رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    ارتفاع كبير ب400 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (محليًا وعالميًا)    الحكومة تصدر بيانا بشأن "البنزين المغشوش" في محطات الوقود    5 مرشحين لتدريب الزمالك حال إقالة بيسيرو    مدرب سيمبا: خروج الزمالك من الكونفدرالية صدمة كبرى فهو المرشح الأول للبطولة    تشكيل إنتر ميلان المتوقع أمام برشلونة في موقعة الإياب بدوري أبطال أوروبا    إحالة سيدة احترفت سرقة متعلقات المواطنين بمدينة الشروق إلى المحاكمة    البرلمان: لا إخلاء لمستأجري الإيجار القديم قبل ضمان بدائل سكنية    موجة حارة.. بيان مهم ل الأرصاد يكشف طقس اليوم الثلاثاء 6 مايو (احذروا الشبورة)    تامر حسني ومصطفى حجاج يشعلان حفل زفاف رنا رئيس    نائب وزير السياحة والآثار تترأس الاجتماع الخامس كبار المسؤولين بمنظمة الثمانية    محافظ الغربية: لا تهاون في مخالفات البناء.. واستعدادات شاملة لعيد الأضحى    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025    مصر للطيران تلغي رحلاتها اليوم إلي بورتسودان وتوجه نداء لعملائها    هجوم عنيف بمسيرات أوكرانية يستهدف موسكو ووقف الرحلات في 3 مطارات    هل يشارك ترامب في جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس؟    إسرائيل تستعد لغزة ب«عربات جدعون»    العالم بعد منتصف الليل.. سلسلة انفجارات تهز حلب.. وقصف خان يونس (فيديو)    شريف فتحي يقيم مأدبة عشاء على شرف وزراء سياحة دول D-8 بالمتحف المصري الكبير    الحوثيون يتوعدون تل أبيب برد قوي على القصف الإسرائيلي لليمن    تشمل السعودية والإمارات وقطر.. جولة لترامب بدول الخليج منتصف مايو    جوتيريش يحث الهند وباكستان على "التراجع عن حافة الهاوية" ويحذر من التصعيد العسكرى    جموع غفيرة بجنازة الشيخ سعد البريك .. و"القثردي" يطوى بعد قتله إهمالا بالسجن    وزير وفنان وطالب :مناقشات جادة عن التعليم والهوية فى «صالون القادة»    الصراع يحتدم، رد حاسم من الأزهر بشأن تشكيل لجان فتوى مشتركة مع الأوقاف    وكيل كولر يتحدث لمصراوي عن: حقيقة التقدم بشكوى ضد الأهلي.. والشرط الجزائي بالعقد    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    لتفادي الهبوط.. جيرونا يهزم مايوركا في الدوري الإسباني    قابيل حكما لمباراة سموحة والطلائع.. ومصطفى عثمان ل زد والاتحاد    5 أسماء مطروحة.. شوبير يكشف تطورات مدرب الأهلي الجديد    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    رابط النماذج الاسترشادية لامتحان الرياضيات التطبيقية لطلاب الثانوية العامة 2025    مصرع طالب في حادث مروري بقنا    اليوم.. محاكمة نقاش متهم بقتل زوجته في العمرانية    التعليم توجه بإعادة تعيين الحاصلين على مؤهلات عليا أثناء الخدمة بالمدارس والمديريات التعليمية " مستند"    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    سفيرة الاتحاد الأوروبى بمهرجان أسوان لأفلام المرأة: سعاد حسنى نموذج ملهم    أصل الحكاية| ديانة المصريين القدماء.. حتحور والبقرة المقدسة بين الرمز والواقع    "كتب روشتة خارجية".. مجازاة طبيب وتمريض مستشفى أبو كبير    احترس من حصر البول طويلاً.. 9 أسباب شائعة لالتهاب المسالك البولية    10 حيل ذكية، تهدي أعصاب ست البيت قبل النوم    "كاميرا وروح" معرض تصوير فوتوغرافي لطلاب "إعلام بني سويف"    على مساحة 500 فدان.. وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي ل "حدائق تلال الفسطاط"    رنا رئيس تتألق في زفاف أسطوري بالقاهرة.. من مصمم فستان الفرح؟ (صور)    4 أبراج «ما بتتخلّاش عنك».. سند حقيقي في الشدة (هل تراهم في حياتك؟)    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالجيزة (صور)    تعرف على.. جدول الشهادة الاعدادية التيرم الثاني بمحافظة القاهرة    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو في الصاغة    ضبط طفل تحرش بكلب في الشارع بالهرم    تطور جديد في أزمة ابن حسام عاشور.. المدرس يقلب الموازين    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    هل ارتداء القفازات كفاية؟.. في يومها العالمي 5 خرافات عن غسل اليدين    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللؤلؤ المنثور
من أثر الرسول‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 08 - 2012

تنتهي زيارة الضيف فتصحبه مودعا للباب بقولك علي سبيل المجاملة‏:‏ زارنا النبي وحصلت لنا البركة‏..‏ مجاملة لواحد من البشر‏..‏ فما بالك بالبركة الحقيقية الحاصلة دوما من استنشاق عبق سيد البشر عند زيارتك لآثاره الشريفة في مسجد الإمام الحسين.. قطعة من قميص رسول الله صلي الله عليه وسلم, المصطفي الذي اصطفاه ربه فأرسله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره الكافرون, وثلاثة قطع كبيرة من اللباس النبوي لامست بدنه فنالت الحظوة المباركة, وقطعة من عصاته, ومن حربته, والمرود والمكحلة اللذين استدارا في إطار حدقات عيون تبصرت بسدرة المنتهي, والملقاط الذي انتزع شوكة من قدم اعتلت جبال الصخر للوصول للغار ليسمع صاحبها: اقرأ, والمرآة التي عكست مطلع النور ووجه حبيب الله الذي قال له فإنك بأعيننا, ومشطه الذي فرق الشعر ورجله وأسدله وضفره وتمشي بسنونه فوق الرأس الجليل.. و..بعض شعرات مباركات من الرأس التي تم حلقها في حجة الوداع فأخذها أبو طلحة ليقسمها بين الناس للاحتفاظ بها تبركا.. والمصحفان المنسوبان لعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب... وغيرها من آثار نبوية.. آثار من نور انتقلت من مكان إلي مكان, وذكرها برهان الحلبي في حاشيته نور النبراس علي سيرة سيد الناس ليعرفنا بأنها: كانت عند بني إبراهيم بينبع التي ورثها أبا عن جد, ثم اشتراها في القرن السابع تاج الدين بن حنا أحد وزراء مصر الذي شيد لها مبني علي النيل عرف باسم رباط الآثار المعروف الآن بجامع أثر النبي وكان مبني محكم البنيان وله طاقات مطلة علي الماء, ومكان ينزل إليه وفيه خزانة من خشب عليها عدة أستار الواحد فوق الآخر, وداخل الخزانة علبة من شجر الجوز فيها من الآثار الشريفة الكثير, وقد زرناه غير مرة وقلنا فيه شعرا منه:
يا عين إن بعد الحبيب وداره..
ونأت مرابعه وشط مزاره
فلك الهنا فلقد ظفرت بطائل..
إن لم تريه فهذه آثاره
ويأتي ابن بطوطة في أوائل القرن الثامن الهجري ليكتب عن زيارته لآثار النبي تلك بقوله: بت ليلة خروجي من مصر بالرباط الذي بناه تاج الدين بن حنا وهو بناء عظيم بناه علي مفاخر عظيمة وآثار كريمة اشتراها بمائة ألف درهم, وبني الرباط وجعل فيه الطعام للوارد والصادر, والجراية لخدام تلك الآثار الشريفة التي يقصدها الناس في كل يوم أربعاء.. وبقي الرباط عامرا مأهولا حتي زمن إبراهيم باشا الدفتردار والي مصر في عام1071 ه الذي قام بتوسعته وبني تحته رصيفا لسد مياه النيل عنه, ورتب له مائة خادم عثماني, وأوقف له الأراضي, وعين به القراء والحراس بالمناوبة.. وبعد تولي السلطان الملك الأشرف قنصوة الغوري المملكة المصرية عام1906 نقل الآثار إلي قبة الغوري التي أنشأها تجاه مدرسته داخل باب زويلة والخرق الخلق من القاهرة المعزية, وبقيت الآثار محفوظة بقبة الغوري ثلاثة قرون حتي عام1275 ه عندما توقف النيل عن الوفاء أثناء ولاية خير بك لمصر إلي أن جاء يوم الأحد السادس من رمضان فنزل ملك الأمراء وتوجه إلي المقياس وفرق أجزاء القرآن علي الفقهاء فقرأوها عشرين دورا, ثم قرأوا صحيح البخاري, وقام بتفريق المال علي اليتامي, وأحضر من الآثار الشريفة قميص الرسول صلي الله عليه وسلم, ووضعه في فسقية المقياس وغسلوه من مائها وسط الضجيج والابتهال والتضرع إلي الله بعودة الفيضان.. ثم نقلت الآثار النبوية من القبة إلي المسجد الزينبي, وبعدها في موكب حافل إلي خزانة الأمتعة بالقلعة, وبعدها في عام1304 إلي ديوان الأوقاف, وفي عام1305 تم نقلها إلي قصر عابدين مقر الخديو توفيق, ومن القصر في نفس العام إلي آلمسجد الحسيني تبعا لأوامر الخديو بحفظها قبل نقلها في نسيج من الديباج الأخضر المطرز بسلوك الذهب والفضة قامت زوجته الأميرة أمينة ابنة الأمير إلهامي باشا ابن والي مصر عباس باشا الكبير بتطريزه بيدها.. وأقيمت بعدها شعائر الاحتفال بالرحلة المباركة من القصر إلي المسجد يوم الخميس الخامس والعشرين من جمادي الثاني عام1305 ه, حيث تبدي موكب فخم لم تشهد مصر له مثيلا, مشي فيه نحو ثلاثين ألفا من أبناء مصر علي أقدامهم, واحتشد لرؤيته علي جانبي الطريق نحو مائتي ألف, وكان الخديو قد دعا جميع العلماء والأعيان إلي القصر للاشتراك في المسيرة الكبري المشرفة, وأمر موظفي الدواوين بالمشاركة, وكانت الآثار الشريفة ملفوفة في خمس أكسية من الديباج مرفوعة علي أسرة في بهو الاستقبال الكبير وحولها مجامر البخور, فلما توافد المدعوون استدعي الخديو إلي مجلسه قاضي القضاة وشيخ الأزهر محمد الإنبابي والشيخ محمد البنا مفتي الديار, ومن كبار العلماء الشيخ محمد المهدي العباسي, ومن السادة الأشراف نقيبهم السيد عبدالباقي البكري, والسيد عبدالخالق السادات... حمل الخديو فوق ذراعيه إحدي الودائع الخمس الكريمة, وعهد إلي كل من أخيه الأمير حسين كامل باشا, والغازي أحمد مختار باشا المندوب السلطاني العالي, ومحمد ثابت باشا رئيس الديوان الخديوي, ومحمد رؤوف باشا ناظر الأوقاف, ليحملوا الأربعة الباقية ليخرجوا بها إلي ميدان عابدين ليتقدم السيد البكري ويتسلم الوديعة التي يحملها الخديو وينتظم مع الحاملين لبقية الآثار.. وكان خروج الموكب المحاط بمجامر البخور وقماقم العطر من القصر في ضحي ذلك اليوم ليصل إلي المسجد الحسيني بالسير المتمهل بين صفوف فرسان الشرطة بأعلامهم في ثلاث ساعات, فكان سيره من عابدين إلي ميدان العتبة فشارع محمد علي إلي ميدان باب الخلق فشارع تحت الربع إلي باب زويلة فشارع السكرية, فالعقادين فالغورية فالسكة الجديدة إلي أن وصل إلي المسجد الحسيني.. وعند الوصول أودعت الآثار في خزانة المسجد ومعها المصحف العثماني, وتسلم المفاتيح ناظر الأوقاف.. وعندما تولي الخديو عباس حلمي باشا عام1309 ه أصبح للآثار النبوية حجرة خاصة جعل لها بابان, واحد إلي المسجد, والآخر إلي القبة, حيث خزانة الآثار بحائطها الجنوبي باقية إلي اليوم محتضنة آثار النبي صلي الله عليه وسلم الذي أنقذ مسري البشرية من ليل الجاهلية إلي نور الإيمان.
وتعرف الآثار النبوية عند الأتراك بالأمانات المباركة ويتبرك بها الزائر في جولته بقصر توبكابي باستنبول, ويعدها الأتراك من مفاخر دولتهم, ويرجع المؤرخون وجودها عندهم بأنها كانت عند أشراف مكة وأمرائها, فلما استولي السلطان سليم علي مصر عام923 ه بادر بطلبها من الشريف بركات أمير مكة وقتها فبعث بها إليه ليضعها بداية في الحرملك بقصر توبكابي حتي هيأ لها حجرة خاصة نقلها إليها ليحتفل بزيارتها مع عظماء دولته في منتصف رمضان.. ولما تولي السلطان مراد بن أحمد نقل الآثار إلي حجرة أخري في القصر ليظل الاحتفال بها قائما في رمضان بحضور السلطان وعظماء دولته لزيارة تلك الآثار الشريفة التي تضم قطعة من ثوب يزعمون أنها البردة التي وهبها صلي الله عليه وسلم لكعب بن زهير رضي الله عنه ويقال إن البردة كانت علي الرسول فجاء الحسن والحسين فأدخلهما فيها معه, ثم جاءت فاطمة فأدخلها معهما, ثم جاء علي فأدخله معهم, ليتلو بعدها قوله تعالي إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ومن آثار توبكابي النبوية التي نسردها علي علاتها كما جاء في كتالوج توبكابي: سن من أسنان الرسول صلي الله عليه وسلم, ونعلان نبويان, والبردة, وحجر عليه أثر القدم الشريفة, والسجادة النبوية, وقبضة سيف من السيوف النبوية, والقوس النبوي, واللواء النبوي, وماء من الغسل النبوي, وقدر منسوبة لنوح عليه السلام, ومرجل كان لخليل الله إبراهيم عليه السلام, وسيف داود عليه السلام, وعصا شعيب عليه السلام, وقميص يوسف عليه السلام, وميزاب من الذهب كان بالكعبة المشرفة لعله مفتاح قديم للكعبة, حيث كان يعمل للمفاتيح بمصر كيس من الديباج الأخضر المطرز يرسل به إلي مكة مع الكسوة ويجدد كل عام وغطاء باب التوبة الذي يفضي إلي سلم يصعد عليه إلي سطحها, وحلية من الفضة كانت علي مقام إبراهيم عليه السلام بالحرم المكي, وشعرات من رأس الرسول, وسجادة الصديق رضي الله عنه, وعمائم الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم وسيوفهم وراياتهم وسبحاتهم, وقبضات ستة سيوف من سيوف العشرة المبشرين بالجنة, ورايتا الحسن والحسين, وسيف جعفر الطيار, وسيف خالد بن الوليد, وسيف شرحبيل بن حسنة أحد الصحابة, وسيف معاذ بن جبل, وتاج أويس القرني, ومصحف عثمان ومصحف علي بن أبي طالب بخط يده.. ويذكر تاريخ الأتراك أنه في يوم تولي السلطان مراد بن أحمد الملك المعروف بمراد الرابع أنهم في اليوم التالي لمبايعته قلدوه سيفين أحدهما سيف نبوي والآخر سيف السلطان سليم, وأنه ارتدي يومها علي رأسه عمامة يوسف عليه السلام المجلوبة من خزانة السلطان الغوري في مصر... ويعترض العالم المؤرخ أحمد تيمور باشا علي الآثار التي تنسب للأنبياء نوح والخليل وداود وشعيب ويوسف لبعد العهد وتقادم الزمن, وكذلك علي السبح المنسوبة للخلفاء الأربعة, فإن السبح بشكلها الحالي لم تكن قد صنعت في ذلك العصر, وإنما كانوا يعدون التسبيح بالأنامل والنوي والحصا وعقد العقد في الخيوط مثل الخيط الذي كان لأبي هريرة.. وأما مفاتيح مكة التي حملها المملوك لطيف أغا للقسطنطينية فقد كوفئ عليها عند وصوله, كما ذكر الجبرتي بقوله: وعند دخول لطيف أغا بالكنز النبوي عملوا له موكبا عظيما مشي فيه أعيان الدولة وأكابرها ووضعت المفاتيح علي صفائح الذهب والفضة وأمامها البخور في المجامر المطعمة وخلفها الطبول, وأنعم عليه السلطان بطوخين خصلتين من ذنب الفرس تعلق علي الرأس وكان للوزير ثلاثة, وللصدر الأعظم خمسة, وللسلطان سبعة ومنحه لقب باشا ليغدو لطيف باشا.. وكانت نهاية الباشا إثر عودته لمصر عندما قبض عليه وقتله محمد بك لاظوغلي كتخدا مصر أي وزيرها, وقد كافأ إسماعيل باشا الوزير القاتل بعمل تمثال له لحفظه مصر أمانة تحت لوائه في غيابهم, ولهذا جعلوا تمثال لاظوغلي مادا ذراعه مشيرا بإصبعه إلي الأرض كناية عن تثبيته ملكهم بأرض مصر, وعندما لم يجدوا صورة له لصياغة التمثال علي نسقها أرشدهم أحد معاصري لاظوغلي إلي تاجر تركي بخان الخليلي يشبهه فصاغوا التمثال علي مثاله ليسمي ميدانه باسمه بشارع الدواوين.
وإذا ما كانت هدية شريف مكة إلي قصر توبكابي باستنبول ثلاثا وأربعين شعرة مباركة للرسول, فإن السلطان محمد الخامس قد أهدي منها بالتالي أربعا وعشرين إلي بعض المدن بالمملكة العثمانية.. وتبعا لخريطة الشعرات المسجلة اليوم فإن منها شعرتين بالمسجد الحسيني اللتين كانتا بقبة الغوري وهما في زجاجة محفوظة في صندوق صغير من الفضة أضيفت إليهما شعرة ثالثة أهداها أحمد طلعت باشا.. وهناك شعرة تكية النقشبندية بدرب الجماميز التي أهدتها والدة عباس باشا الكبير الوالي عام..1300 وشعرة المشهد الحسيني بدمشق الملاصق للجدار الشرقي لصحن المسجد الأموي.. وشعرة مقام التوحيد بدمشق التي تزار في المولد النبوي وليلة المعراج وليلة27 رمضان.. وشعرة بيت المقدس.. وشعرتين بعكا وحيفا الأولي بمسجد أحمد باشا الجزار بعكا والثانية بالجامع الكبير بحيفا.. وشعرتين بطرابلس إحداهما بجامع طورغود باشا والثانية ببني غازي في جامع راشد باشا المشهور بجامع عثمان.. وشعرة في بهوبال بالهند أهداها السلطان محمد رشاد لملكة بهوبال سلطان جهان بيكم التي وضعتها عند عودتها في صندوق ثمين حمله والدها بهوبال علي رأسه فتكأكأ عليه الناس للتبرك بلمس الصندوق فكاد يفرم تحت الأقدام قبل بلوغه المسجد بالشعرة المباركة..
وعندما اختار الرسول صلي الله عليه وسلم الرفيق الأعلي وبايع أبا بكر بالخلافة ذهبت السيدة فاطمة الزهراء إلي الخليفة تطالبه أن يرد عليها ما ترك أبوها من أرض بفدك وخيبر فأجابها بقول أبيها نحن معشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة ولاشك في أنه عليه السلام خلف من بعده منقولات قليلة مما كان يلبسه أو يستعمله في حياته اليومية من ثياب وأدوات, وما كان يستعمله كذلك في شئون الدولة منذ تولاها, بعد أن استقر له الأمر في المدينة, كخاتمه الذي نقش عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله, وكالعلم الذي كان المسلمون يتخذونه في حروبهم وغزواتهم في حياة نبيهم.. ويجمع المؤرخون علي أن الخاتم قد توارثه الخلفاء, إلي أن وصل إلي عثمان بن عفان أيام خلافته, ليسقط منه في بئر أريسي بالمدينة, فأمر بنزح البئر فلم يهتد إليه أحد, من هنا نقش عثمان لنفسه خاتما جديدا عليه الكلمات عينها لا إله إلا الله محمد رسول الله.. أما من تصدق عليهم أبو بكر أو أمهات المؤمنين من متعلقات الرسول الكريم فلم تذكره كتب السيرة التي انشغلت بحياة الرسول الحافلة ورسالته العظيمة, وغزواته, ورسله إلي الملوك, ولم يذكر المؤرخون الأوائل إلي من ذهبت الآثار النبوية وإلي من آلت إليه, ومن هنا اختلفت الآراء والمصادر وانفرد كل مؤرخ بذكر أثر واحد أو اثنين من الآثار مثلما انفرد كثير بذكر المكحلة والمشط, وانفرد الجبرتي بذكر قطعة عصا, وانفرد ابن أياس بذكر قطعة من القميص!!
آثاره التي ذهبنا نحصيها علي طول البلاد وعرضها فوجدناها في القضيب والبردة اللذين أصبحا من شعار الخلافة, فقد كانوا في يوم العيد يطرحون البردة النبوية علي أكتاف الخليفة آخذا القضيب المنسوب للرسول في إحدي يديه فيخرج للجماهير محاطا بالجلال والوقار مما يصدع القلوب ويبهر الأبصار, وهناك المنبر والسرير والخاتم والعمامة والسيف الذي كان يسمي ذو الفقار وكان صاحبه العاصي بن منبه السهمي الذي قتل كافرا يوم بدر فغنمه النبي صلي الله عليه وسلم وكان لا يفارقه في حرب من حروبه, وروت عائشة أنها وجدت في قائم السيف تلك الكلمات إن أشد الناس عتوا رجل ضرب غير ضاربه, ورجل قتل غير قاتله, ورجل تولي غير أهل نعمته, فمن فعل ذلك فقد كفر بالله ورسوله, لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.. وقد سمي السيف ذو الفقار لحزوز مثل فقرات الظهر في وسطه, وقد انتهي تنقل السيف بين أيدي المحاربين والخلفاء ليمتشقه المهدي ثم الهادي ثم الرشيد ثم المهتدي.
تلك آثاره... فماذا عن أوصافه التي ذكرتها حبيبته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في قولها: ربعة, أزهر اللون, مورد الوجه, واسع الجبين, كث اللحية, عظيم المنكبين, ضخم العظام, سواء البطن, رجل الشعر, يفتر ضاحكا مثل سنا البرق, ويتكلم فكأن النور يري يخرج من ثناياه.. وكان في كل شيء بشرا من البشر ضحاكا بساما, وكان خير الناس لأهله, يقول إنما أنا بشر أنسي كما تنسون, يحب الرفق ويحض علي النظافة, ولا يفارقه سواكه, ولا مشطه, واختار أن يكون نبيا عبدا لا نبيا ملكا, ومال إلي الفطرة وتوخاها في مأكله وملبسه ومنامه ومعاملاته, فلا هو داود, ولا سليمان, ولا هو المسيح, ولا موسي, فما كان مثل أي منهم وإنما هو جماعهم كلهم ويتجاوزهم, واختار أن يتعبد لله حتي ورمت قدماه, وآثر أن يجوع يوما ويشبع يوما, وكان سيد الناس إذا ما دعاه أحد أصحابه أو أهل بيته إلا قال:( لبيك).. وكان عرضة للمرض وتوفي به, وكان يحب ويشتهي, ويرغب ويريد, ويتمني ويأمل.. وكان الرسول إذا رأي فاطمة ابنته قد أقبلت رحب بها, ثم قام فقبلها, ثم أخذ بيدها حتي يجلسها في مكانه وما رأيت أحدا أشبه سمتا وهداية برسول الله صلي الله عليه وسلم في قيامها وقعودها وكلامها من فاطمة, وكانت مشيتها كأنها مشية أبيها الذي كان كثيرا ما يقبل عرفها( رأسها).. وعن دموع رسول الله صلي الله عليه وسلم قول عائشة: رجع النبي من جنازة سعد بن معاذ ودموعه تحادر علي لحيته, وانحدرت تخضب وجه عثمان ابن مظعون وهو مسجي ميتا وفي قول لها: إذا وجد الرسول إذا حزن فإنما هو آخذ بلحيته وقولها: كان إذا أوحي إليه يأخذه شبه السبات, ويتربد وجهه, ويجد بردا في ثناياه, ويعرق حتي يتحدر منه مثل الجمان( اللؤلؤ).. وظل النبي يحرس حتي نزلت الآية والله يعصمك من الناس فأخرج رسول الله رأسه من القبة قائلا: أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله من الناس وإن تنام عيناي ولا ينام قلبي.. وكان إذا ما اعتم لبس العمامة أسدلها بين كتفيه.. وقال: أتاني جبريل قائلا: إن الله عز وجل أمرك أن تدعو بهذه الكلمات فإنه يعطيك إحداهن: اللهم إني أسألك عافيتك, وصبرا علي بليتك, وخروجا من الدنيا إلي رحمتك..
ونبحث عن أوصاف المصطفي في وصف علي بن أبي طالب له: لم يكن بالطويل الممغط( الممتد) ولا القصير المتردد.. وكان ربعة من القوم, ولم يكن بالجعد القطط( شديد التجعيد) ولا السبط( شديد النعومة), كان جعدا رجلا( ممشطا), ولم يكن بالمطهم( العظيم الجسم) ولا المكلثم( المستدير الوجه في صغر), وكان أبيض مشربا, أدعج العينين( الأسود العينين), أهدب الأشفار( طويل الرموش), جليل المشاش( عظام رؤوس المفاصل) والكتد( ما بين الكتفين), دقيق المسربة( الشعر الذي يمتد من الصدر إلي السرة), أجرد( قليل شعر الجسم), شنن( كبير الكفين والقدمين), إذا مشي تقلع( لم يثبت قدميه في الأرض) كأنما يمشي في جنب( انحدار), وإذا التفت التفت معا, بين كتفيه خاتم النبوة وهو صلي الله عليه وسلم خاتم النبيين, أجود الناس كفا, وأجرأ الناس صدرا, وأصدق الناس لهجة, وأوفي الناس ذمة, وألينهم عريكة( معاشرة), وأكرمهم عشرة, من رآه بديهة( بداية) هابه, ومن خالطه أحبه.. لم أر قبله ولا بعده مثله صلي الله عليه وسلم..
ويصف الرسول صلي الله عليه وسلم نفسه بقوله: أنا دعوة أبي إبراهيم, وبشري أخي عيسي, ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام, واسترضعت في بني سعد بن بكر, فبينما أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعي بهما لنا, إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوءة ثلجا, ثم أخذاني فشقا بطني, واستخرجا قلبي فشقاه فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها, ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتي أنقياه, ثم قال أحدهما لصاحبه زنه بعشرة من أمته, فوزنني بهم فوزنتهم, ثم قال: زنه بمئة من أمته, فوزنني بهم فوزنتهم, ثم قال: زنه بألف من أمته, فوزنني بهم فوزنتهم, فقال دعه عنه, فوالله لو وزنته بأمته لوزنها.. صلي الله عليه وسلم..
[email protected]
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.