منذ فترة، أطلق موقع فيس بوك خاصية "فيسبوك لايف" أو "البث المباشر"، وهي خدمة تمكن مستخدميها من بث لقطات فيديو حية إلى العالم. وقال المؤسس والرئيس التنفيذي لفيس بوك، مارك زوكربيرج، أن هذه الخاصية تدعم التواصل بين الناس وبالفعل تم تشجيع المستخدمين على مشاركة لحظاتهم عند حدوثها، على سبيل المثال في انتظار الأمتعة في المطار أو تناول الطعام. لكن ذهبت هذه الخاصية إلى أبعد من ذلك، خدمة فيسبوك لايف بثت بالفعل فيديو للحظة تقييد وتكميم شاب معاق ومهاجمته بسكين. وفي مارس الماضي، قام اثنين من المراهقين في شيكاغو ببث فيديو مباشر لاعتدائهم على فتاة مراهقة. وشاهد هذا الفيديو حوالي 40 مستخدما على الفيس بوك دون أن يبلغوا عنه سواء لإدارة الفيس بوك أو الشرطة. ورغم ذلك، اتضح أن كل هذا كان مجرد مقدمة. في الأسبوع الماضي، شاهد كثيرون بثا حيا لرجل مسن يدعى، روبرت جودوين، يمشي في أحد شوارع ولاية أوهايو ثم مر بجانبه شاب يدعى، ستيف ستيفنس، وطلب منه أن ينطق اسم "جو لين" وعندما استجاب جودوين، أطلق ستيفنس النار عليه. بعد ذلك نشر ستيفنس ثلاثة فيديوهات على الفيسبوك بين الساعة 11.09 صباحا و الساعة 11.22 صباحا. في بداية الفيديو الأول، أعلن ستيفنس عن نيته في ارتكاب جريمة القتل، وبعدها بدقيقتين رفع فيديو إطلاق النار ثم نشر الفيديو الثالث الذي تضمن اعترافه بالجريمة. تلقت إدارة موقع الفيس بوك أول بلاغ عن فيديو القتل في الساعة 12.59 مساء وأغلقوا حساب ستيفنس بعدها ب 23 دقيقة. أتضح أن جوي لين هو اسم صديقته، التي كان لديه مشكلات معها. وتعليقا على هذه الجريمة نقلت صحيفة واشنطن بوست عن المتحدث باسم إدارة الفيس بوك قوله أن "هذه جريمة مروعة ونحن لا نسمح بهذا النوع من المحتوى على الفيس بوك"، مضيفا "نحن نعمل بجد للحفاظ على بيئة آمنة في الموقع وعلى اتصال بسلطات إنفاذ القانون في حالات الطوارئ عندما تكون هناك تهديدات مباشرة للسلامة البدنية". وفي 18 إبريل الجاري – بعد يومين من جريمة مقتل غودوين – ذكرت مدونة رسمية تابعة لموقع فيس بوك أنه "منذ إطلاق خدمة فيسبوك لايف رأينا الناس والناشرين في جميع أنحاء العالم يغتنمون الفرصة لتبادل خبراتهم وتجاربهم لحظة حدوثها وقد أبهرنا الإبداع الذي رأيناه". ما حدث من جرائم البث المباشر توضح أن نسبة من مستخدمي الفيس بوك هم مرضى نفسيين أو مرضى اجتماعيين أو مصابين بالجنون. وبما أن هناك ما يقرب من 2 مليار من مستخدمي الفيس بوك، فهذه النسبة هي عدد كبير من الناس الذين بعضهم يستمتع بإلحاق الأذى بالآخرين – والأسوأ من ذلك – لديهم إمكانية نشر أفعالهم بسهولة إلى العالم. حتى وقت قريب، كانت هذه الرغبة الأخيرة من الصعب إرضاءها. ولكن الآن التكنولوجيا الرقمية، في شكل تطبيقات وخدمات مثل خاصية فيسبوك لايف، فتحت المجال أمام تحقيق تلك الرغبة. أي شركة عادية لديها منتج يؤدي إلى مثل هذه النتائج الوحشية ستقوم بإلغائه فورا. لكن فيس بوك ليست شركة عادية، حيث إنها تجنى أرباحها ليس من خلال بيع أشياء أو منتجات إلينا، بل من خلال تحليل حساباتنا الرقمية ومتابعة نقرات إعجابنا ومشاركاتنا وبيع تلك البيانات إلى شركات الإعلان التي تستخدم هذه البيانات لاستهداف الزبائن بشكل أكثر دقة. كذلك إدارة الفيس بوك يمكنها أن تفرض رسوما أكبر على الإعلانات المرتبطة بمقاطع الفيديو، لذا فإن خدمة البث المباشر تعد بمثابة مصدر ربح كبير والهجوم الذي يحدث من وقت لآخر بسبب إساءة استخدام الخدمة من قبل المرضى النفسيين وغريبي الأطوار من غير المرجح أن يكون سببا في إغلاق خاصية ترى إدارة الفيس بوك أنها وسيلة لنشر إبداع الناس وتعزيز التواصل بينهم. ما نتعلمه ليس فقط من خدمة فيسبوك لايف، ولكن من وسائل الإعلام الاجتماعية عموما هو أنها مرآة للطبيعة البشرية حتى لو كانت بعض الأشياء، مثل قتل جودوين، تشير إلى اتجاه مثير للقلق العميق على وسائل التواصل الاجتماعي. الجارديان المقال من المصدر: اضغط هنا