تزايدت الضعوط المحيطة بالرئيس الجنوب إفريقي جاكوب زوما، للتنحى عن السلطة مؤخرًا، بعدما أثيرت قضايا فساد في الشهور القليلة الأخيرة، وفيما كان الحزب الحاكم يرفض في السابق المساس بسلطات زوما والتخلى عنه بدأت تظهر أصوات داخل الحزب تنادي بوجوب مناقشة سحب الثقة منه في مؤتمر الحزب الذي ينعقد في الفترة الأخيرة. وكشفت قناة «نيوز24»على موقعها الإلكتروني، أن عددا من كبار الساسة المشاركين في اجتماع لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم طرحوا اقتراحا لإجراء تصويت على الثقة بالرئيس جاكوب زوما، وعلى الرغم من نفي المتحدث باسم الحزب، الأسبوع الماضي، تقريرا لوكالة "بلومبرج"، جاء فيه أن اجتماع اللجنة سيناقش مسألة إقالة زوما، فإن المسالة، على ما يبدو، نوقشت في الاجتماع، حيث طرح اقتراح حجب الثقة عضو كبير وأيده وزير الصحة الحالي ونائبه وآخرون. حملة الاتهامات التي وجهت للرئيس زوما قضايا فساد تبنتها أكبر أحزاب المعارضة منذ العام الماضي، وكان الحزب الحاكم يدافع بكل قوة عن الرئيس، إلا أنه بدأ يواجه ضغوطا متزايدة من كبار الأعضاء في الحزب وأعضاء من شركاء المؤتمر الوطني تدعوه للاستقالة، على خلفية الفضائح المتتالية خوفًا من أن تهدد هيمنة الحزب الحاكم قبل الانتخابات العامة المقررة في 2019، خاصة بعدما تعرض الحزب الحاكم لنكسة تاريخية في الانتخابات المحلية التي تم إجراؤها في أغسطس من العام الماضي. حزب التحالف الديمقراطي وهو حزب المعارضة الرئيسي، تفوق على الحزب الحاكم في الانتخابات المحلية في العاصمة بريتوريا، الأمر الذي يعد أسوأ نتيجة للحزب منذ أن تولى فيه الحكم دون معارضة تقريبا منذ إنهاء حكم الأقلية البيضاء عام 1994 على يد نلسون مانديلا، حيث أعادت نتائج هذه الانتخابات المحلية تشكيل الساحة السياسية في جنوب إفريقيا، في ظل ارتفاع معدل البطالة والأزمات الاقتصادية المتتالية وفضائح الرئيس الجنوب الإفريقي جاكوب زوما التي دفعت الناخبين إلى إحياء فرص المعارضة في الظهور بالمشهد السياسي ومعاقبة الحزب الحاكم، مما يغير التوقعات تجاه الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 2019. ونشرت هيئة مكافحة الفساد تقريرا في نوفمبر الماضي، جاء فيه "أن زوما يخضع لتأثير عائلة جوبتاس فيما يتعلق بالتعيينات الحكومية"، وهي عائلة ثرية في جنوب إفريقيا لها مصالح تجارية تتركز في مجالات التعدين والإعلام، في وقت يقاوم فيه زوما النداءات التي تطالبه بالاستقالة. وتعود القضية إلى العام الماضي، بعدما زادت الانتقادات التي وجهت لزوما على خلفية ما ذكره المتحدث السابق باسم الحكومة ثيمبا ماسيكو لصحيفة «صنداى تايمز»، بأن الرئيس طلب منه خلال اتصال هاتفي 2010 الاجتماع مع عائلة جوبتاس التى تضم رجال أعمال ولدوا فى الهند وانتقلوا إلى جنوب إفريقيا خلال تسعينات القرن العشرين، وقال مايسكو إن الرئيس طلب منه الاجتماع معهم فى منزلهم بجوهانسبرج قائلا «ساعدهم من فضلك»، وهو ما أحرج الرئيس وأظهره في وضع صعب بالبرلمان، بعد تداول الموقف على أنه خضوع لأسرة كبيرة ثرية قد تكون تدخلت في الحياة السياسية. وفي ذلك الوقت خرجت اتهامات من داخل الحكومة الجنوب إفريقية نفسها اتجاه زوما تؤكد ان أسرة جوبتاس القريبة من الرئيس اقترحت على نائب وزير المالية سيبيسي جوناس، أن يتولي حقيبة المالية، كما اتهم عضو آخر في الحزب الحاكم زوما، بأن عائلة جوبتاس اتصلت به لتولي منصب وزاري مقابل تقديم خدمات لمؤسساتها. ورغم نفي الرئاسة مرارًا وتكرارًا هذه الاتهامات أو التسهيلات التي تقدم للعائلة الثرية، وأن علاقة الرئيس بالعائلة ليس بها أي أسرار، تداولت المعارضة وثائق أشارت إلى ابن الرئيس زوما الذي يعمل مديرًا لست شركات على الأقل تملكها عائلة جوبتاس، وهو ما عمل على شحن الحياة السياسية، مما أثر على الطابع الاستثماري الذي كان نشطًا في البلاد، وعلى ضوء ذلك تغرق جنوب إفريقيا في نظام عدم المساواة، كما أن الفقر يمس 39% من مجموع السكان، والبطالة تضرب 25% من القوى العاملة، كما تشير التوقعات إلى أن النمو حتى عام 2017 لن يتجاوز 1.1%. ووفقا لنتائج استطلاع رأي نشر في نوفمبر الماضي، فإن هناك حالة من الغضب تنتاب الشعب الجنوب إفريقي بسبب أداء الرئيس، حيث هناك اثنان من كل 3 في جنوب إفريقيا لا يثقون بالرئيس، وما يقرب من النصف أصبحوا ينظرون إليه ومن حوله على أنهم فاسدون. كل هذه القضايا والأزمات عصفت بالشعبية التي كانت لدى الحزب الحاكم على مستوى السياسيين وعلى مستوى رجال الأعمال، مما دفع أعضاء داخل الحزب لربط تدني المستوى بفترة الرئيس جاكوب زوما، الأمر الذي يرى مراقبون أنه سيكون له توابع في المستقبل تتلخص في إزاحة زوما من المشهد في محاولة لاسترجاع حيوية الحزب الحاكم.