تشهد علاقة السودان بمصر توترا بشكل مستمر، وإن كان في بعض الأوقات غير ملحوظ، وتبدو على السطح علاقة الصداقة وحسن الجوار، لكن الحقائق التاريخية تؤكد أن الصراع الخفي واقع ملموس منذ عام 1956 بعد استقلال مصر عن بريطانيا، وبعدها نظمت جماعات طلابية سودانية العديد من التظاهرات تطالب بالاستقلال عن مصر. ومع قرار مصر بإنشاء السد العالي، ظهر خلاف جديد؛ حيث عارضته السودان وبدأ التقارب السوداني الإثيوبي والتفكير في إنشاء عدة سدود نكاية في مصر، ومنذ ذلك الوقت، تسعى الخرطوم لإقامة علاقة صداقة مع أديس أبابا على حساب القاهرة، الأمر الذي ظهر جليا خلال الفترة الأخيرة، في أزمة سد النهضة، الذي سيضر بالأمن المائي المصري. وقال موقع أوول أفريكا، إن العلاقات السودانية المصرية، انحصرت خلال الفترة الأخيرة، في مناقشات الناحية الأمنية وانعكاس المستجدات على الساحتين المحلية والإقليمية على الأمن والاستقرار بالمنطقة، والمناقشة في التنسيق الأمني والعسكري بين البلدين، مضيفا أنه رغم الاتهام المتكررة من الخرطوم للقاهرة، إلا أن وزير الدفاع السوداني، الفريق أول عوض بن عوف، وصل على رأس وفد رفيع، يوم الأحد الماضي، إلى القاهرة، واستقبله القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري، الفريق أول صدقي صبحي، وأجريت له مراسم استقبال رسمية واستعراض حرس الشرف بمقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع. وتابع الموقع أن الجانبين عقدا لقاء تناول آخر المستجدات على الساحتين المحلية والإقليمية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بالمنطقة، ومناقشة عدد من الملفات والموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين في العديد من المجالات، مستطردا: "يرى مراقبون أن التوتر الأخير بين البلدين يعد الأكبر منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مهام منصبه، وأن عوامل كثيرة تؤدي إلى تصعيده، كما تغذيه أيضا اتهامات من كل طرف للآخر، فالجانب المصري يعرب عن عدم رضاه من التقارب السوداني الإثيوبي الأخير، واستضافة الخرطوم لعدد من عناصر جماعة الإخوان المسلمين الهاربين من القاهرة، استغلالا لما يعرف باتفاقية الحريات الأربعة، التي كانت تسمح لأي مصري بدخول السودان". وأردف "أوول أفريكا": "أبدت مصر عدم ارتياحها من التقارب الواضح بين السودان وقطر، حيث أثارت زيارة الشيخة موزة، زوجة أمير قطر السابق حمد بن خليفة، ووالدة أمير قطر الحالي، تميم بن حمد، لأهرامات السودان، الواقعة بمنطقة مروي، أواخر مارس الماضي، ردودا مصرية غاضبة تبعتها أيضا ردودا سودانية أكثر غضبا"، مضيفا: "أما العلاقة بين السودان وإثيوبيا فتعتمد على الصداقة والتفاهم، وتعتبر الخرطوم أن علاقتها بأديس أبابا من الركائز الأساسية، لنشأة مجموعة اقتصادية في منطقة القرن الإفريقي، كنموذج جيد للتكامل، بل وأعمدة رئيسية للتكامل الإقليمي وتحقيق الأمن". وأوضح الموقع: "في الوقت الذي أصبح كل ما يهم السودان في علاقتها مع مصر، المشكلة الأمنية، تستهدف في علاقاتها مع إثيوبيا التكامل الاقتصادي والدعم التجاري والاتفاقيات التي ستستفاد منها السودان بعد تشغيل سد النهضة، بل يصرح مسؤولو البلدين باستمرار بأن هناك ثقة بين البلدين وإخاء وترابط مصالح مشتركة وتاريخ سياسي، بالإضافة إلى الثقافة المشتركة خاصة في مجال الفن الذي أصبح يمثل جسراً للتواصل بين البلدين، ولأن الفن يعد أكثر الوسائل تاثيراً على الشعوب وثقافتها ومشاعرها، فلم تكتف السودان بالعلاقات السياسية والاقتصادية مع إثيوبيا، بل تحاول تعميق حب أديس أبابا في قلوب السودانيين ليكون انتمائهم الوجداني لإثيوبيا وليس مصر التي يعشقونها؛ لوجود الأزهر الشريف الذي يعتبره السودانيون منارة العالم العربي والإسلامي. وذكر "أوول أفريكا" أن رئيس الوزراء الإثيوبي أشار إلى المشاريع التي تربط بين البلدين مثل الطرق والكهرباء، حيث تم مؤخراً تدشين النقل العام، واعتبره دليلاً على أن التكامل بين البلدين وصل إلى مراحل متقدمة.