«المنحة يا ريس في الأول من مايو من كل عام».. تخرج هذه المناشدة من شخص غامض لرئيس الجمهورية تحدث منذ التسعينيات, في الحفل الذي يحضره كل قيادات الدولة، بدءًا من اتحاد العمال الحكومي وصولًا إلى رئيس الجمهورية، وينقصه فقط حضور العمال. يمكن التبرير بأن صاحب هذه المناشدة يرى أن هذه المناسبة لن تتكرر لملاقاته أكبر مسؤول في البلاد مرة أخرى، وأن العادة هي التي جعلته يكرر فعلة سابقيه, والتي تجعل كل من يجلس على كرسي الحكم يشعر بأن له متوددين يحتاجونه فيفعل الفاعل فعلته نفاقًا, وهو ما لقى حفاوة هذا العام عند الرئيس، ورد بضحكة عالية واعدًا بتنفيذ الأمر. ولكن عندما يناشد رئيس الجمهورية أصحاب الأعمال «الشرفاء» الاستمرار في حل المشكلات التي تواجه عمالهم وصون حقوقهم والاضطلاع بمسؤولياتهم الاجتماعية تجاه الوطن, فالأمر أصبح به شيء خاطئ, فكيف لمن يأكلون حقوق العمال أن يصونوها؟ يا سيادة الرئيس هل أتاك حديث العمال المفصولين ظلمًا بسبب أصحاب الأعمال الذين لا يرون أمامهم سوى المزيد من المكاسب وفقط؟ هل تعلم أنه في خلال عام تم فصل أكثر من ألفين و500 عامل من أماكن رزقهم؟ ولم يراع أصحاب الأعمال مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه الوطن، ولم يصونوا حقوق العمال، آخرهم عمال طرة للأسمنت الذين تسعى الشركة لاستبدلتهم بآخرين. هل أتاك يا سيادة الرئيس حديث العمال المسجونين على خلفية المطالبة بحقوقهم الاجتماعية، والذي تجاوز عددهم مائة عامل، آخرهم عمال المصرية للاتصالات السبعة، فقط لأنهم طالبوا بحقوقهم ليس أكثر. والمصانع المغلقة، هل حدثك أحدهم عنها؟ الحديث عن الاستثمار دون محاولة إصلاح ما فات لن يفيد, علاج أخطاء الماضي سيضمن عدم تكرارها في المستقبل, هناك أكثر من 5 آلاف مصنع مغلق وبعضها صدر بحقه أحكام قضائية للعودة، ولكن لا حياة لمن تنادي. هل حدثك أحدهم من الأساس عن العامل؟ هل أخبروك كيف يقضي يومه براتبه الذي لا يتجاوز ألفي جنيه؟ ووقوفه عاجزًا أمام متطلبات أسرته، حتى إن اليوم يكاد يمر عليهم في سبعين ألف سنة من شدة الجوع, هل حدثك أحدهم عن التأمين الصحي والاجتماعي الغائب عنهم، والذي بسببه يجلس العامل في بيته بعد إصابات العمل دون وجود دخل ينفق به على بيته. كيف لهؤلاء أن تطالبهم بالوقوف بجانب الوطن ورفعته وهم في الأساس لا يستطيعون نصرة أنفسهم أمام غول الأسعار المنطلق بسرعة الصاروخ, الوطن لا يقوم على أكتاف الجوعى, الوطن يقيمه العمال حقًّا، ولكن وهم بطونهم ممتلئة وقلوبهم مطمئنة ولا تخشى الغدر. وأخيرًا لا تخاطب العمال يا سيادة الرئيس من الفنادق الضخمة فهم لا يعرفونها, ولن يذهبوا إليها طيلة حياتهم, العمال يحتاجون إلى إجراءات على أرض الواقع وتشريعات تحميهم, ليست كالتي أخرجها البرلمان والتي تسرق حلمهم النقابي وتجعلهم سخرة لأصحاب الأعمال.