ردا على التدخلات الأمريكية في الشأن الداخلي لكمبوديا، طلب رئيس وزراء كمبوديا هون سين، أمس الأحد، حسب ما أفادت وسائل إعلام، وقف كل المساعدات التي تقدمها لبلاده، بعد أن أعلنت واشنطن أنها لن تسهم في تمويل الانتخابات العامة التي ستجرى في كمبوديا، العام المقبل، وذلك اعتراضا على حل حزب المعارضة الرئيسي في البلاد وهو "حزب الإنقاذ الوطني" الكمبودي. وصدر قرار حل "الإنقاذ الوطني"، الخميس الماضي، في أعقاب حملة استمرت على مدى أشهر ضد المعارضة ووسائل الاعلام والمنظمات غير الحكومية، وقال رئيس وزراء كمبوديا، إن قطع المساعدات الأمريكية لن يقتل حكومته ولكنه سيقتل فقط مجموعة من الأشخاص الذين يخدمون السياسات الأمريكية. التوتر بين واشنطن والسلطات الكمبودية ليس الأول من نوعه، فقد سبق هذا التوتر مجموعة من التوترات وصلت إلى حد اتهامات كمبودية لواشنطن بالتآمر على السلطة، فالتصعيد الأخير جاء على خلفية تصريح للولايات المتحدةالأمريكية، يوم الجمعة الماضي، قالت فيه إنها ستقطع التمويل عن الانتخابات، وتعهدت باتخاذ "خطوات محددة" إضافية، وهو التصعيد الذي جاء بعد أن حلت المحكمة العليا الكمبودية "حزب الإنقاذ" المعارض بطلب من الحكومة، على أساس اتهام الحزب بأنه يتآمر للاستيلاء على السلطة، فيما نفى الحزب الاتهامات الموجهة له. وذكرت مواقع إخبارية موالية للحكومة الكمبودية أن رئيس وزرائها رحّب، في خطاب ألقاه أمام عمال في مصانع ملابس، بقطع المساعدات الأمريكية، بل وحث واشنطن على قطع كل المساعدات. كان شهر سبتمبر الماضي قد شهد إرهاصات التوتر الأمريكي الكمبودي، حيث دعا رئيس وزراء كمبوديا، الولاياتالمتحدة، إلى سحب المتطوعين العاملين في هيئة السلام الأمريكية، في إطار الخلاف المتصاعد بشأن اتهامات بأن عملاء للولايات المتحدة متواطئون مع زعيم المعارضة الكمبودية المتهم بالخيانة والتآمر للاستيلاء على السلطة. وجاءت الدعوة الكمبودية بسحب المتطوعين الأمريكان، بعد أن أصدرت السفارة الأمريكية، في العاصمة الكمبودية "بنوم بنه"، تحذيرا من السفر حثت فيه المواطنين الأمريكيين على توخي الحذر، وسط تصريحات معادية للأمريكيين من جانب مسؤولين كمبوديين، وكان 71 متطوعا جديدا من هيئة السلام قد أدوا اليمين في السفارة الأمريكية، وترسل هيئة السلام الأمريكية متطوعيها إلى الخارج للمساعدة في مشروعات محلية، وتزعم واشنطن أن عمل الهيئة الأمريكية يأتي في إطار هدف معلن يتمثل في تشجيع التفاهم المتبادل. من جهتها، رفضت واشنطن التعقيب على تصريحات "سين" الأخيرة بتعليق المساعدات، ولكنها، في وقت سابق، نفت الاتهامات الكمبودية لها بالتواطؤ مع زعيم المعارضة كيم سوخا، ودعت إلى الإفراج عنه، وفي نفي واشنطن للاتهامات الكمبودية، ذكرت الولاياتالمتحدة، يوم الجمعة الماضي، أن القرار الكمبودي "استند إلى مزاعم غير صحيحة ومسيسة"، وأن الانتخابات التي ستجرى العام المقبل لن تكون "شرعية وحرة ونزيهة"، وجاء في بيان للبيت الأبيض "ستتخذ الولاياتالمتحدة خطوات ملموسة للرد على الأعمال المؤسفة للغاية من جانب الحكومة الكمبودية". الاتحاد الأوروبي، من جانبه، تبنى الموقف الأمريكي تجاه الانتخابات الكمبودية المقبلة التي ستجرى في عام 2018 ووصفها بأنها "غير شرعية" بدون مشاركة حزب "الإنقاذ الوطني"، وهدد بأن "الاستبعاد التعسفي" للمعارضة يمكن أن يضر باتفاق تجارة تفضيلي بين كمبوديا والاتحاد الأوروبي. كان رئيس الوزراء الكمبودي قد أمر بالتحقيق فيما إذا كان أمريكيون قد تورطوا مع الزعيم المعارض كيم سوخا، الذي تصعد واشنطن التوتر من أجله، وفي المقابل يتهم معارضون هون سين، بإلقاء القبض على سوخا، زعيم الحزب الأكثر شعبية في البلاد، والتضييق على وسائل الإعلام المستقلة، وشخصيات معارضة أخرى قبل الانتخابات العامة العام المقبل. بالإضافة إلى المعونة التي تقدمها الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى كمبوديا، والتي تبلغ سنويًا 745 مليون دولار أمريكي، أعلنت السفارة الأمريكية، في أبريل الماضي، تقديم منحة قيمتها 1.8 مليون دولار، للمساعدة في تمويل الانتخابات المحلية العام الجاري، والانتخابات العامة السنة القادمة. يذكر أن رئيس الوزراء الكمبودي هون سين، الذي يحكم كمبوديا منذ أكثر من 3 عقود، قد تبنى موقفا مناهضا للولايات المتحدةالأمريكية في ظل تصاعد التوترات في الفترة التي تسبق إجراء الانتخابات العام المقبل. من ناحية أخرى، يرى مراقبون أن كمبوديا ليست المتضرر الوحيد من التدخل الأمريكي في الشأن الداخلي للدول من بوابة المعونات، فقد أبدت مصر، الشهر الماضي، استياءها من تخفيض واشنطن للمعونات التي تقدمها لها، على خلفية اتهامات أمريكية للقاهرة بانتهاكات في مجال حقوق الإنسان، وعانت فلسطين، مؤخرا، من نفس الضغوط، كما أقرت لجنة بمجلس النواب الأمريكي، الأربعاء الماضي، مشروع قانون من شأنه أن يخفض بشدة مساعدات قدرها 300 مليون دولار تقدمها الولاياتالمتحدة سنويا للفلسطينيين ما لم يتوقفوا عما وصفه المشرعون بالمكافأة على جرائم العنف.