمثيل والإخراج نصاب، لازم تكون موهوب الأول". ولفت العصفوري إلى أن ورش التمثيل بها فئة كبيرة أصبحت تتاجر بحلم الشاب بوعده بأن تدخله المجال العملي بعد الورش، ثم ينتهي به المطاف إلى لا شيء، موضحًا "رغم قلة الأعداد التي تخرجها المعاهد الفنية، إلا أنه في الغالب لن تصبح كل الدفعة أحمد زكي مثلاً، وهذا راجع إلى صفة القبول بشكل أساسي، وهي صفة لا تكتسب في أي مكان، وإنما هي منحة من الله للفنان". وتابع المخرج المسرحي أنه في الماضي لم تكن هناك معاهد ولا ورش تمثيل، وظهر عمالقة كمحمود المليجي وغيره، هؤلاء أشحاص تمتعوا بالموهبة، وأعطتهم الخبرة موقعًا مميزًا في مكانهم، "وفنان مثل يحيى الفخراني لم يدرس التمثيل في أي مكان، وإنما نمى موهبته من الخبرة والتعلم في نفس الوقت". وأشار إلى أن التدريب على التمثيل في حد ذاته يختلف عن التمثيل الفعلي؛ لأنه يعتمد على منهج علمي، وتمنى المخرج المسرحي أن تتصدى النقابات الفنينة لهذه الظاهرة، التي أصبحت كريهة جدًّا، خاصة وأن الفن أصبح مهنة من لا مهنة له، فطفت على السطح أمور أصبحنا نشمئز منها. المؤلف المسرحي أبو العلا السلاموني يرى أن الموضوع من حيث المبدأ نوع من أنواع التوسع في الحركة المسرحية؛ لفتح طرق وأبواب جديدة أمام الشباب، حتى وإن احتوت على سلبيات، لكن سيظل المنتج الجيد هو من يفرض نفسه على السوق. وأضاف السلاموني ل"البديل" أن هذه الورش في الأساس ينضم إليها عدد كبير من الممثلين، لكن في نهاية الأمر يصبح عدد المتفوقين المتميزين الذين تخرجهم هذه التجربة ضئيلاً جدًّا، مشيرًا إلى أن "معهد الفنون المسرحية ليس كل خريجيه ممثلين". وتابع المؤلف المسرحي أنه "مع انتشار ونجاح هذه الورش، تحول الأمر إلى "سبوبة" لكثير من الناس، لكني أرى أن الورشة المتميزة التي تعلم التمثيل بحق، وتخرج فنانين، سينجذب إليها الجمهور دون تردد منه؛ لأنه يرى نتيجة على أرض الواقع أمامه".