من فكرة داخل الشركات الخاصة إلى مبادرة عامة.. هذا هو الحال في مصر بعد غلاء الأسعار، الذي أجبر الكثير من المواطنين على عدم شراء الملابس الجديدة، وهو ما أدى إلى خفض نسبة البيع لدى كثير من المحلات، حيث تبحث غرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات كيفية تطبيق مبادرة بيع الملابس بالتقسيط مع بعض البنوك العاملة في السوق المحلية. وتتضمن المقترحات أن تشمل المبادرة كل من يحمل بطاقة ائتمان بنكية، والموظفين، سواء بالقطاع العام أو الخاص، وفقًا لآليات تحددها البنوك بالفائدة التي سيتم الاتفاق عليها، ومن المتوقع أن تدخل المبادرة حيز التطبيق اعتبارًا من العام المقبل. وتهدف المبادرة إلى بيع الملابس للمواطنين بالتقسيط بفترة سداد تصل إلى 6 أشهر، على أن تتحمل المصانع ومحلات الملابس الجاهزة المشاركة بالمبادرة قيمة الفائدة البنكية، تسهيلاً على المواطنين، وذلك لإحداث رواج في سوق الملابس الجاهزة، خاصة مع انخفاض المبيعات خلال العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي 2016، بنسبة لا تقل عن 30%. البنك الأهلي المصري تعاقد مع عدد كبير من المحلات لبيع منتجاتها بالتقسيط، وخاصة المنتجات الكهربائية والموبايل، من خلال بطاقات الائتمان الخاصة بالبنك، وحتى الآن لم يتم تطبيق بيع الملابس بالتقسيط عبر بطاقات الائتمان الخاصة بالبنك. وتتفاوض غرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات مع عدد من البنوك حول الآليات الخاصة بتطبيق المبادرة، بعد أن لقيت المبادرة إقبالاً كبيرًا من شركات ومحال بيع الملابس الجاهزة، التي يجري حصرها حاليًّا. وقال الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، إن تعميم فكرة بيع الملابس بالتقسيط وطرحها كمبادرة جاءت بعد الزيادة الكبيرة في تكلفة الإنتاج والأسعار، خاصة مع ظهور ملابس موسم الشتاء بالأسواق والمحال، وسط حالة من الركود في حركة البيع، ما كان سببًا في التفكير لإيجاد وسيلة تخدم أطراف السوق. وأوضح عامر أن صناعة الملابس في مصر تواجه عدة تحديات، من أهمها ارتفاع أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج، حيث إن نسبة كبيرة من مستلزمات الصناعة مستوردة، وهو ما يرفع أسعار التكلفة نتيجة لارتفاع أسعار الدولار، مشيرًا إلى أن أغلب خامات الإنتاج غير متوفرة محليًّا، وكذلك ماكينات الصناعة الحديثة وقطع غيارها، مشيرًا إلى أن عديدًا من منتجات الملابس الجاهزة لا مفر من استيرادها؛ لعدم توفرها محليًّا، الأمر الذي جعل ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملة المحلية المُحدد الرئيسي للأسعار. وكشف أن الإنتاج المحلي من الملابس يغطي نحو 40% من احتياجات السوق، أي أن الحاجة للاستيراد ليست من منطلق الرفاهية واتباع الموضة، وإنما ضرورة لتغطية الطلب من المستهلكين، وأن واردات مصر من الأقطان والمنسوجات والملابس والسجاد بلغت نحو 3.05 مليار دولار خلال عام 2016، مقابل 4.1 مليار دولار للعام السابق عليه. وأشار إلى أن التوسع في هذا النشاط يستدعي من الشركات المنتجة والموردين والتجار زيادة الاهتمام بخدمات ما بعد البيع والصيانة، كما يستدعي أن يكون هناك دور أقوى لجهاز حماية المستهلك؛ لضمان عدالة المعاملات التجارية؛ فإن محدودي الدخل يلجؤون إلى نظام التقسيط؛ للحصول على سلع لا يمكنهم تسديد ثمنها دفعة واحدة، حيث تشير دراسات إلى أن 70% من هؤلاء يشترون سلعهم عن طريق التقسيط، و35% منهم يعجزون عن السداد.