تزخر مصر بالعديد من الأماكن والآثار التاريخية التي يجهل الكثير من المصريين تاريخها الحقيقي، في ظل عدم انتشار الوعي الأثري والتاريخي.. و«البديل» تقوم بدورها في التوعية بتاريخنا العريق من خلال حملة «اعرف تاريخك»، وحديثنا اليوم عن «جامع أثر النبي»، الواقع بشارع أثر النبي بمصر القديمة. يحمل جامع أثر النبي رقم 320 أثر، ويتبع منطقة آثار مصر القديمة والفسطاط. أنشأه الوزير الصاحب تاج الدين محمد بن الصاحب، عام 707ه / 1307م، وبحلول القرن 19 كان الجامع قد تخرب، فأعاد عمارته وإصلاحه محمود حسن باذرجان باشا سنة 1809 في أوائل حكم محمد علي باشا. وقال صلاح الناظر الباحث الأثري الحر، إن تاج الدين اشترى قطعة خشب وحديدًا بمبلغ ستين ألف درهم فضة من بني إبراهيم من أهالي ينبع بالحجاز، والتي توارثتها العائلة، ويصل أصلها إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وجعلها في رباط بالجامع؛ ليتبرك الناس به. وأوضح الناظر أن الرباط هو نوع من المباني، أقامه المجاهدون الذين يدافعون عن الإسلام، وأهمها في شمال إفريقيا، ومعظمها أبنية مستطيلة الشكل، وتوجد في أركانها أبراج للمراقبة، ولما زالت عن الرباط صفاته العسكرية، أصبح مكانًا للتقشف والعبادة، يسكنه المتصوفون. وتابع أنه بالرغم من أن الرباط الأصلي زال كلية في العصر المملوكي وبُنِي مكانه مسجد، إلا أننا نستطيع أن نستشف الوضع الإنشائي الذي كان عليه، والذي كانت عليه الأربطة في العصر المملوكي، حيث يتكون من صحن مكشوف، يحيط به مكان مغلق للعبادة، وكذلك طبقات متجاورة؛ لإقامة الصوفية، وربما كان للرباط أكثر من طابق. وتابع أن الرباط يحتوي على آثار تنسب لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما ذكرت، وأن تاج الدين مات سنة 707ه، ولم يكن قد أكمل الرباط، فأكمله ابنه الصاحب ناصر الدين، ثم رتب عليه الأوقاف الكثيرة، وجعل فيه الطعام للوارد والصادر والجراية لخدام تلك الآثار الشريفة، كما استحدث وظيفة هامة تعلقت بالآثار في العصر المملوكي، هي وظيفة شيخ رباط الآثار. وأكد أن الاهتمام بالرباط استمر في العصر المملوكي، حيث قرر السلطان الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون فيه دروسًا للفقه الشافعي، وجعل له مدرسًا وعنده عدة من الطلبة، ولهم جار في كل شهر من وقف أوقفه عليهم. واختتم أن السلطان "المؤيد شيخ" أمر بتجديد الرباط في رجب سنة 833ه/ 1420م، ونظرًا للترميمات العديدة للرباط ذكر السيوطي أن الرباط قد تغيرت معالمه في نهاية العصر المملوكي.