من حين لآخر تخرج المعلومات الأمنية عن قرب تحرير مدينة الموصل بالكامل، وذلك بعد الخطوات الثابتة التي تخطوها القوات العراقية، فمن ناحية أجبر الحصار المطبق الذي فرضه الجيش على تنظيم داعش في الأحياء الغربية من مدينة الموصل فلول التنظيم الإرهابي على القتال بشكل انتحاري، ومن جهة أخرى فإن هذا التطورات الأخيرة على الأرض حولت المعركة إلى حرب عصابات، وهو ما أدخلها في نفق آخر يبدي فيها التنظيمات الإرهابية مقاومة شرسة. وتشير التصريحات التي تخرج عن الجيش العراقي إلى أن هناك حسمًا وشيكًا لمعركة الموصل، تظهر معالمه في الأفق، يتمثل في إنهاء سيطرة تنظيم داعش على المناطق العراقية التي أعلن منها أبو البغدادي زعيم التنظيم الخلافة بحسب زعمه عام 2014. وأعلن الجيش العراقي عن تقدم واسع أحرزه في غرب الموصل، حيث أكد أنه استعاد السيطرة بالكامل على ضاحية مشيرفة، والتي يحاول من خلالها التقدم نحو الأحياء القليلة المتبقية تحت سيطرة التنظيم المتطرف، ومن بينها المدينة القديمة. واشتعلت جبهة القنال بين القوات العراقية والتنظيم المتطرف في الأحياء الغربية بمدينة الموصل الأسبوع الماضي، بعد أن توقفت في أحياء المدينة الأخرى، لكن يرد المتشددون المحاصرون على مناطق آخذة في التقلص على هجمات الجيش العراقي بسلسلة من التفجيرات الانتحارية للسيارات الملغومة وبنيران قناصة يختبئون بين مئات الآلاف من المدنيين. وقالت قيادة عمليات "قادمون يا نينوى" إن قطاعات الفرقة المدرعة التاسعة حررت حي مشيرفة الأولى، وتكون بذلك قد أكملت تحرير منطقة مشيرفة بالكامل، بعد تكبيد تنظيم داعش الإرهابي خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، مضيفة أنه تم رفع العلم العراقي فوق مباني الحي وإدامة التماس مع حي 30 تموز بالساحل الأيمن من مدينة الموصل. وتعد سيطرة القوات العراقية على مشيرفة مهمة جدًّا على كافة الأصعدة، فمن ناحية تكشف الخارطة العسكرية للمناطق المحررة في مدينة الموصل آخر ما تبقى لتنظيم "داعش" من وجود، حيث يسيطر فقط على مناطق في الساحل الأيمن لمركز نينوى شمال العراق، الأمر الذي يبقي مساحة قليلة من الموصل تحت سيطرة عناصر التنيظيم الإرهابي، بعدما خسر أجزاء واسعة من المدينة بتقدم القوات العراقية منذ 19 فبراير الماضي. ومن ناحية أخرى يهدف موطئ القدم الجديد للقوات العراقية لفتح ممرات هروب لمئات الآلاف من المدنيين المحاصرين وراء خطوط تنظيم داعش، وبالتالي مساعدة القوات على التقدم، حيث أدى تحرير مشيرفة في الموصل إلى مساعدة المدنيين الهاربين من نار داعش على اللجوء إلى القوات العراقية، حيث رصدت وكالة رويترز مغادرة الكثيرين من أهالي الموصل عبر نهر دجلة الذي يقسم المدينة إلى ضاحية مشيرفة في الغرب، بعد أن سيطرت القوات العراقية علىها؛ أملًا في الوصول إلى بر أمان نسبي في هذه المنطقة المشتعلة. كما تهدف استعادة المدينة إلى تسريع وتيرة حملة مستمرة منذ نحو سبعة أشهر لطرد تنظيم داعش، وتشارك قوات الداخلية العراقية مع الجيش في المعارك الأخيرة، وذلك للكشف عن المفرقعات ووقف العمليات الانتحارية التي يقوم بها التنظيم المتطرف، وقال نائب قائد الفرقة المدرعة التاسعة، العميد الركن وليد خليفة، لرويترز في حليلة الواقعة غربي مشيرفة "ما واجهناه خلال هذه العملية محاولة عناصر التنظيم عرقلة القطاعات بالعجلات المفخخة ومفارق تعويق". وأضاف أن قوات الفرقة قتلت نحو 30 متشددًا، ودمرت خمس عربات ملغمة، وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، العميد يحيي رسول، إن المتشددين "لم يكن لديهم الوقت لإقامة حواجز، والتقدم يسير على نحو جيد". ومن خلال هذا التقدم ستسعى القوات العراقية، المكونة من الفرقة التاسعة وقوات الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية، للوصول إلى ضفة نهر الفرات؛ من أجل استكمال تطويق المدينة القديمة التي يسيطر عليها التنظيم، حيث من شأن تقدم هذه القوات أن تعين قوات جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، التي تتقدم من ناحية الجنوب.