بدأت، يوم الثلاثاء الماضي، جلسة الحوار الفلسطيني، في القاهرة بين حركتي فتح وحماس، لإنجاز المصالحة برعاية مصرية، وفي الوقت الراهن بدأت تظهر للإعلام إرهاصات عن التوصل لاتفاق بين فتح وحماس، حيث قالت الأخيرة، فى وقت سابق اليوم، إنها توصلت إلى اتفاق مع حركة فتح، على بدء تطبيق المصالحة، وإن التفاصيل ستعلن فى مؤتمر صحفى اليوم. وحتى اللحظة لا تزال مواقف الكيان الصهيوني من المصالحة الفلسطينية خجولة جدًّا، صمت يشبه إلى حد كبير الرصد والترقب، خاصة في ظل ما يبدو إجماعًا إقليميًّا ودوليًّا لإنهاء الانقسام الفلسطيني، لكن ذلك لم يمنع وجود اختلاف في وجهات النظر الإسرائيلية من نتائج المصالحة الفلسطينية وتأثيرها على الكيان. رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لم يقدم موقفًا رافضًا، بل أعلن منذ خطوات المصالحة الأولى عن ثلاثة شروط قال إن الكيان معنيٌّ بها، وهي الاعتراف بما يعرف بدولة إسرائيل، وحل كتائب القسام، وقطع علاقة حماس مع طهران. نفتالي بينيت، رئيس حزب "البيت اليهودي" ووزير التربية والتعليم، ابتز الحكومة ودعاها كمتحدث باسم اليمين المتطرف إلى إعادة تحديد العلاقة المالية مع السلطة وقطع عائدات الضرائب عنها. الكاتب في صحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هارئيل، اعتبر أن المصالحة قد تعني تهدئة طويلة الأمد على حدود غزة. يهود يائيري، المحلل في القناة الثانية العبرية فسّر الصمت الإسرائيلي والتصريح الخجول بشأن المصالحة، بإعطاء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي ضوءًا أخضر لإنهاء الانقسام. صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية قالت إن المصالحة من شأنها أن تسمح بتواجد قوات أمنية تابعة لفتح داخل الأراضي التي تسيطر عليها حماس فى غزة، مشيرة إلى أن هذا من شأنه أن يسمح بنشر حوالي 30 ألف عنصر أمني تابعين لفتح بغزة خلال عام. وتابعت الصحيفة أنه بموجب الاتفاق، فإن حماس ستظل هي القوة الأبرز، حيث إنها تمتلك ما يقترب من 25 ألف مقاتل مسلح جيدًا ومدرب، وخاضت ثلاث معارك مع إسرائيل منذ العام 2008. صحيفة هآرتس العبرية تناولت في تقرير لها ملف المصالحة، وأكدت أن إسرائيل ترى أن تحقيق المصالحة الفلسطينية أمر محفوف بالمخاطر، حيث استبعد العديد من المسؤولين الإسرائيليين توصل الأطراف الفلسطينية إلى تسوية شاملة، مشيرة إلى أكثر النقاط تعقيدًا في المفاوضات، وهي مستقبل أسلحة حماس في قطاع غزة. وبحسب التقرير، يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن الأطراف الفلسطينية قد لا توافق في نهاية المطاف إلا على مصالحة محدودة، والتي من المتوقع أن تفضي إلى وجود رمزي للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، علاوة على إلغاء العقوبات التي فرضتها حكومة فتح على غزة في الربيع الماضي. واعتبرت الصحيفة العبرية أن الانقسام بين الفصائل الفلسطينية أهدى نتنياهو حجة دبلوماسية أمام مطالبات المجتمع الدولي باستئناف عملية السلام، وذلك على أساس أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لا يمكن أن يضمن أي اتفاق في المستقبل. أسف جافور، الصحفي المقرب من نتنياهو قال إن رعاية مصر للمصالحة تشكل ضامنًا للأمن الإسرائيلي، وتخفف من المخاطر المتوقعة من حركة حماس. لكن الجميع في اليمين واليسار يجمع أن سلاح المقاومة هو المشكلة الرئيسية من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن لا يمكن انتزاعه بالقوة، وهو ما أكده بشكل خاص ألون بن ديفيد، المحلل في صحيفة معاريف، إذ اعتبر أن حماس ستمنح السلطة الفلسطينية الحكم المدني، وستحتفظ بالسيطرة الأمنية في غزة. ويبدو أن نقطة سلاح حماس مطروحة وبقوة على أجندة إسرائيل، لكنها مؤجلة في الوقت الراهن، وقالت مصادر من فتح إن رئيس جهاز الاستخبارات المصرية، خالد فوزي، طالب أبو مازن بعدم فتح أي أمور متعلقة بسلاح المقاومة في الوقت الراهن، قائلاً له إنه سيكون لكل حادث حديث، وإن وقت هذا الملف لم يحن بعد. ويبدو أن هذه النقطة ستشكل مسارًا للجدل بين فتح وحماس، فالرئيس الفلسطيني ما زال يراهن على الحلول السلمية في التعاطي مع الكيان الصهيوني، وجهة نظر أبو مازن بشأن سلاح حماس عكسها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، جبريل رجوب، حيث قال إن فتح تريد سلطة فلسطينية بسلاح واحد والاتفاق على برنامج سياسي مشترك. وسط كل هذا لم يصدر تصريح رسمي إسرائيلي عن مرحلة ما بعد المصالحة، أي عن العلاقة الإسرائيلية الفلسطينية في الضفة وغزة، وعن علاقة المصالحة بعملية التسوية من وجهة النظر الإسرائيلية.