مع المشاكل المتزايدة التي تواجه جنوب إفريقيا، أهتم موقع "سي إن بي سي" الأمريكي الاقتصادي بمسألة الاستثمار في البلاد، وما إذا كانت التوقعات الاقتصادية تبدو قاتمة، إذ في يوم الخميس الماضي خفض بنك جنوب إفريقيا المركزي سعر الفائدة الأساسي للمرة الأولى منذ خمس سنوات، متراجعًا بنسبة خمس وعشرين نقطة أساسية، ليصل إلى 6.75%؛ في محاولة لتجنب الركود. وفي هذا السياق قال مليسيتيا كغانياغو، محافظ البنك المركزي: تدهورت آفاق النمو المحلي بشكل أكبر بعد الانكماش المفاجئ للناتج الإجمالي المحلي في الربع الأول من عام 2017، وحتى الآن سجل النمو الاقتصادي ربعين متتاليين من النمو السلبي، وعلى الرغم من توقع التحسن على المدى القريب، فإن هذه التوقعات لا تزال صعبة. وأضاف: عدم اليقين في السياسات يعد أحدث مثال في قطاع التعدين، والذي من المحتمل أن يحد من الاستثمارات. أعاد البنك المركزي النظر في توقعات النمو، حيث قدر النمو الكامل للناتج الإجمالي المحلي ب0.5%، بعدما كان 1%، وقد حذر كغانياغو من أن الطلب الأساسي على اقتصاد جنوب إفريقيا ضعيف جدًّا، كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت هناك دوافع بنمو اقتصادي ستظهر في غياب مبادرات الإصلاحات الهيكلية والتي تقلل من عدم اليقين وتعزز الثقة. كيف يمكن للحكومة تعزيز النمو؟ ذكرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الاثنين الماضي، أن جنوب إفريقيا تحتاج إلى إصلاحات هيكلية لإحياء النمو الاقتصادي. وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إنجيل جوريا، في بيان صحفي: إن بناء نمو أكثر قوة وشمولاً يتطلب اتخاذ إجراءات جريئة من جانب صانعي السياسات. وأضاف: إن ضمان مستقبل أفضل لجميع مواطني جنوب إفريقيا سيتطلب زيادة فرص الحصول على التعليم العالي، وسوق عمل أقوى وأكثر إنصافًا، ومشاركة أعمق في الأسواق الإقليمية، وإطارًا تنظيميًّا يعزز روح المبادرة، ويسمح للشركات الصغيرة بالازدهار. هل ستساعد الخطة الاقتصادية الجديدة للحكومة في النمو الاقتصادي؟ انتقدت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، يوم الأربعاء الماضي، خطة النمو الاقتصادي الجديدة لجنوب إفريقيا، والتي كشف عنها وزير المالية، مالوسي جيجابا، في بداية هذا الشهر. وذكرت الوكالة في بيان صحفي أن: خطة النمو الشاملة التي أعلنتها حكومة جنوب إفريقيا قد لا تعزز بشكل كبير احتمالات النمو الاقتصادي، حيث تركز معظم المبادرات على حوكمة الشركات المملوكة للدولة والتي تضغط على المالية العامة، وتعزز التمكين الاقتصادي وعدم المساواة، وهو الأمر الذي سيكون له تأثير غير مباشر على آفاق النمو. خفضت فيتش من توقعاتها لنمو الناتج الإجمالي المحلي في جنوب إفريقيا لعام 2017 إلى 0.6% من 1.2%، في يونيو، وكان ذلك بعد خفض التصنيف الائتماني للبلد، في إبريل الماضي، بعد قرار الرئيس جاكوب زوما، المفاجئ بالاستغناء عن وزير المالية، برافين غوردهان. إذا كانت الأوضاع الاقتصادية سيئة.. لماذا وضع مؤشر مسكي الاقتصادي الأمريكي توقعات أفضل؟ رغم ما تمر به جنوب إفريقيا، لا يزال بعض المستثمرين يفضلونها، حيث أوضح تقرير رينسانس كابيتال الأسبوعي أنه وفقًا لمؤشر ميسي حظيت جنوب إفريقيا بأفضل أداء لتدفقات صناديق الأسهم بين الأسواق العالمية الناشئة، وقد ارتفعت الأصول بنسبة 5.9% حتى 19 يوليو، مقارنة ب 2.9% في الأسواق الناشئة ككل. وعلى الرغم من هذا الأداء، فإن شركة تحليل المخاطر فيريسك مابلكروفت تحذر البلاد من أن تصبح أقل جاذبية كوجهة استثمارية، وتقول إن التوقعات الاقتصادية للسنوات العشر المقبلة تبدو قاتمة، وفقًا للتقرير الأساسي الذي نشرته في وقت سابق من هذا الشهر. ويوضح تقرير فيريسك مابليكروفت أن النمو الاقتصادي سيظل بطيئًا، ويسبب ارتفاع البطالة، ويزيد من المشاكل المرتبطة بعدم المساواة، وفي الوقت نفسه فإن ضغوط النقابات لحماية الوظائف سوف تؤجج الإضرابات، وتخفض إنتاجية القطاعات الرئيسية. ما هو الخطر الأكبر للمستثمرين؟ لفت التقرير إلى إن الخطر الرئيسي بالنسبة للمستثمرين هو عدم الاستقرار السياسي، حيث سيعين حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم رئيسه القادم في ديسمبر من هذا العام، وسيحدد اختيار الرئيس، الذي من المحتمل أن يتولى منصب الرئيس بعد تنحي زوما، ما إذا كان الحزب سيواصل التحرك نحو اليسار، أو يتبنى موقفًا مؤيدًا للأعمال. وأكد التقرير أن إدارة زوما خفضت تدريجيًّا ثقة المستثمرين في قدرة الحكومة على إدارة المشاكل الهيكلية للبلاد، وأن مساهمة الاستثمار في الناتج الإجمالي المحلي سوف تنخفض، محذرًا من أن الأداء الضعيف للاقتصاد سوف يستمر، وستكون البلاد عالقة مع تصنيف ائتماني سيئ حتى تتولى البلد إدارة مؤيدة للأعمال التجارية. المصدر