انطلقت أعمال قمة منظمة شنغهاي للتعاون في العاصمة الكازاخستانية أستانا بحضور قادة وزعماء البلدان الأعضاء؛ روسياوالصين وكازاخستان وقرغيزستان وطاجكستان وأوزبكستان، كما التحق بالقمة زعماء الدول المراقبة بالمنظمة؛ أفغانستان وبيلاروس ومنغوليا وإيران، لتشمل جلسة موسعة للمشاركين. ملفات على طاولة القمة يأتي على رأس ملفات القمة انضمام كل من الهندوباكستان إلى المنظمة، حيث من المفترض أن يوقّع قادة الدول الأعضاء على جملة من الاتفاقات، سيكون أهمها حسب المراقبين، منح الهندوباكستان العضوية الكاملة في شنغهاي للتعاون، والتوقيع على مذكرة أستانا وغيرها من الاتفاقات ذات الأهمية، وبالتحاق البلدين المذكورين يكون عدد الدول الأعضاء في المنظمة قد وصل إلى ثماني دول. من جانبه اعتبر الرئيس الكازاخستاني، نورسلطان نزاربايف، الذي تستضيف بلاده القمة الحالية، أن منظمة شنغهاي للتعاون ستبدأ خلال قمة أستانا الحالية تاريخًا جديدًا، بفضل انضمام عضوين جديدين للمنظمة، وقال نزاربايف: يمكننا القول إن التاريخ الجديد لمنظمتنا يبدأ في قمة أستانا، نعقد اجتماعنا بالصيغة سداسية الأطراف لآخر مرة، لقد اتفقنا على التوقيع على قرار إتمام الإجراءات الخاصة بقبول جمهورية الهند وجمهورية، باكستان الإسلامية كعضوين في المنظمة، وتوقع الرئيس الكازاخستاني بأن يدفع انضمام العضوين الجديدين إلى تطوير المنظمة. ملف انضمام إيران بعضوية كاملة إلى المنظمة، يأتي على رأس الملفات المطروحة خلال الاجتماع أيضًا، خاصة بعد انضمام باكستانوالهند إلى المنظمة، ومساعي المنظمة إلى توسيع سيادتها ونفوذها، حيث من المقرر أن يناقش زعماء القمة الستة هذه المسألة لتتحول إيران من صفة مراقب حصلت عليها بموجب قمة الأستانا عام 2005، إلى دولة ذات عضوية كاملة. منظمة شنغهاي شكّلت اتفاقية شنغهاي الموقّعة في 26 أبريل 1996، الرحم الذي ولدت منه منظمة شنغهاي للتعاون SCO، في 15 يونيو 2001، بدعوة وتشجيع من الصين، التي كان هدفها الأولي متواضعًا للغاية، وهو حل الخلافات الحدودية ما بينها وجمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق المحاذية لها، وتعميق الثقة العسكرية ما بين الأطراف الموقعة على الاتفاقية، خصوصًا بين الصينوروسيا، إذ كانت حدودهما تشهد نزاعات مسلحة منذ فترة طويلة. سميت تلك الاتفاقية ب«شنغهاي» نسبة إلى المدينةالصينية التي تمّ فيها الاجتماع وتوقيع الاتفاقية، وقد ضم الاجتماع كلًّا من: روسيا، الصين، كازاخستان، قيرغيزستان وطاجكستان، وفي عام 2001 انضمت دولة أوزبكستان إلى الاتفاقية، عندها أعلن الزعماء الستة لهذه الدول ولادة المنظمة، فيما تشارك 4 دول بصفة مراقب في المنظمة، هما أفغانستان وبيلاروس وإيران ومنغوليا، إضافة إلى 6 دول شركاء في التعاون هما أذربيجان وأرمينيا وكمبوديا والنيبال وتركيا وسريلانكا. إيران على بُعد خطوات إذا كان منح باكستانوالهند عضوية كاملة في القمة بات رسميًّا ومحسومًا، فإن طهران أيضًا باتت على بُعد خطوات قليلة من الانضمام رسميًّا وبعضوية كاملة إلى منظمة شنغهاي، فمنذ التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015، ورفع الحظر الدولي عن طهران، تبددت العواقب التي كانت موجوده أمام انضمام إيران إلى منظمة التعاون، حيث أعلنت حينها منظمة شنغهاي للتعاون عن ترحيبها برفع مستوى تمثيل ايران فيها، بعد أن كانت الأخيرة قد تقدمت بطلب رسمي إلى المنظمة للانضمام إليها بعضوية كاملة في عام 2008. إجماع دولي.. وطاجيكستان تعارض عبَّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مرارًا عن ترحيب بلاده بانضمام إيران إلى المنظمة، ففي قمة شنغهاي التي عقدت بعد أشهر من توقيع الاتفاق النووي، أعرب بوتين عن ترحيبه الكامل بانضمام طهران إلى المنظمة بعضوية كاملة، وأوضح أن انضمام طهران إلى المنظمة بات ممكنًا بعد تنفيذ الاتفاق النووي مع السداسية الدولية ورفع الحظر عنها. وفي الوقت ذاته أشار رئيس قرغيزستان، ألمازبيك أتامباييف، إلى إمكانية انضمام إيران لمنظمة شنغهاي للتعاون في المستقبل القريب، كونها وفت بالتزاماتها فيما يتعلق ببرنامجها النووي، فيما أعلن الرئيس الكازاخي، نورسلطان نظربايف، أن إيران ستنضم إلى منظمة شنغهاي للتعاون بصورة رسمية بعد انضمام الهندوباكستان رسميًّا إليها. وقبل أيام من انطلاق قمة شنغهاي الحالية، أعلن مساعد وزير الخارجية الصيني، لي هوي لاي، أن بلاده تدعم انضمام إيران للمنظمة، وقال المسؤول الصيني: إن إيران تحمل صفة مراقب في منظمة شنغهاي للتعاون، وشاركت بفعالية لوقت طويل في نشاطاتها، ولها إسهامات إيجابية في نمو التكتل، وأضاف: تقدر الصين ذلك كثيرًا، وترحب وتدعم رغبة إيران في أن تصبح عضوًا رسميًّا في منظمة شنغهاي للتعاون، وتابع: أعتقد أن كل الأطراف ستواصل دراسة مسألة انضمام إيران بشكل واع خلال هذا الاجتماع، على أساس قواعد منظمة شنغهاي للتعاون ذات الصلة والتوافق عبر المشاورات. وسط هذا الإجماع الذي يحيط بانضمام إيران، تبقى طاجيكستان معترضة على انضمام إيران، حيث كانت طاجيكستان تؤيد انضمام طهران لمنظمة شنغهاي حتى عام 2015، لكنها غيرت موقفها نظرًا لدعم إيران حزب الصحوة الإسلامية في طاجيكستان، وهو حزب الذي تصنفه طاجيكستان في خانة المنظمات الإرهابية. ماذا يعني انضمام إيران؟ انضمام إيران إلى هذه المنظمة له اعتبارات اقتصادية واستراتيجية كبيرة، فمن الناحية الاقتصادية ستكون المنظمة قد ضمت أكثر من نصف البشرية، خاصة بعد انضمام الهندوباكستان أيضًا، حيث يصل مجموع السكان في الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي إلى 44% من مجموع السكان في العالم، الأمر الذي سيجعل الاقتصاد الأساسي في العالم موجودًا في هذه المجموعة، وهو ما سيحدث توازنات في مقابل الهيمنة التي تمثلها سياسية الاتحاد الاوروبي والسياسة العسكرية للناتو. أما من الناحية الاستراتيجية فإن انضمام إيران سيكسب تلك المنظمة المزيد من الفاعلية والقدرة على مواجهة الكثير من التحديات، في مقدمتها التمدد الأمريكي الأوروبي، حيث ستكون المنظمة بمثابة أداة مناهضة للغرب، كما سيمكن هذا الانضمام مجموعة شنغهاي والدول التي تحيط ببحر قزوين مثل كازاخستان وروسيا، من الوصول إلى الهندوباكستان، اللذين انضمتا حديثًا إلى المنظمة، وذلك عبر إيران.