تقترب من حنان الشمس، لذكرها يلين الصعب، وتسير الحياة بالجود كرامة، أهناك حنان للشمس؟ إنها الكرامة والاختصاص الإلهي، إنها أم «السيدة زينب» وأمّك البتول «فاطمة الزهراء» النسمة الطاهرة الميمونة، جعل الله نسلها حفدة لشفيع الأمّة وأئمّة وخلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه، الوعاء الطاهر للسلالة الزّكيّة، والمنبت الطيب لدوحة الأشراف، الصديقة، المباركة، الراضية، المرضية، المحدثة، الزهراء، نور الله على الأرض، باب التوبة، الكوثر، باب الفرج، حنان الله، باب الفاتح، الإغاثة، الكريمة، سيدة النساء أصغر بنات النبيّ «صلى الله عليه وسلم». لا تكفي الصفحات صفاتها وألقابها، إنها حبيبة النبي وشبيهته وأم السبطين «الحسن والحسين» وأم «السيدة زينب».. نور السماء والأرض عن الإمام عليّ كرّم الله وجهه قال، قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» لفاطمة: «يا فاطمة أتدرين لم سميت فاطمة؟ قال عليّ: يا رسول الله لم سميت فاطمة؟ قال: إن الله عز وجل ّ فطمها وذريتها من النار يوم القيامة» أخرجه الحافظ الدمشقي ورواه الإمام عليّ بن موسي الرضا، رضي الله عنهما، في مسنده ولفظه، أن رسول الله «صلى الله عليه وسلم» قال: «إن الله عزّ وجلّ فطم ابنتي فاطمة وولدها ومن أحبهم من النار فلذلك سميت فاطمة».. ولقبت أم السيدة زينب ب«البتول» تشبيهًا لها بمريم في المنزلة عند الله تعالي، لتبتلها وسبقها في العبادة لنساء زمانها، فضلًا عن دينها وحسبها وعفافها، واشتهرت ب«الزهراء» لأنها تضيء كالشمس ولكن بضوء يشوبه الحنان، ليس بقسوة وحرارة الشمس، ولأنها بيضاء اللون نيرته، وقيل إنه حين ولدت سطع في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم، ولذك لقبت بالزهراء، وكان «صلى الله عليه وسلم» إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبيّ إذا دخل عليها قامت من مجلسها وأجلسته في مجلسها.. ماذا يكتب القلم عن نور الله على الأرض.. أمّ المشيرة «زينب»؟ يستفاد من جملة الأحاديث والأخبار أنها عرفت بالزهراء لجمال هيئتها، والنور الساطع في غرّتها، فهي مزهرة كالشمس الضاحية، ومشرقة كالقمر المنير. وسُئل الإمام جعفر الصادق عن فاطمة لِمَ سمّيت الزهراء؟ فقال: «لاَنّها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء، كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض». وروى المحبون والذاكرون: «كان وجهها يزهر للإمام علي، كرم الله وجهه، من أول النهار كالشمس الضاحية، وعند الزوال كالقمر المنير، وعند غروب الشمس كالكوكب الدرّي» وقال ابن الأثير: الزهراء تأنيث الأزهر، وهو النير المُشرق من الألوان، ويراد به إشراق نور إيمانها وإضاءته على إيمان غيرها لاحظ الوصف. وقيل: سميت بالزهراء لأنها زهرة المصطفى «صلى الله عليه وسلم»، ففطرة الزهراء وطينتها لا يمكن أن تتسامى إليها امرأة في العالم، حتى إن مريم وآسية وخديجة وحوّاء ومن أشبه من سيدات النساء «عليهن الصلاة والسلام» لا يصلن إلى فضيلة فاطمة الزهراء الذاتيّة والتي ترتبط بطينتها وخلقتها.. قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: «لما أسري بي دخلت الجنة فناولني جبرئيل تفاحة فأكلتها فصارت نطفة وفاطمة منها وكلما اشتقت إلى ريح الجنة قبلتها». قال لها النبيّ «صلى الله عليه وسلم»: «يا فاطمة إن الله عزّ وجل يغضب لغضبك ويرضي لرضاك».. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أنس بن مالك، قال: سألت أمّي عن فاطمة، رضي الله عنها، فقالت: «والله كأنها القمر ليلة البدر، أو الشمس خرجت من السحاب وكانت بيضاء بضّة، أشدّ الناس شبهًا برسول الله، بيضاء مشربة بحمرة».. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: «يا عليّ إن فاطمة بضعة منّي، هي نور عيني، وثمرة فؤادي يسوءني ما ساءها، ويسرني ما سرها، وإنها أول من يلحقني من أهل بيتي، فأحسن إليها من بعدي، وأما الحسن والحسين فهما ابناي ريحانتاي، وهما سيدا شباب أهل الجنّة، فليكونا عليك كسمعك وبصرك».. ثم رفع النبيّ يديه إلي السماء فقال: «اللهم إنّي أشهدك أنّي محب لمن أحبهم، مبغض لمن أبغضهم، سلم لمن سالمهم، حرب لمن حاربهم، عدوّ لمن عاداهم، وليّ لمن والاهم».. ماذا قلت عن البتول يا رسول الله.. ماذا كتب الزمان عن ابنة الجود وأم الجود وشاربة ومانحة الجود إرثًا وحبًّا؟ عن عليّ، كرم الله وجهه، قال، قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: «تحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة، وعليها حُلة الكرامة، قد عجنت بماء الحيوان والحياة، فتنظر إلى الخلائق فيتعجبون منها، ثم تكسي حُلة من حُلل الجنة على ألف حُلة، مكتوب بخط أخضر أدخلوا ابنة محمد «صلى الله عليه وسلم» الجنة على أحسن صورة وأكمل هيئة وأتم كرامة وأوفر حظ، فتزف إلى الجنة كالعروس، حولها سبعون ألف ملك».. وعن عليّ، كرّم الله وجهه: «إذا كان يوم القيامة نادي مناد من وراء الحجاب، غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت النبيّ محمد حتي تمر».. وذكرت الأسانيد قوله «صلى الله عليه وسلم»: «أن ملكًا من السماء لم يكن زارني، فاستأذن ربي في زيارتي، فبشرني وأخبرني أن فاطمة سيدة نساء العالمين».. و«فاطمة سيدة نساء أهل الجنة». أخذت البتول عطاء ومنحة، ولم تمنح لابنة نبيّ قط غير الزهراء، عليها السلام، ما منحه أشرف الرسل والأنبياء لسيدة النساء، بمناداته لها «أم أبيها» وقيل كانت فاطمة أم أبيها، يعني كانت له كالأم الحنون لأولادها، حيث إنّها تقوم بشؤون الأولاد خير قيام، فإن والدة الرسول آمنة توفّيت منذ صغره «صلى الله عليه وسلم»، فكانت فاطمة الزهراء بمنزلة الأم له «صلى الله عليه وسلم»، ولذا كنيت «بأم أبيها)».. وكذلك كانت فاطمة الزهراء لأطفالها الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم، خير أم، فكانت تقوم بشؤونهم، وتزيدهم من نورها، وتغذيهم بالفضيلة والتقوى، وتربيهم بأحسن ما يكون، وقد ورد أنها كانت تحثهم على إحيائهم ليالي الجُمع من أول الليل إلى الصباح، وكذلك ليالي القدر، فكانت، سلام الله عليها، تأمرهم بالنوم نهارًا حتى يتمكنوا من إحياء الليل، وبمثل هذه التربية الرفيعة ربّت الزهراء أولادها، فكانت خير أم عرفتها البشرية إلي قيام الساعة.. وقد ورد أن الإمام الحسن عندما كان يرجع من مسجد جده رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، وكان طفلًا صغيرًا، كانت فاطمة الزهراء تستفسره عن كلام الرسول «صلى الله عليه وآله» وخطبته في المسجد.. وكانت تربي ابنتها «العقيلة زينب» خير تربية وتعلمها على الصبر، وتبين لها مواقفها المستقبلية، وقد قالت لزينب: إذا أدركت يوم كربلاء فقبّلي عنّي نحر الحسين ساعة يأتي للوداع الأخير.. فكانت تهيأ هؤلاء الميامين «عليهم السلام» لمختلف ميادين العبادة والجهاد والفضيلة والتقوى، إلى جنب تهيئتها لهم ما يحتاجه كل طفل جسميًّا وعاطفيًّا وغير ذلك. كانت مثالية تفوق جميع نساء العالم من الأولين والآخرين، وهي أسوة لجميع النساء، وحُجّة على النساء أن يقتدين بها إن أردن الله ورسوله واليوم الآخر. حوريّة إنسية كان والدها الرسول الأمين يحدث نفسه قائلًا: «هذه الحورية لمن؟».. فجاءه جبريل عليه السلام يومًا وقال له: «إن الله تعالي يقرئك السلام ويقول لك، اليوم عقد فاطمة في موطنها في قصر أمها خديجة في الجنة، الخاطب إسرافيل وجبريل وميكائيل الشهيد، والوليّ ربّ العزّة.. والزوج عليّ بن أبي طالب».. ودعا النبيّ لهما وقال: «جمع الله شملكما، وبارك لكما وأسعد جدكما وأطاب نسلكما وجعل نسلكما مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة وأخرج منكما الكثير الطيّب، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم» أخرجه أبو الخير القزويني الحاكمي، ثم دعا لفاطمة فقال: «أذهب الله عنك الرجس وطهّرك تطهيرًا» وروي أنه «صلى الله عليه وسلم» قال: «مرحبًا ببحرين يلتقيان ونجمين يقترنان، اللهم هذه ابنتي وأحب الخلق إليَّ، اللهم وهذا أخي وأحب الخلق، اللهم اجعله لك وليًّا وبك حفيًّا وبارك له في أهله».. وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، في قوله تعالي «مرج البحرين يلتقيان» قال عليّ وفاطمة «يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان»، قال: الحسن والحسين، إن معرفة قدر أم «السيدة زينب» فصل من كتاب الرسالة الإلهية ودراسة حياتها محاولة لفقه الإسلام، ألم يقل لها وللعالمين ولجميع المبتدعين إلى يوم الدين «يا فاطمة اعملي لنفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئًا» أي نبي هذا يشرّع بابنته شريعة وحكمة للكون «يا فاطمة اعملي» وأي كوثر هذه أبعد معرفة «الزهراء» تبكي أعين على ضيق الحال والدنيا كلها أبواب المؤمنين وطرائقها بالحب أمامه، وذخيرة قيّمة للإنسان المعاصر.