شهدت السنوات الخمس الماضية، انتشارا كبيرًا لثعابين الكوبرا بمحافظات الصعيد، والتي تُصنف "الأكثر خطورة" على حياة الأهالي وتؤدي لدغتها إلى الموت في الحال؛ نظرًا لقوة سمها وتوغله في جسد الإنسان سريعًا. انتشار "الكوبرا" لم يقتصر كسابق عهده على المناطق المتاخمة للصحراء، لكن امتد إلى الزراعات والقرى، ووصل إلى العديد من المناطق السكانية، بل والمؤسسات الحكومية، ليدق الزاحف القاتل ناقوس الخطر بتوسعاته، خاصة بعد العثور عليه في مناطق يتكدس بها المواطنون، سواء كانت منازل أو مراكز تخدم الآلاف، وتتردد التساؤلات عن "النمس" لقتل تلك الثعابين. وظهر وجود الكوبرا بشكل مريب حتى تم صيده مؤخرا في بنك الدم بمستشفى ملوي بالمنيا وتمكن العمال من قتله، وقال حينها مسؤولو المستشفى، إن موقعهم محاط تماما بالزراعات التي تمتلئ بمثل تلك الثعابين، كما هاجم ثعبان آخر عمال برج بمحطة قطارات السكة الحديد بنفس المركز وبعد محاولات قاربت الساعة تم قتله، أيضا، تم صيد "كوبرا" ثالثة بإحدى مدارس مركز مطاي، وغيرها من الوقائع المتكررة. ولم يختلف الوضع في المحافظة المجاورة؛ ففي بني سويف، تم قتل ثعبان كوبرا بمدرسة الفشن الزراعية، وآخر بمدرسة منفلوط الإعدادية بنات بأسيوط، وغيرها من الوقائع المتتالية، وما يفعله العاملون، استدعاء ما يطلق عليهم "الرفاعية"، للتمكن من صيد الثعابين. وقال محمد حسين، منسق عام اتحاد الفلاحين بالمنيا، إنه لا يمكن لأحد إخفاء حقيقة انتشار الثعابين الكوبرا بشكل ملحوظ في الصعيد، ما يعيد للأذهان انتشارها منذ 20 عامًا بعد اختفاء حيوان النمس حينها، الذي كان يقتل الثعابين ويتغذى عليها بكثافة، لكن مع اختفائه انتشرت الثعابين، قبل أن يظهر منذ سنوات قليلة ماضية ويعود للاختفاء نسبيا في الوقت الحالي، مضيفا أن الثعابين الكوبرا لا يمكن رصدها بسهولة، خاصة أنها من الزواحف البرمائية وتتمكن من العيش في الماء والزراعات، وتتسلل داخل مواسير الصرف والري وغيرها، ولا يمكن ملاحظتها بسهولة. وأضاف حسين ل"البديل"، أن أبرز الأسباب التي أدت لقلة أعداد حيوان النمس، إلقاء سم الفئران بشكل كبير من الفلاحين بمحيط زراعاتهم للمحافظة على المحاصيل ولمكافحة الفئران، ما يتسبب في قتل أعداد ليست بالقليلة من النمس، مطالبا بحلول حقيقية خوفا من انقراضه، موضحا أن الثعابين نفسها رغم خطورتها، إلا أنها تتغذى على الفئران بشكل كبير؛ فتعد سلاحا ذو حدين، لكن ملاحظة المشكلة والعمل على حلها أمر مهم للغاية. "رصد ظاهرة انتشار الثعابين الكوبرى وأبرز أسبابها، غاب عن أعين المسؤولين بالبيئة، ولا توجد عنها دراسات أو أبحاث".. هكذا قال محمد ناجي، مدير مركز حابي للحقوق البيئية المختص برصد ظواهر التوازن والخلل البيئي، مضيفا أن ظاهرة انتشار الثعابين الكوبرا ومدى تسبب اختفاء "النمس" في زيادتها لا يمكن الجزم بها، لكنها ظاهرة مهمة تحتاج إلى دراسة سريعة، ويترتب عليها كثير من الخطوات فيما بعد، سواء لرصد الثعابين أو لإنقاذ كائن يوشك على الانقراض. وأكد رمضان علي سليم، متعهد ترويض الثعابين الكوبرا وأشهر صائدها في الصعيد ونقلها إلى مراكز البحوث بالجامعات، أن صيده للثعابين الكوبرا يكاد لا يتوقف أسبوعيا في محافظات الصعيد، ليس في المناطق الصحراوية والنائية فقط، بل في الزراعات القريبة من المنازل أيضا، وداخل المؤسسات الحكومية المختلفة، خاصة الوحدات الصحية، ومن داخل المنازل عند استدعائه من قبل بعض المواطنين، مؤكدا أن "الكوبرا" انتشرت بشكل مريب يثير القلق، تعرض حياة الأهالي للخطر وليس من السهل قتلها. وأوضح سليم ل"البديل" أن حيوان النمس يعد الأكثر قدرة منع انتشار الثعابين وملاحقتها بمناطق عديدة، على عكس الحرباء التي تتلون بلون المنطقة التي تختبئ فيها، لكنها ضعيفة، مطالبا بالتوقف عن قتل النمس الذي يلعب دورا بيئيا مهما.