بعدما ظل الصمت الإسرائيلي مستمرًّا تجاه الانتخابات الفرنسية، بدا واضحًا أن إيمانيول ماكرون الذي فاز بالرئاسة الفرنسية على منافسته اليمينية المتطرفة ماريان لوبان هو الشخصية المفضلة للاحتلال، فبعد أيام من صعوده إلى سدة حكم الإليزيه قدم الرئيس الفرنسي الجديد أوراق اعتماده للكيان الصهيوني قبيل تنصيبه رئيسًا لفرنسا بقرار صادر عن حزبه يعبر عن توجه جديد لتضييق كل ما هو معارض للاحتلال ومؤيد للقضية الفلسطينية. وفي قرار أغضب القاعدة المؤيدة للقضية الفلسطينية في فرنسا، قرر حزب الرئيس الفرنسي تعليق ترشيح منتج تليفزوني يدعى «كريستيان جيران» في الانتخابات البرلمانية المقبلة؛ وذلك رفضًا لمواقفه المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، في صورة توضح موقف ماكرون من القضية الفلسطينية. وتعمد الرئيس الفرنسي في حملته الانتخابية عدم الخوض في القضية الفلسطينية، تحسبًا لعدم خسارته الأصوات المنادية بحل الأزمة في فرنسا، فيما كانت الأوساط الإسرائيلية قد حبذت عدم إبداء موقف محدد من المرشحين؛ تحسبًا من أن تؤدي النتيجة إلى عكس ما ترغبه، ويؤثر ذلك على العلاقات الفرنسية الإسرائيلية، ولكن كافة المؤشرات والسياسات الخفية كانت تشير إلى تأييدها لماكرون في وجه حزب اليمين المتطرف الذي كانت مواقف أعضائه تميل إلى الفكر النازي وكراهية اليهود. وفي القرار تفاصيل عن أمور تأديبية للمنتج التليفزوني؛ بسبب تغريدات له تعبر عن مواقف مناهضة للاحتلال وللرابطة اليهودية الفرنسية في باريس، حيث أكد مسؤولون من حزب الجمهورية «إلى الأمام» الذي أسسه الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون: «أخبر بعض أعضاء «إلى الأمام» لجنته التأديبية بموضوع تلك التغريدات التي كنا نجهل وجودها تمامًا، مما يعلق تلقائيًّا وفوريًّا ترشيح جيران». وجاء قرار حزب ماكرون بعد ضغوط لرابطة تعرف باسم «ضد العنصرية ومعاداة السامية»، والتي نشرت في بلاغ رسمي غضبها لترشيح حزب الجمهورية «إلى الأمام»المنتج المعروف بمواقفه المناهضة لإسرائيل، وتقدمت الرابطة بطلب إلى ماكرون ليسحب منه الترشيح، مشيرة إلى أن لجنتها القانونية تدرس «إمكانية تقديم شكوى للنيابة العامة بخصوص ما نشر من تغريدات». وكان «جيران» طرح في تغريداته، التي كتبها وأعاد مشاركتها أكثر من مرة، التساؤل حول موعد الفصل بين المجلس الذي يمثل المؤسسات اليهودية بفرنسا والدولة، كما سبق أن نعت رئيس الوزراء السابق مانويل فالس ب«الصهيوني والعنصري والمعادي للإسلام»، وفي تغريدة أخرى مثلت دعمًا للقضية الفلسطينية أكد أن «مقاطعة البضائع الإسرائيلية هو الحل الوحيد». وتعد استجابة حزب ماكرون لطلبات الرابطة المؤيدة لإسرائيل، أول توجه للإدارة الفرنسية الجديدة نحو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد وصولها للحكم في الأسبوع الماضي، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أنه ينحاز إلى الاحتلال. وما يشير إلى أن العلاقات الفرنسية الإسرائيلية ستكون أكثر حميمة من عهد الرئيس فرانسوا فيون هو احتفاء الصحف الصهيونية بفوز ماكرون بالرئاسية الفرنسية، كما جاءت تهنئة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لتكون مؤشرًا على توثيق العلاقة بينهما. وقال نتنياهو: «إنني أتطلع إلى العمل مع الرئيس ماكرون للتعامل مع التحديات التي تواجهها الديمقراطيتان»، وحسب صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني، قال نيتنياهو إن «أحد التهديدات الكبيرة التي تواجه العالم اليوم الإرهاب الإسلامي المتطرف الذي يضرب في باريس، والقدس ومدن أخرى كثيرة في العالم»، بحسب زعمه، حيث حاول نتنياهو أن يشوه المقاومة الفلسطينية، ويربطها بما يحدث من إرهاب في العام. وقال موقع يديعوت أحرونوت، تعليقًا على انتخاب ماكرون بأنه بشرى سارة جدًّا ل«إسرائيل» ول«الجالية اليهودية» في فرنسا أيضًا، التي بحسب يديعوت أحرونوت تجندت ضد مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، خاصة في ظل مواقف الأخيرة ضد الطقوس اليهودية، مؤكدة أن ماكرون اعتبر منذ دخوله الانتخابات مرشحًا مواليًا لإسرائيل ومعارضًا للاعتراف من طرف واحد بدولة فلسطينية، وهو يساند حل الدولتين، ولكنه يعتقد أن اعترافًا من طرف واحد بالدولة الفلسطينية لن يفيد أيًّا من الأطراف. وتشير الصحيفة إلى أن ماكرون مقرب من الجالية اليهودية في فرنسا، وأعرب خلال توليه منصب وزير الاقتصاد الفرنسي بين عامي 2014-2016 عن معارضة شديدة لحركة المقاطعة الدولية، وعارض كل أشكال القرارات الداعية لفرض أي شكل من أشكال المقاطعة ضد إسرائيل، كما كشفت الصحف الإسرائيلية عن أن رئيس فرنسا الجديد اتضح أنه يقيم علاقة جيدة ووطيدة مع عضو الكنيست الإسرائيلي، وزير المالية السابق، يئير لبيد، زعيم حزب "ييش عتيد"، ونقلت الصحيفة عن لبيد قوله عن ماكرون: إنه يؤيدنا جدًّا، وعلى إسرائيل أن تفرح لفوزه، فهو عاقل تجاه تل أبيب ووسطي.