جمال عبد المجيد – وسام حسين نقص الأسمدة في الجمعيات الزراعية بغالبية المحافظات، أزمة متكررة يعاني منها المزارعون، تضيف أعباء جديدة على كاهلهم، إضافة إلى قلة مياه الري وغلاء السولار، ما يؤثر بالسلب على إنتاجية نهاية الموسم. ولم يجد المزارعون بديلًا سوى السوق السوداء، التي تبيع شيكارة السماد بضعف ثمنها تقريبًا، في محاولة منهم لإنقاذ محاصيلهم من الهلاك، خاصة الذرة الشامية والرفيعة والسمسم، التي تزرع بمساحات كبيرة في الوقت الحالي. وقال حسن فتح الله، أحد المزارعين بمركز ملوي بالمنيا، إن تقليل حصة الفلاح خلال الموسم الجاري إلى جوالين فقط من اليوريا ونظيريهما من النترات، يعد ظلمًا كبيرًا، إذ يتسلمون الشيكارة مقابل 147 جنيهًا لليوريا و143 للنترات، بينما يحتاجون أضعاف الكمية فيلجأون إلى شرائها من السوق السوداء مقابل 250 جنيها للجوال الواحد، ما يكبدهم خسائر فادحة للفلاح في نهاية الموسم. واستنكر فتح الله تأخر حصص العديد من الجمعيات الزراعية بالقرى والمحافظات، مؤكدًا أن ما ينفقه الفلاح على المحاصيل الصيفية خاصة الذرة الشامية والرفيعة، لإنقاذها من الهلاك، سواء من نقص المياه أو قلة الأسمدة، يقارب أرباحه بعد الحصاد، أي لا يتبقى له أي عوائد، الأمر الذي سيدفع كثيرا من المزارعين للتوقف عن زراعة تلك الأصناف في المواسم المقبلة، خاصة بعد موجات الغلاء المستمرة من الحكومة في الأعوام الثلاثة الأخيرة. وأوضح ممدوح أبو الليل، أحد المزارعين بسوهاج، أن المحافظة تزرع مساحات كبيرة من محصول الذرة الشامية والرفيعة بمساحات تقارب ال220 ألف فدان، لكنهم يواجهون نقصا حادا في الأسمدة بالجمعيات الزراعية، مضيفا أن المديرية لم تتسلم سوى 70 % فقط من حصتها المقررة بنحو 37 ألف طن يوريا و28 ألف طن نترات، ما يزيد من أعباء الفلاحين ويعرضهم لخسائر فادحة بسبب قلة المياه، وكذا ارتفاع تكاليف العمالة والسولار، والأسمدة التي يشترونها من السوق السوداء، مطالبا الوزارة بعمل منظومة قوية تحافظ على حقوق المزارعين بدلا من الأزمات المستمرة عامًا تلو الآخر. وقال الدكتور محمد سليمان، أستاذ الأراضي وتغذية النبات بكلية الزراعة جامعة سوهاج، إن الفلاح سواء في الصعيد أو الوجه البحري والدلتا يمكنه الاستغناء عن 50 % من عمليات التسميد المعدني والمعروفة لدى الفلاحين بالتسميد الكيماوي؛ من خلال اللجوء إلى التسميد العضوي أو الصناعي أو ما يعرف ب"الكمبوست" قبل زراعة المحصول في مرحلة تجهيز الأرض للزراعة، متابعا أن أبحاثًا عديدة أجريت على هذه الأنواع من الأسمدة التي تساهم في تقليل الطلب على التسميد المعدني، في ظل ارتفاع أسعار الأسمدة بالسوق السوداء ونقصها في الجمعيات الزراعية، وثبتت فعاليتها وجودتها بالنسبة لغالبية المحاصيل الصيفية. وأضاف سليمان ل"البديل"، أن الذرة الرفيعة أو الشامية أو السمسم وغيرها من المحصول الصيفية الأخرى التي تحتاج إلى كميات محددة إذا لم يتم تسميدها بالكيفية المطلوبة، فإنها سوف تمرض ولا تحقق الإنتاجية المرجوة في نهاية الموسم الزراعي، متابعا أن النبات مثل الإنسان تمامًا؛ إذا لم تتم تغذيته جيدًا، سوف يكون ضعيفًا وهشا، وغير قادر على مقاومة الأمراض. وعن كميات السماد المطلوبة لأهم المحاصيل الصيفية، أشار أستاذ الأراضي وتغذية النبات، إلى أن محصول الذرة الشامية يحتاج إلى 200 وحدة نيتروجين على الأقل في عمليات التسميد طوال فترة الزراعة أي ما يعادل 6 أجولة سماد من الأنواع التي يتم توزيعها في الجمعيات الزراعية، فيما يحتاج محصول الذرة الرفيعة 120 وحدة نيتروجين خلال فترة الزراعة، بما يعادل 3 أجولة سماد، مضيفًا أن هناك نوعًا آخر من التسميد بخلاف المعدني والعضوي يسمى "التسميد البوتاسي" ذات الفائدة العالية لتركيز عناصره. وفي السياق، قال رشدي عرنوط، نقيب الفلاحين، إن أزمة الأسمدة ليس سببها قلة الإنتاج، بل سوء التوزيع والنقل؛ إذ تنتج المصانع كميات كبيرة تتجاوز ال13 مليون طن سنويا، و10 أطنان أو أقل كمية كافية لسد الحاجة المحلية للمزارعين، بينما يتم تصدير الكميات الفائضة للخارج. أضاف عرنوط ل"البديل" أنه التقى بوزير الزراعة منذ يومين لبحث أزمة السماد، التي اشتكى منها غالبية المزارعين في أنحاء الجمهورية، وتبين أن الكميات موجودة فعليا وخرجت من المصانع، لكن احتجاجات المسؤولين عن النقل وطلباتهم بزيادة الناولون، تسببت في تعثر نقل الأسمدة إلى المديريات والجمعيات الزراعية بالمحافظة، مستنكرا أن يقع الفلاح فريسة للسوق السوداء وتكبد مصاريف باهظة لشراء السماد. وناشد نقيب الفلاحين جميع المزارعين بالترشيد في استخدام الأسمدة ومياه الري، على حد سواء، مؤكدًا أن استخدام السماد البلدي و"الكرك" كبدائل للسماد الكيماوي، سيكونان المنقذ الحقيقي للمحاصيل بدلا من إنتظار حصص الجمعيات وأزماتها التي لا تنتهي.