بعد هدم المسؤولين بمحافظة الغربية، الجزيرة الوسطى بشارع البحر بمدينة طنطا، التي كانت تضم برجولات ونافورات وحدائق خضراء كانت متنفسًا للأهالي لقضاء سهراتهم الرمضانية، لم يجد المئات من أبناء المدينة أمامهم سوى اللجوء إلى ساحة مسجد السيد البدوي للترويح عن أنفسهم، والهروب من الطقس الحار، متهمين المسؤولين بإهدار المال العام والعمل لصالح المستثمرين على حساب الغلابة، خاصة بعد هدم الجزيرة الوسطى التي كانت ملجأ آلاف المواطنين. تجول «البديل» بمحيط ساحة المسجد الأحمدي، التي تشهد زحامًا شديدًا كل ليلة، خاصة عقب صلاة التراويح، تزينت الساحة بالأعلام والرايات وزينة رمضان التي تحيط المكان من كل جوانبه، وتحولت بالفعل إلى متنفس للطبقة المحدودة والفقيرة، الذين يأتون إليها من جميع أنحاء قرى ومدن المحافظة، هاربين من حرارة الجو؛ لأنها مفتوحة أمام المواطنين بالمجان. كما تشهد المنطقة انتشارًا كثيفًا للزينة الورقية والفوانيس الكهربائية ونماذج مجسمة للمساجد والكعبة المشرفة، تزينها اللمبات الكهربائية بشكل مكثف، وفي رمضان يبدأ الزحام بعد العصر لشراء الكنافة اليدوية، وعلق تجار السيد البدوي الفوانيس والزينات وخفضوا الأسعار تشجيعًا للناس على الشراء، ونصبوا موائد الرحمن بساحة البدوي التي يسميها الطنطاوية «الساحة التي لا يجوع فيها قادم». الجو الرمضاني الجميل الذي يخيم على منطقة السيدي البدوي يشيع البهجة ويضفي طابعًا مميزًا ومختلفًا يلمسه بوضوح المواطنوان، حيث انتشار الفوانيس بمختلف أشكالها وأنواعها وسرادقات بيع البلح والياميش، وغيرها من مظاهر هذا الشهر الكريم. وتنتشر موائد الرحمن في معظم شوارع المنطقة، وبجوار مسجد سيدي أحمد البدوي، الذي توزع الحصص التموينية من سكر وأرز وزيت وغيرها على الفقراء، من جملة التبرعات التي يقدمها عن طيب خاطر أغنياء المنطقة، وهم كثيرون ومعظمهم من تجار الخردة والسيارات وقطع الغيار وايضا اصحاب المتاجر الكبرى واصحاب محلات الحلوى الشهيرة. والدورات الرمضانية لكرة القدم هي التسلية الممتعة لشباب المنطقة، حيث تقام تلك الدورات في رمضان أمام ساحة مسجد السيد البدوي، ويطلق عليها «دورة البدوي» وهي من أشهر الدورات الرمضانية بالغربية. وتتميز منطقة السيد البدوي في رمضان بحالة الوحدة الوطنية بين المسلمون والأقباط، حيث يعيشان جنبًا إلى جنب في حالة من التوحد تتجلى أكثر في رمضان، فالأقباط مدعوون دائمًا إلى حفلات الإفطار الجماعي التي ينظمها تجار المنطقة، وهم أيضًا أصحاب دعوة لحفل إفطار تنظمه الكنيسة الرئيسية بشارع علي مبارك، ويتولى الأنبا بولا الإشراف عليها، وفى ظل هذا الكرم المتبادل يحيا أبناء المنطقة بل وزوارها أيضا من رواد مسجد سيدي أحمد البدوي، الذين يفترشون المسجد يوميًّا للحصول على نفحات الشهر الكريم.