يعاني مرضى السرطان بمحافظة شمال سيناء من أزمة شديدة، عقب اختفاء أدوية وعقاقير السرطان من المستشفيات والصيدليات، واستغلال بعض الصيدليات الأزمة؛ لفتح سوق سوداء، وصلت سعر الدواء فيها إلى 500%. وقال أحمد عبد الرحيم، صيدلي بمدينة العريش: هناك نقص حاد في كافة أدوية وعقاقير الأورام السرطانية، سواء بالصيدليات أو المستشفيات الخاصة والحكومية، وهو أمر يعلمه الجميع، وعندما اشتكوا، جاءهم الرد بأن هذا النقص نتيجة الظروف الأمنية التي تشهدها المحافظة ومنع مرور سيارات الأدوية والعلاج إلا بمرافقة أمنية؛ حتى لا يستغلها المسلحون. وعن الأصناف اللازمة لعلاج الأورام السرطانية التي بها نقص حاد هي "هولكسان وسبيراجيينز وإندوكسان وبيورنيثول"، بالإضافة إلى اختفاء أدوية أخرى، مثل الأندوكسان والهلوكزان ويوروميتكزان، مشيرًا إلى أن عقار إندوكسان يدخل في كل الجرعات الكيماوية، وغيابه يؤثر سلبًا على كفاءة الجرعة بنسبة40% على الأقل، وتضطر مركز الأورام للبحث عن أي كمية منه، محذرًا من أن عدم وجوده في الدواء أمر خطير على صحة مرضى الأورام السرطانية. وتابع عبد الرحيم أن اختفاء المستحضرات الدوائية الخمسة التى تقوم عليها بروتوكولات علاج الأورام السرطانية وهي "إندوكسان، هولوكسان، فايف فلور يوراسيل، ميثوتريكسات، يوروميتكزان" يهدد حياة آلاف مرضى السرطان بمحافظة شمال سيناء مؤكدًا أن "هذه الأصناف لا بديل لها، وجميعها نقوم على استيرادها عن طريق وزارة الصحة من الخارج، ولا نعمل على تصنيعها رغم المقترحات بالتصنيع داخل مصر". وعلى صعيد آخر حذر عبد الرحيم من وجود أدوية مغشوشة وأخرى مجهولة المصدر، تباع على أنها بدائل، ويمكن أن تتسبب في كارثة ووفاة المريض. وناشد المسؤولين ضرورة حماية المرضى من الغش والسوق السوداء التي يلجؤون إليها بعد عجزهم عن الحصول على الدواء، وطالبهم بالاعتراف بالأزمة والعمل على حلها بدلاً من محاولة إخفائها، خاصة وأن أغلب الشركات تمتنع عن نقل الأدوية لشمال سيناء بسبب الظروف الأمنية، وشركتين فقط تعملان من داخل العريش، وتعانىان احتجاز سياراتهما عند الكمائن عند نقل الأدوية للشيخ زويد. وقال أشرف فايز، أستاذ الأورام بجامعة قناة السويس، إن عقار إندوكسان أحد أدوية الجيل الأول لعلاج الأورام، والذي يدخل في جميع البروتوكولات العلاجية للأورام السرطانية، بمعنى أن 60% من الأورام السرطانية لا يمكن علاجها بدون عقاري الإندوكسان والهولوكز، ويستخدمان لعلاج سرطان الثدى والحنجرة والغدد الليمفاوية وسرطان الدم وسرطانات الأنسجة الرخوة، موضحًا أن هذه الأدوية رخيصة الأسعار، وعدم وجودها يمثل خطورة بالغة على حياة الآلاف من المرضى بقطاعي القناة وسيناء، وهما المنطقتان اللتان ظهرت فيهما الأزمة خلال الأيام الماضية، واشتدت بشكل كبير في شمال سيناء؛ نظرًا للدواعي الأمنية التي تشهدها المحافظة وصعوبة دخول الأدوية إليها. وأكد أنه لا توجد في مصر شركات وطنية أو شركات تابعة لقطاع الأعمال تقوم بإنتاج هذه المستحضرات، وتعتمد السوق الحرة ووزارة الصحة على الاستيراد من الخارج فقط، لافتًا إلى أنه يمكن للشركات إنتاج هذه العقاقير بسهولة، خاصة أن حقوق الملكية المتعلقة بها سقطت منذ فترة طويلة، وأوضح أن الأدوية التى تستخدم للتقليل من الأعراض الجانبية لعلاج الأورام السرطانية غير موجودة أيضًا، وهي مسؤولة عن تقليل سمية الأدوية الكيماوية في الجسم، وأن اختفاء هذه الأدوية سيقلل من الاستجابة للشفاء، ويسبب انتكاسة للعديد من المرضى، مطالبًا بضرورة توفير الأدوية وإنقاذ المرضى بمحافظة شمال سيناء. وقال سليمان ربيع، أحد أبناء مدينة الشيخ زويد، إن نجله وعمره 13 سنة يعاني من الأورام السرطانية، وكان يذهب إلى مستشفى العريش رغم الأوضاع الأمنية لتلقي العلاج، وتعرض لإطلاق النار أكثر من مرة، سواء من الطلقات التحذيرية لقوات الأمن، أو من المسلحين، ولكن منذ شهر رمضان اختفت الأدوية ولم يجدوها رغم كل هذه المشقة، فبدءوا في البحث دون جدوى، حتى تمكن أحد أفراد العائلة من الوصول إلى إحدى الصيدليات التي استغلت الأزمة ورفعت سعرها لأكثر من 500%، بل وأكثر، ولجؤوا للسوق السوداء رغم الأسعار المبالغ فيها بشكل لا يصدق، حيث وصل سعر "البيورنثول" إلى 250 جنيهًا، و"المالتي فارما" إلى 500 جنيه. وأكد أن عائلته رغم أنها ميسورة الحال، إلا أنها لا تستطيع مواجهة هذا الجشع، مشيرًا إلى أن الفقراء الذين يعانون من أمراض السرطان يموتون فى اليوم 1000 مرة هم وعائلاتهم؛ بسبب اختفاء الأدوية، وأضاف أنهم تبرعوا لبناء مستشفى لعلاج الأورام السرطانية بالعريش، ولكن لم يتم تشغيلها بشكل فعلي حتى الآن. وأكدت أمل إسماعيل، مديرة إدارة الصيدلية بمديرية الصحة، أنه يتم توريد الأدوية لمستشفيات شمال سيناء بناء على إرسال طلبيات بالاحتياجات، وبالتنسيق مع الجهات المختصة دون تعطيل، وأشارت إلى أن 17 صيدلية ثبت إدارتها دون وجود صيادلة بالمخالفة للقانون، وأعطى المحافظ الصيدليات المشار إليها مهلة لتقنين أوضاعها. ومن جانبه قال اللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، إنه سيقوم بتشكيل لجنة عاجلة لتبين حقيقة الأمر، وفي حالة اكتشاف وجود نقص في أدوية السرطان كما يشاع بين الأهالي، سيخاطب وزارة الصحة لضخ المزيد من الأدوية. وأكد أنه دعا لاجتماع بالصيدليات والأطباء؛ لبحث أزمة دخول الأدوية إلى كافة أنحاء شمال سيناء، وسيحضر الاجتماع ممثلون من الجيش والشرطة؛ لتدشين برتوكول تعاون لراحة المرضى والأهالي، وسيتم إجراء التنسيقات اللازمة بين شركات الأدوية وجهات الأمن، لتسهيل وصول الأدوية إلى مناطق العريش والشيخ زويد ورفح، من خلال تقديم المستندات التي تثبت وصول الأدوية للصيدليات وعدم استغلالها في التهريب أو للجماعات المسلحة.