"أدعي على ابني، وأكره اللي يقول آمين" مثل شعبي يمثّل موقف الكثير من المعارضين والمنتقدين لحكم حماس في غزة. هو نفس المثل بالضبط جال بخاطري بمجرد ما قرأت خبراً يفيد بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصنف حركة حماس بأنها "إرهابية" من داخل دولة السعودية الإسلامية وبحضور القادة "الإسلاميين"! فوراً تذكرت أنني منذ وقت قليل، كنت مخطوفاً لدى حماس على خلفية الرأي والنشاط السياسي، وتذكرت أنني تعرضت لأذى كفيل بأن يخلق الكره بداخلي، ولكن؛ هل يمكن لفلسطينيّ أن يقبل بأن تُهاجم حماس من أمريكا وإسرائيل ويقف جانبهما؟ ولماذا قال ترامب عن حماس "إرهابية"؟ هل لأنها حركة أصولية دينية متشددة؟ أم لأنها مارست بعض الظلم ضد مواطني قطاع غزة؟ أم لأنها حركة مقاوِمة فلسطينية تمثل قلقاً لإسرائيل؟ ولماذا لم ينتقد ترامب دولة الاحتلال بكلمة، وهي التي قتلت الآلاف من أبنائنا وأطفالنا، وارتكبت مجازر الشجاعية ورفح وبيت حانون وذكرياتها التي لا زالت طازجة، وإعدام الأطفال والشباب بشكل يومي في الضفة لا زال حاضراً، وكل مكوّنات الكيان الإرهابي موجودة فيها؟ الحقيقة أننا نتعرض إلى مؤامرة أمريكية إسرائيلية عربية، وبإشراف مليارات آل سعود، ضد غزة وضد الحركة الوطنية الفلسطينية بشكل عام، واعتبار حماس إرهابية، هو اعتبار كل الفلسطينيين إرهابيين، وهذا ما هو مرفوض لدى أيّ وطنيّ شريف، مهما اختلف ومهما تنازع مع حماس، فهي تظل خصماً سياسياً ولكنها ليست عدواً، وهي جزء من النسيج الوطني والاجتماعي الفلسطيني ومن حركته الوطنية ومن تاريخ نضالاته وبطولاته ضد عدوه الأول والأخير.. دولة الكيان الإسرائيلي. خطاب ترامب هذا جاء بتزامن دقيق، مع إجابة السفير القطري محمد العمادي لأحد الصحفيين عقب انتهاء زيارته الأخيرة في غزة، والذي قال فيها، إن الأوضاع في غزة تسير نحو الأسوأ، والمُلفت بالأمر أنه لم يدق صدره كما عوّدنا، بتبرعات لشركة الكهرباء للتخفيف من الأزمة الحالية الخانقة التي يمرّ بها القطاع أو التجهيز لمشاريع وحلول للمشاكل العديدة الموجودة، واكتفى بمبلغ لبناء منزلاً له في غزة، مع شبه تصريح مبطّن، بأن قطر ترفع يدها عن مساعدة حماس وحل أزماتها، وهذا ما كان متوقعاً منذ فترة، وكما كتبت في مقال سابق، فطالما أمريكا تقول حماس إرهابية، هل تجرؤ قطر أن تغرد خارج سربها؟ حماس في موقف لا تُحسد عليه، والموقف السياسي للحركة مرتبكاً ويسير نحو التيه أكثر، فقبل أسابيع كان مشعل يستجدي ترامب بأن يلتقط وثيقة حماس الجديدة، وترامب اليوم يقول حماس إرهابية، أي أنه أراد الرد بالقول، يا حماس خذي وثيقتك بلّيها واشربي ميّتها، وهذا ما يشكّل الآن من وجهة نظري سوء طالع وظن لدى قيادة الحركة، وزيادة الضغط عليها بعد شهرين من بدء إجراءات أبو مازن بقطع الرواتب أيضاً للضغط على حماس من أجل الوحدة وإنهاء الانقسام، إلا أن حماس أبت، وأعتقد أنه بعد كل هذه المعطيات، ليس لدى حماس الكثير من الخيارات، و الخيار الأفضل والأقوم وما هو مطلوب الآن من الحركة أن تتجه نحو شعبها، شعبها فقط، وتلتحم مع حركة فتح من جديد، وتتظلل بظلال الشرعية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها محمود عباس أبو مازن، هذا فقط هو الطريق الذي يُمكن أن يُنقذ حماس وأهل غزة مما يُحاك ضدهم بإشراف عالمي وإقليمي، وهذا فقط هو الخيار الوطني الحقيقي، الذي سيثبت للشعب وللعالم أن حماس حركة وطنية بامتياز، لا يهمها سوى مصلحة شعبها!