تطور جديد في قضية قانون السلطة القضائية الذي أقره رئيس الجمهورية بشكل سريع، بعد ساعات من موافقة مجلس النواب عليه، مطلع الشهر الحالي، والذي كان مرفوضًا من جانب القضاة، حيث يرونه تدخلًا في شأنهم الداخلي، وكان رد الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة، أمس، باختيار المستشار يحيى دكروري فقط؛ لإرساله لرئاسة الجمهورية. وكان من المقرر أن تصوّت الجمعية العمومية على ترشيح 3 قضاة؛ لإرسال أسمائهم لرئاسة الجمهورية؛ لاختيار رئيس مجلس الدولة الجديد، بناء على التعديلات التي أجريت على القانون رقم 13 لسنة 2017 الخاص باختيار رؤساء الهيئات القضائية. حيث ينص القانون على أن يرسل مجلس القضاء الأعلى، والمجلس الأعلى للنيابة الإدارية، والمجلس الأعلى لهيئة قضايا الدولة، والجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة، قائمة المرشحين الثلاثة لرئاسة هذه الهيئات من بين أقدم 7 أعضاء، قبل 60 يومًا من خلو المناصب الرئاسية لها، أي قبل يوم 30 يونيو المقبل، وهو نهاية السنة القضائية. بهذه التطورات تكون الكرة في ملعب الرئيس السيسي الذي أصبح أمامه 3 سيناريوهات على أكثر تقدير وفقًا لما حلله الخبراء السياسيون والقانونيون، وأيضا أعضاء اللجنة التشريعية بمجلس النواب، وهي: الموافقة على ما قررته الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة يأتي هذا السيناريو أقلهم حظًّا في ظل الصراع الخفي الموجود بين السلطتين القضائية والتنفيذية، والذي بلغ ذروته عقب صدور حكم من المستشار يحيى الدكروري، نائب رئيس مجلس الدولة الحالي، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود، ويرى البعض أن تعديل قانون السلطة القضائية جاء بسبب هذا الحكم، حيث أكد المستشار محمود زكي، نائب رئيس مجلس الدولة، أن من يدعي أن مجلس الدولة خالف قانون "الهيئات القضائية"، بترشيح المستشار يحيى دكروري فقط لرئاسة المجلس، عليه أن ينتبه إلى أنه يتحدث عن حامي الحقوق والحريات داخل الدولة المصرية. وأوضح نائب رئيس مجلس الدولة أن المجلس لم يخالف قانون "الهيئات القضائية"، بقوله "يحق للجمعية العمومية عدد أقل من ثلاثة، وهو ما قامت به اليوم". العودة للتعديلات واختيار 3 من بين أقدم 7 أعضاء يأتي السيناريو الثاني، وهو تجاهل ما قررته الجمعية العمومية لنادي قضاة مجلس الدولة، واختيار 3 قضاة من بين أقدم 7 موجودين، وبهذا يطفو الصراع الخفي على السطح، ويستمر صراع القوى بين مؤسسات الدولة، ولكن الشخص الذي سيتم اختياره رئيسًا لأي هيئة قضائية سيدخل في صراع هو الآخر، حيث سيقبل تعيينه على حساب زملائه الأقدم، وهو غير متعارف عليه، كما سيكون محسوبًا على أجهزة الدولة، وخصوصًا الجهات الأمنية. هذا ما أكدته النائبة البرلمانية عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، حيث قالت إن ترشيح مجلس الدولة للمستشار يحيى الدكروري منفردًا لرئاسة مجلس الدولة وفقًا للقوانين القديمة، متجاهلين قانون السلطة القضائية الذي مرره البرلمان، سيدفع السيسي إلى اختيار واحد من أقدم 7 مستشارين لرئاسة مجلس الدولة. ولكن بعض المصادر القضائية قالت إنه يمكن قبول المنصب من جانب القاضي، وبعد ذلك يقدم استقالته، أو يعتذر عن قرار التعيين، بحيث يتم اختيار القاضي الأقدم لتولي رئاسة الهيئة؛ لحفظ ماء الوجه بين القضاة والرئاسة. تطبيق القرار والطعن عليه بمجلس الدولة المحكمة وهو طرح أقرب لنظرية "إمساك العصا من المنتصف"، بأن يتم تطبيق قرار رئيس الجمهورية أيًّا كان، وفي حالة مخالفة عرف الأقدمية المتبع داخل القضاة، يتم الطعن عليه أمام مجلس الدولة؛ كونه قرارًا إداريًّا، ومن اختصاص مجلس الدولة، ويكون قرار رئيس الجمهورية باطلًا بحكم محكمة، ويتم تعيين القاضي الذي تختاره الهيئة بالأقدمية. ويأتي هذا السيناريو في ظل الدعوات المرفوعة من جانب عدد من القوى السياسية أمام المحكمة الدستورية العليا ببطلان القانون وكل ما يترتب عليه، وفي جميع الأحوال يكون هناك حكم قضائي ببطلان قرار رئيس الجمهورية، ويكون وضع مؤسسة الرئاسة حرجًا أمام تجاهل حكم قضائي، وهو ما رفضه الرئيس السيسي، وأكد أنه "يحترم القضاء" خلال مؤتمر الشباب بالإسماعيلية الشهر الماضي، أو أن ينتصر القضاء في معركته، ويبطل التدخل الذي أقرته التعديلات الأخيرة.