تعرضت بحيرة البرلس، ثاني أكبر البحيرات الطبيعية فى مصر من حيث المساحة، لإهمال وتعديات خلال السنوات الماضية مما تسبب في تقلصها إلى 98 ألف فدان وهي نصف مساحتها تقريبا، وتنتج البرلس ما يقرب من 63 ألف طن من السمك سنويا أي ما يمثل 32% من إجمالي إنتاج البحيرات المصرية البالغ 170 ألف طن. وتعاني البحيرة من العديد من المشاكل منها مشكلة التجفيف والتلوث، وانتشار النباتات المائية والحشائش، والصيد المخالف وصيد الزريعة، وتتطلب عودة البحيرة لسابق عهدها مقاومة التلوث بمنع الصرف الصحي والصرف الصناعي، ومنع التجفيف لزيادة المسطح المائي للإنتاج السمكي. تقع بحيرة البرلس في محافظة كفر الشيخ بين فرعي نهر النيل بطول حوالي 65كم ومتوسط عرض 11كم، ويتراوح عمق المياه فيها ما بين 1,6-0,6كم، وهي بحيرة ضحلة وتزداد ضحالتها في الناحية الشرقية بينما يزداد الماء عمقا من الناحية الغربية والشمالية، وتتصل بالبحر الأبيض المتوسط عن طريق فتحة طبيعية غرب عزبة البرج تسمي بوغاز البرلس، وتتصل بنهر النيل عبر قناة برمبال, وينتشر بها حوالي 28 جزيرة غير مسكونة. ووفقا لدراسة أعدها الباحث بقسم بحوث التسويق في معهد بحوث الاقتصاد الزراعى، بمركز البحوث الزراعية الدكتور سرحان سليمان، تحت عنوان "الإنتاج السمكي في بحيرة البرلس في ضوء التغيرات البيئية الراهنة"، فإن التركيب الصنفي السمكي بالبحيرة وإنتاجيتها تدهورت نتيجة تعرضها لعدة مشاكل أثرت على طبيعتها وعلى نمو واستقرار الإنتاج بصفة خاصة، نتيجة تغير البيئة الغذائية بالبحيرة من درجات الملوحة ونوعية النباتات بها. وأوضح سليمان، أن البحيرة تعرضت للعديد من المشكلات التي أثرت على أدائها، وتراجعت طاقتها الإنتاجية حتى انخفضت عام 2013 عن مثيلتها عام 1995 بنحو 19.11%، مما يدل على تعرض البحيرة لمشكلات تتعلق بنمو واستقرار الكمية المنتجة ونوعية وجودة الأصناف السمكية المنتجة. وبينت النتائج التي توصل إليها الباحث تناقص كمية الإنتاج السمكي من البحيرة بمعدل سنوي بلغ نحو 0.05% بسبب التلوث البيئي الذي يؤثر سلبا على البيئة الغذائية للأسماك، وانعكس ذلك على الكمية المنتجة، كما تعرضت البحيرة إلى الكثير من التغيرات الكمية بسبب التجفيف والصيد الجائر وأطماء البواغيز، إضافة إلى الأنواع الأخرى من التلوث، أبرزها التلوث الناتج عن مختلف أنواع الصرف، والذى يقدر بنحو 652 مليون متر مكعب سنويا. وأوضح الباحث ازدياد معدلات بعض الملوثات العضوية ببحيرة البرلس عن المعايير والمواصفات المسموح بها مثل "النتريتات، الفوسفور الفعال، والفوسفور الكلي"، ما أدى لتناقص معدلات التغير السنوية لأصناف البياض، البلطي، والنقط بنحو %3.99، %2.55، %0.9 لكل منها على الترتيب، مما يؤثر على الكمية المنتجة من الأسماك، مشيرا إلى أن الأصناف الثلاثة تمثل نحو %58.4 من إجمالي إنتاج البحيرة، بينما تزايدت بعض الأصناف بدرجة ملحوظة مثل دفاس، مبروك الحشائش، والقراميط، وبلغ معدل التغير السنوي لكل منها نحو %20.01، %8.96، %3.73 على الترتيب، وهذه الأصناف تزيد بزيادة الملوثات وتكاثر الغاب والحشائش، وهي غير مرغوب فيها ولا تلقى إقبالا من المستهلك المصري. وقدم الباحث بعض المقترحات لتحسين بيئة الصيد بالبحيرة أهمها العمل على الحد من تناقص بعض الأصناف خاصة "البلطى، البياض، النقط" بتوفير بيئة مناسبة للتكاثر والمحافظة على البيئة الغذائية الطبيعية، وكذلك تزويد البحيرة بأنواع من زريعة هذه الأصناف محاولة للمحافظة على معدلات الكمية المنتجة منها خلال العام، بالإضافة إلى الحد من تلوث البحيرة سواء البيئي أو الصحي أو الصناعي، و وتكثيف الحملات الأمنية لوقف الصيد الجائر، ووقف التعديات، ومنع الصيد بالمراكب الآلية التي تستخدم المواتير أو ما يسمى باللنشات والتي تعمل على زيادة التلوث وتزيد من حمل الصيد بالبحيرة، علاوة على التطهير المستمر للبحيرة نظرا لارتفاع مستوى القاع، وكذلك إزالة الغاب والبوص. وأوصت الدراسة بتدريب الصيادين على مهنة أخرى بجانب مهنة الصيد حتى لا يتأثر مستوى دخلهم في حالة تقلب الظروف الجوية، نظرا لكبر نسبة المتفرغين لمهنة الصيد فقط والتي بلغت حوالي 87.9%،كما أنه، ونظرا لكثرة عدد الصيادين الذين لا يجيدون القراءة والكتابة ما يمثل عقبة في سبيل توعيتهم وإرشادهم بالتوصيات الفنية اللازمة لتنمية بحيرة البرلس، يجب إلحاقهم بمدارس محو الأمية، إضافة إلى حل مشكلة تهريب الزريعة، وتوفير شفاطات دائمة بالبحيرة لإجراء عملية التكريك مع تطهير البوغاز وتوسيعه.