كعادته، لم يفوت ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، محمد بن سلمان، فرصة لمهاجمة إيران إلا واستغلها بالكامل؛ ففي معرض حديثه في حوار مع القناة السعودية الأولى، قال إن بلاده تقف بحزم في وجه "نزعة إيران التوسعية"، وإن الرياض تعرف أنها هدف للنظام الإيراني، متوعدًا بأن المعركة ستكون في إيران: "لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لتكون المعركة عندهم في إيران". واستبعد بن سلمان أن تغير إيران وجهة نظرها وسلوكها بين عشية وضحاها، وإلا انتهت شرعية هذا النظام داخل إيران، كما استبعد أن تجري المملكة حوارًا مع طهران، معتبرًا أن سياسة إيران المتمثلة بالتدخل في شؤون دول المنطقة العربية، مرفوضة من قبل الرياض. رد إيران جاء سريعًا؛ حيث اتهمت على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، بهرام قاسمي، السعودية بالسعي لإثارة التوتر في المنطقة، وقال قاسمي: السعودية تسعى لإثارة التوتر في المنطقة، واصفًا تصريحات بن سلمان ب"الهدامة"، كما اتهم الدبلوماسي الإيراني بلهجة حادة، السعودية بأنها تدعم الإرهاب قائلًا: هذه التصريحات دليل على أن السعودية تدعم الإرهاب، وتسعى إلى سياسات المواجهة والدمار في المنطقة وتجاه إيران. بالتوازي مع رد الخارجية، بعث سفير إيران لدى الأممالمتحدة، غلام علي خوشرو، رسالة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومجلس الأمن الدولي، أعلن خلالها استعداد بلاده لإجراء محادثات مع الرياض لتعزيز السلام بالمنطقة، رغم تصريحات "غير مشروعة وتحريضية" أدلى بها ولي ولي العهد السعودي، آملا أن تقتنع السعودية بالاستماع لصوت العقل. في السياق، وصف وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الخميس الماضي، حادثة تعرض السفارة السعودية في طهران لهجوم خلال يناير عام 2016 ب"الحماقة والخيانة التاريخية"، وأضاف في كلمة ألقاها بكلية العلاقات الدولية بوزارة الخارجية الإيرانية، أنه "لولا تلك الحادثة لكانت الظروف اليوم بشكل آخر فيما يتعلق بالعلاقة مع السعودية"، وأكد على وجود إجماع بين أعضاء مجلس الأمن القومي الإيراني بأن تعرض السفارة السعودية في طهران لهجوم منح ذريعة للسعودية للقيام بأعمال شريرة جديدة، وتابع أن بعض الأمور والأحداث أو حتى الأخطاء في أجواء يسودها الاضطراب والتوتر، يمكنها أن تغير الظروف. الخطوة الأخيرة التي اتخذتها إيران، تؤكد أنها تريد اللعب مع السعودية بطريقة دبلوماسية جديدة بعيدًا عن الطرق القديمة التي تتبعها المملكة في مهاجمة خصمها بالتصريحات المشينة والتوصيفات الخارجة عن حدود اللياقة والدبلوماسية؛ حيث ترمي طهران كرة الخلافات مع السعودية في ملعب المملكة والمنظمات الدولية، من خلال الإعراب عن استعدادها لإجراء حوار مع المملكة، ووصف حادث الاعتداء على السفارة الذي تتخذه الرياض ذريعة لمهاجمة إيران ووصفها بدعم الإرهاب، بأنه خطأ وخيانة تاريخية، لتبقى الكرة في الملعب السعودي بانتظار رد فعل المملكة، إما بتسديد ضربة لإيران من خلال تصريحات استفزازية جديدة، ما سيكون دليلا قاطعا أمام دول العالم والمنظمات الدولية أن المملكة هي الرافضة للسلام والحوار مع إيران، أو سيكون رد فعل ودي يبدأ على إثره حوار بين الطرفين، وهو الأمر الذي يستبعده الكثير من المحللين؛ لأن المملكة لن تفعل إلا ما تؤمر به من أمريكا، والأخيرة لن تسمح بعودة الحوار بين الرياضوطهران؛ لكون الأولى سلاحها الأقوى الذي تحارب به توسع نفوذ إيران وعلاقاتها المتنامية مع دول العالم.