يحكي أحمد فتحي أن هذا الجيل هو الأكثر محبة لبعضهم البعض ممن عاصرهم، وتريزيجيه يقول بأن بدلاءه ومنافسيه في نفس مركزه، كهربا ورمضان صبحي، هم أكثر من كانوا يشجعونه خلال المباراة ذاتها. هذه الروح بين لاعبين جمعهم حلم واحد، هو النهوض بالفريق ككل، دون النظر لحلم شخصي لكل لاعب سواء بالمشاركة والتألق من أجل تحسين أوضاع كل لاعب في ناديه. ولاشك أن أداء الجهاز الفني قد ساهم كثيرا في تعميق هذه الروح. فهيكتور كوبر دائما مايتعمد مدح اللاعبين جميعهم وزرع الثقة فيهم، ولايحبذ المديح للاعب بعينه. كان حلم الصعود لبطولة غبنا عنها لعشرات من سنين فاتت هو ماجمع أفراد هذا الفريق، فتناسى اللاعبون أحلامهم الشخصية من أجل هدف المجموع الأسمى، فهل تستمر تلك الروح الجماعية لمرحلة مابعد الصعود ونحن نخوض مبارياتنا في كأس العالم؟ في موسم 2014-2015 جمع جيل الزمالك "المجدد" حلم واحد: هو الفوز ببطولة دوري غابت عنهم طويلا، فكان إنكار الذات بائنا من اللحظة الأولى وحتى الأخيرة من عُمر الدوري في ذلك الموسم، الصور الجماعية بعد كل مباراة، لا أزمات تطفو على السطح من البدلاء بسبب قلة المشاركة، التزام اللاعبين بتعليمات الجهاز الفني، وقد ساهم ذلك في التتويج بالدوري والكأس في النهاية. ولكن نفس هذا الجيل وكثير من لاعبيه هم من ركز بعضهم على أنفسهم وتمحوروا حول ذواتهم في العام التالي، فاختفت مظاهر العمل الجماعي المشوب بالحب والتعاون، ودبت المشكلات سواء بين اللاعبين وبعضهم البعض، أو بينهم وبين الأجهزة الفنية المتعاقبة، وكان لهذه الروح الفردية أكبر الأثر في خسارة البطولات فيما بعد. هل يتخلى كهربا عن حلم المشاركة في البطولة من أجل زميله تريزيجيه؟ وسعد سمير وعلي جبر من أجل حجازي وربيعة؟ هذه البطولة قد تكون الأخيرة في مسيرة المحمدي وحسام عاشور، فهل سيصمتان وهما يشاهدان فتحي والنني يرددان السلام الوطني في الملعب دونهما؟ ماذا لو كان العكس؟ فتحي يجلس احتياطيا للمحمدي أو يقوم الاثنان بالإحماء انتظارا لشغل مكان عمر جابر مثلا! وما حال الحضري؟ تلك حكاية أخرى… هذا الكلام ليس للتشكيك في دور الجهاز الفني التحفيزي، أو غرضه النيل من حب اللاعبين لبعضهم، بل باعثه القلق الطبيعي على مستقبل هذه الفئة المتجانسة للاعبين، ومن ثم فعلينا كمحللين أن نقدم بعض النصائح للحفاظ على هذه الروح، من خلال روشتة نضعها بين يدي الجهاز الفني للفريق، الذي عليه الدور الرئيسي في الحفاظ على تماسك الفريق. تلك الروشتة تحمل أربعة عوامل لاستمرار النجاح الجماعي للفريق 1- الحزم لطالما كان كوبر حازما فيما يتعلق بمن يهدد استقرار اللاعبين في غرفة الملابس، ولذلك فاستمرار هذه السياسة ضروري بشكل أكبر مما سبق. 2- العدالة إن كالت الإدارة مع اللاعبين بميكيالين، خاصة في الثواب والعقاب، لتحابي لاعبا على الآخر، فانتظر الفشل في نهاية المطاف. 3- الدافع النفسي أوصل الجهاز الفني واللاعبون أنفسهم لمرحلة، أنهم ينتظرون أي تجمع للمنتخب كي يلتقوا مع بعضهم البعض مرة أخرى، هذه الروح وجمال مايربط اللاعبين ببعضهم، ومابينهم من ذكريات وأسرار، تظل دافعا معنويا رائعا. 4- والأهم هو: العامل الذهني لا أظن أن طرق التحفيز التقليدية سوف تجدي نفعا طالما أردنا تقديم دوافع مستمرة وأكثر قوة لكي ينبذ اللاعبون أنانيتهم وفرديتهم ومن أجل توجيه أذهانهم إلى التفكير الجماعي كأولوية مقدمة على الشخصنة والأحلام الفردية، وعليه فلابد أن يصير التفكير لمصلحة المجموع عقيدة وقناعة نظرية، لا مجرد حالة مؤقتة مرتبطة بحلم قصير الأمد. لابد أن يعي اللاعبون أن الجماعية والتضحية تنعكس بالإيجاب لكل فرد، فالجماعية غرضها مصلحة الفرد نفسه وليس العكس. إن المصلحة الحقيقية لأي إنسان هي في أن يتلقى المعرفة والعلم، وأن يتحلى بالقيم والأخلاق الفاضلة، وقيمة أي عمل جماعي يتشارك فيه الأفراد بالتضحية من أجل الآخرين تعود في النهاية على ذواتهم، وتصب في مصلحة كل فرد بأن يكتسب الصبر، والتضحية، والإخاء، وحب الآخرين ومساعدة الغير، وهي قيم وأخلاقيات لايمكن لكل فرد أن يتسم بها بدون التفاعل مع الأفراد والاندماج معهم في منظومة واحدة لاقيمة للفرد فيها في ذاته.