كانت محافظة الغربية تنتظر اليوم في احتفالها بعيدها القومي افتتاح المشاريع العملاقة التي أعلن المحافظ والمسؤولون عنها، إلا أن حظها كان سيئًا للغاية، حيث جاء احتفال هذا العام وسط غضب عارم لتجاهل الأجهزة التنفيذية لمشاكل المحافظة المتعددة والفشل في تنفيذ كافة المشاريع والمدن الصناعية التي تم الإعلان عنها في احتفالات العام الماضي، وتضم المحافظة العشرات من القرى الأكثر فقرًا، والتي تعاني من انعدام الخدمات وسوء المرافق وانهيار مؤسساتها من مدارس ووحدات صحية ومعاهد ومحطات شرب وصرف صحي، فيما تشكو مدن المحافظة من إهمال المسؤولين وتركيزهم فقط على العاصمة طنطا على حساب المدن الأخرى، مثل المحلة وزفتى والسنطة وبسيون وقطور وكفر الزيات. فضلاً عن التسهيلات التي تقدمها المحافظة للمستثمرين، كمنح الأراضي والإعفاء الضريبي الذي يصل لمدة عشر سنوات. وبالرغم من كل ذلك فإن مناخ الاستثمار في المحافظة ليس على المستوى المأمول، وحتى المشاريع التي أعلنوا عن افتتاحها منذ أعوام ومنها "المنطقة اللوجيستية" التي تقام على مساحة 85 فدانًا على طريق طنطا – قطور لم يتم الانتهاء منها حتى الآن، والعمل متوقف بالمشروع. نفس الحال بالمنطقة الصناعية الكبرى التي تعمل في مجال صناعة الغزل والنسيج، وكذلك المدينة الصناعية بقرية "كتامة" التابعة لمركز بسيون، والتي تعد من أهم قرى الغربية في صناعة الأثاث والموبيليا والدهانات، والمنطقة الصناعية بقرية دفرة، دون الإعلان عن أسباب حقيقية لذلك التوقف. ووجه المئات من المواطنين انتقادات حادة للأجهزة التنفيذية، وعلى رأسها اللواء أحمد ضيف صقر محافظ الإقليم، متهمين إياه بالفشل في التصدي لمشاكل انتشار القمامة بمعظم المدن والقرى، وعدم تنفيذ مشاريع الصرف الصحي ب 20 قرية تم إدراجها بعد توفير الاعتمادات المالية اللازمة لها، والفشل في مواجهة الإهمال الوظيفي والفساد المنتشر بالمحليات والصحة والتربية والتعليم، وعدم إنهاء الظهير الصحراوي الذي يساعد في إقامة المشاريع التي تجلب للمحافظة مزيدًا من الاستثمارات. كما فشلت الأجهزة التنفيذية في مواجهة ظاهرة انتشار المواقف العشوائية للسيارات، والتي يقيمها بعض المواطنين، ويفرضون إتاوات على السائقين، إلى جانب احتلال الكافيهات المخالفة لجميع الاشتراطات وبدون ترخيص الشوارع المحيطة، والتي تستخدم حرم الطريق العام دون رادع أو حسيب، رغم وجود قرارات غلق وإزالة لعدد كبير منها، إلا أن المسؤولين تقاعسوا عن التنفيذ بسبب سطوة ونفوذ أصحابها، بالإضافة إلى تحويل المستشفيات العامة إلى مقار لتعذيب المرضى، وأصبحت الرعاية الصحية مطلبًا عزيزًا، واستمرار غرق شوارع العجيزي والحكمة وكفرة السجن بطنطا والجمهورية والهياتم بالمحلة بمياه الصرف الصحي، وانقطاع مياه الشرب لأكثر من 3 أيام متتالية بقري بسيون وقطور، وسط تجاهل المسؤولين، رغم تقدم الأهالي بشكاوى رسمية إلى ديوان عام المحافظة. وفى ذات السياق دشن المئات من شباب المحافظة حملة شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ للمطالبة بمحاسبة المحافظ وعدد من القيادات التنفيذية؛ لعدم التحرك لعلاج الأزمات التي تشهدها الغربية، كما نددوا بتخاذل أعضاء مجلس النواب في أداء دورهم الرقابي في محاسبة المسؤولين المقصرين في أداء واجبهم، والتفرغ للمصالح الشخصية على حساب المواطنين. من جانبه أكد اللواء أحمد صقر، محافظ الغربية، أن المحافظة تعمل جاهدة من أجل رفع الاستثمار، وتقدم كافة التسهيلات لرجال الأعمال؛ من أجل جذب مزيد من فرص الاستثمار، ومن خلال إنشاء مدن صناعية جديدة تستوعب عددًا كبيرًا من الشباب، وهي مشاريع جادة تدعم الاستثمار، وتحقق رواجًا اقتصاديًّا منعشًا للمحافظة، وسيتم الانتهاء منها قريبًا. وأضاف صقر: أعمل جاهدًا بحكم الإمكانيات على النهوض بكافة المرافق والخدمات، وفي مقدمتها النظافة والصحة، وأهل الغربية على رأسي، والفاسد ليس له مكان بيننا. أما المال العام فهو عندي خط أحمر، لافتًا إلى أن الغربية ليست طنطا أو المحلة فقط، فالمواطن في القرى والنجوع له نفس حقوق مواطن المدينة. يعود تاريخ الاحتفال بالعيد القومي لمحافظة الغربية إلى أوائل أكتوبر سنة 1798 عندما ظهرت أعراض الثورة في طنطا على نابليون، وأجمع أهلها على الامتناع عن دفع الضريبة أو الغرامة التي تفرض عليهم، فأرسل نابليون إليها كتيبة من الجنود، وعهد إليها باعتقال زعماء المدينة وأخذهم رهائن. وفي 7 أكتوبر 1798 وصل الكولونيل "لو فيفر" تجاه طنطا، ورابط بجنوده أمامها، وأرسل إلى حاكم المدينة سليم الشوربجى يأمره بإرسال أربعة من كبراء المدينة ليكونوا رهائن عنده؛ حتى تستقر الأمور، ولكنه جاءه بأربعة من أئمة مسجد السيد أحمد البدوي، وعندما هم "لو فيفر" بإرسال الرهائن إلى القاهرة، هرع الأهالي وهم يصيحون صيحات الغضب والثأر للرهائن، ويرفعون بيارق الطرق الصوفية على اختلافها، واندفعوا على الكتيبة الفرنسية، فقامت معركة كبيرة بين الطرفين استمرت أربع ساعات، ورغم التفاوت الواضح في قوة السلاح بين الطرفين، إلا أن لو فيفر رأى أن جنوده لا يستطيعون الصمود أمام تلك الجموع الفقيرة، فبادر بإنزال الرهائن، وأصبح هذا اليوم من كل عام علامة مضيئة في مسيرة الغربية، تحتفل به كل عام.