منذ أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، عن انتخابات تشريعية جديدة مبكرة من المقرر إجراؤها في 8 يونيو المقبل، انطلقت التكهنات حول الحزب الفائز بهذه الانتخابات، وبالتوازي مع ذلك انطلقت أيضًا الخطط والبرامج الانتخابية، ليخرج رئيس حزب العمال البريطاني المعارض، جيريمي كوربين، بتصريحات مثيرة للجدل، جعلته مسار انتقاد لحزب المحافظين الحاكم، لكنها قد تزيد من شعبية الحزب في الانتخابات المقبلة. أعلن زعيم حزب العمال البريطاني، جيريمي كوربين، أنه قد يعلق مشاركة بلاده في الضربات الجوية على سوريا، في حال فوز حزبه بالانتخابات التشريعية المبكرة وتوليه رئاسة الوزراء، وأعرب كوربين عن اعتقاده أن الحل الوحيد في سوريا سيكون سياسيًّا، مضيفًا: أود أن أقول اسمعوا، دعونا نجمع الناس حول الطاولة سريعًا، ومن أجل تحقيق هذا ربما يقتضي تعليق الضربات على سوريا. وأشار إلى أنه سيفكر فيما إذا كان سيصدر أمرًا بتنفيذ ضربة بطائرة بدون طيار ضد زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي؛ للحد من سقوط قتلى مدنيين، كما أوضح كوربين مواقفه من قضايا الأمن والسياسة الخارجية لبريطانيا، قائلًا إنه سيعيد النظر في سلاح الردع النووي البريطاني، موضحًا أنه يعارض استخدام الأسلحة النووية. تصريحات "كوربين" التي أظهرت رغبته في بناء حياة سلمية هادئة في بريطانيا حال توليه رئاسة الوزراء، تتناقض تمامًا مع تصريحات وزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، الذي قال إن رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، قد تعطي أمرًا بشن ضربة نووية استباقية عند الضرورة، معتبرًا أن لدى المملكة المتحدة كل الحق في ذلك، وأوضح فالون أن "ماي" استعدت لاستخدام صواريخ "Trident" في الظروف الأكثر حرجًا، حتى في حال عدم تعرض بريطانيا نفسها لتهديد الضربة النووية. موقف كوربين السابق لم يكن الأول الذي يظهر عداءه للسياسة التي تنتهجها بريطانيا مع دول العالم، وسيرها مُغمضة الأعين وراء النهج والمخططات الأمريكية؛ ما جعلها دمية تحركها الإدارة الأمريكية وقت الحاجة، وظهر ذلك في العديد من مواقف زعيم حزب العمال البريطاني، حيث سبق أن أظهر دعمه للاتفاق النووي وتنمية العلاقات مع إيران، ومعاداته للحرب في سوريا والحلول العسكرية التي تنتهجها أمريكا وتسير على ظلها بريطانيا، حيث سبق أن أعرب عن انتقاده للحظر الذي فرضته واشنطن ضد إيران في فبراير الماضي، وقال حينها: بصفتي الشخص الذي رافق الوفد البرلماني البريطاني إلى إيران بهدف تحسين العلاقات مع هذا البلد، أرى أن فرض حظر جديد ضد إيران لا يعتبر إجراءً مناسبًا. وتابع كوربين: أرغب في تنمية العلاقات مع إيران، كما يجب أن نوسع علاقاتنا في منطقة الشرق الأوسط برمتها، من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار ذي مغزى في سوريا والبدء في عملية السلام. وفي مناسبة أخرى أظهر زعيم حزب العمال البريطاني رفضه للقرار الأمريكي الذي اتخذه الرئيس "ترامب" عقب تنصيبه بحظر دخول رعايا 7 دول عربية وإسلامية، حيث قال "كوربين" حينها: برأيي فرض الحظر على زيارة مواطني 7 بلدان إسلامية شهيرة إلى أمريكا يشكّل إجراء خاطئًا تمامًا. وردًّا على سؤال بشأن دعوته ل"ترامب" بزيارة مساجد المسلمين، قال كوربين: آمل بأن يدرك ترامب أننا نعيش في عالم واحد، مضيفًا أن المساجد تشكل قسمًا كبيرًا من مجتمعنا، والمسلمين يساهمون في دعم المجتمع عبر المساجد، ويقومون بجمع المساعدات للاجئين والبؤساء، والمساجد هي بمثابة جسر يربط بين الأعراق والأديان، الأمر الذي يدعو للفخر والاعتزاز. المواقف السابقة لزعيم حزب المعارضة البريطاني الأبرز، وغيرها من المواقف المماثلة التي تخص القضية الفلسطينية وإسرائيل وطريقة التعامل مع اللاجئين والمسلمين وعلاقات بريطانيا الخارجية، جعلته مسار انتقاد دائم من قبل حزب المحافظين البريطاني الحاكم، حيث يصف حزب المحافظين "كوربين" وحزبه بأنه يمثل خطرًا على الأمن البريطاني، وأنه أقوى سبب للتمسك بالقيادة القوية لرئيسة الوزراء الحالية تيريزا ماي، حسب تعبيرهم. انطلقت التكهنات حول الحزب الذي سيفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة التي أعلنت عنها رئيسة الوزراء "تيريزا ماي"، حيث رأى بعض السياسيين أنه على الرغم من تأكيد "ماي" على أن الإعلان عن الانتخابات المبكرة ليس مناورة سياسية منها، إلا أن تقديم الانتخابات بأكثر من 3 سنوات عن موعدها يوضح أن ماي تسعى لتحقيق مكاسب سياسية لنفسها وحزبها، وتسعى لتعزيز أغلبية حزب المحافظين في مجلس العموم، كما كشفت بعض استطلاعات الرأى أن رئيس الوزراء الحالية مؤهله للفوز بأغلبية كبيرة على حزب العمال البريطاني، إذ تشير الاستطلاعات إلى أن نسبة دعم حزب المحافظين الحاكم تصل إلى 50 في المائة، وتشير استطلاعات أخرى إلى أن حزب المحافظين سيتقدم على حزب العمال بنحو 20 نقطة. في المقابل نشرت صحيفة "الإندبندنت" مقالًا بعنوان "بإمكان كوربين الفوز بالانتخابات التشريعية إذا لم يشوه حزب العمال صورته"، حيث قالت الصحيفة إنه أمام الحزب فرصة حقيقية الآن للظفر بهذه الانتخابات إذا لم يدخل نوابه في مجلس العموم في صراع مع "كوربين"، وإذا قدموا سياسات بديلة للرأي العام، وأعلنوا عن إجراءات تقنع الناخبين بأن حكومة عمالية تستطيع تحسين الأوضاع في البلاد، لكن هذا لا ينفي أن أغلب نواب الحزب ليسوا مستعدين لخوض الانتخابات، ولا سيما في ظل نتائج استطلاع الرأي التي تشير إلى تأخرهم بنحو عشرين نقطة خلف حزب المحافظين، وخلصت الصحيفة إلى أن جميع الأحزاب الكبرى ليست راغبة في خوض الانتخابات حاليًّا، ولا في تسيير حملات الدعاية واستمالة الناخبين، لكن رغم كل ذلك يعتقد أن "كوربين" يمكنه أن يقود حزب العمال لتحقيق الفوز في الانتخابات.