هل تخلت الولاياتالمتحدة عن ولي العهد السعودي وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف بعد اقتناع الإدارة الأميركية و دونالد ترامب بأن معالجة وتطوير وإعادة تقييم العلاقات السعودية-الأميركية لن يتم بشكل أمثل إلا من خلال ولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان؟ فالأخير يصدر نفسه مؤخراً لواشنطن كفاعل أهم وضامن لإنهاء عامين من الارتجال والعشوائية والأزمات التي تسببت فيها المملكة في المنطقة، وتضررت منها المصالح الأميركية وكذا العلاقات بين البلدين، سواء في حرب اليمن التي هي شأن أصيل للسياسات الأميركية في المنطقة، وكذلك علاقات السعودية بحلفاء الولاياتالمتحدة مثل مصر، التي تدهورت علاقاتها بالمملكة وستؤثر بالسلب حال استمرارها على إستراتيجية الإدارة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط. في السياق ذاته، وعشية زيارة بن سلمان الأخيرة لواشنطن وقبيل القرارات الملكية الأخيرة، لم يجد الكاتب السياسي الأميركي المخضرم، ديفيد إجناتيوس، غضاضة في الجزم بأن مسألة "التوتر السياسي" داخل البيت السعودي بين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان قد أصبحت طي الماضي كعهد القيادة القديمة لآل سعود التي من ضمن أخر أفرادها بن نايف، مقابل هيمنة وسيادة الأمير الشاب بن سلمان وبشكل مستقبلي على مقدرات المملكة العسكرية والاقتصادية والسياسية في الداخل والخارج، مع تهميش وقضم مستمر لصلاحيات ولي العهد كمنصب وكشخص طيلة العاميين الماضيين، وصولاً إلى نزع صلاحيات أمنية هي من صميم عمل بن نايف منذ حوالي 20 عاماً. رأي اجناتيوس اعتبره البعض تهميشاً وتقليل من خطورة الصراع بين المحمدين حول مستقبل الحكم في السعودية، لكن فيما يبدو أن الكاتب الأميركي نظر للأمر من زاوية حسم بن سلمان للصراع مبكراً عبر سلسلة من التغيرات الكبيرة في الداخل والخارج، وتصدير نفسه كحاكم فعلي للمملكة ينفذ من اليوم الأول لحكم والده لمختلف المؤسسات السعودية في الجيش والخارجية والنفط والإعلام وغيرها، ويسيطر عليها مقلصاً من نفوذ أمراء البيت السعودي النافذين سواء السديريون السبعة وأبناءهم، أو أبناء الملك فيصل الذين تولوا المناصب الدبلوماسية والاستخباراتية لعقود، وهو ما لم تبدي إدارة ترامب أي ملحوظات عليه وخاصة وأن بن سلمان قد أهتم بترسيخ صورة الآمر الناهي في المملكة عند زيارته الأخيرة لواشنطن ولقاءه بترامب الذي فيما يبدو منح مباركة بلاده لخطوات الأمير الشاب. لكن من زاوية أخرى فإن هناك ارتكاز أصيل وأهم لبن نايف سيطر عليه بن سلمان مؤخراً عقب القرارات الملكية الأخيرة الصادرة أمس الأول، وهو الأمن السياسي ومكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي يشكل أساس اهتمام واشنطن بولي العهد وأساس للعلاقة الخاصة التي جمعت الطرفين منذ توليه منصب نائب وزير الداخلية عام 1999، ثم كوزير2012 خلفاً لوالده ولي العهد السابق نايف بن عبد العزيز، وما حدث في تلك الفترة من أحداث أمنية مثل هجمات 11 سبتمبر 2001 والحرب الأميركية على الإرهاب، وما لزم ذلك من تنسيق أمني جعل بن نايف رجل واشنطن المفضل في العائلة المالكة السعودية، والذي يُجرد على نحو منتظم منذ عامين من سلطاته ونفوذه بما فيها مفاعيل منصب ولي العهد، لحساب بن سلمان، الذي تحصل مؤخراً عبر والده الملك على موافقة بإنشاء مركز "الأمن الوطني" وربطه بالديوان الملكي لا وزارة الداخلية ولا ديوان ولي العهد، وتعيين محمد بن صالح الغفيلي كمستشار للأمن الوطني في الديوان الملكي كرئيس للمركز بمرتبة وزير، وهو شخص ليس لدية أي خبرة في المجال الأمني مما يعني أنه سيصبح واجهة جديدة لبن سلمان مماثلة لواجهات عديدة في المؤسسات السعودية النفطية والاقتصادية والإعلامية يسيطر من خلالها الأمير الشاب على مفاصل الحكم في المملكة عبر رؤية «2030»، بدعوى التطوير والإصلاح عبر الجيل الثاني والثالث الممثل في الأمراء الشباب من آل سعود. ترجمة الأمر السابق على المدى المنظور تعني عملياً تجريد بن نايف من صلاحيات أمنية تصبح بمقتضاها وزارة الداخلية السعودية التي يتولاها بن نايف مجردة من أي صلاحيات سياسية سواء في الداخل أو في الخارج على صعيد التعاون الأمني بين الرياضوواشنطن، الذي كان يتم عبر تعاون هيئات أميركية كوكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي وبين الداخلية السعودية ممثلة في المباحث العامة وقوات الأمن الخاصة، أي أن مركز "الأمن الوطني" التابع مباشرة للديوان الملكي سيحل محل وزارة الداخلية في الاستفادة والتعاون مع الهيئات الأميركية السابقة. وهذا الأمر يتلاءم مع التغيرات التي أقرتها الأوامر الملكية الأخيرة، سواء بتعيين أحمد العسيري نائب رئاسة الاستخبارات السعودية –الشخص المقرب لبن سلمان ومستشاره في وزارة الدفاع- وكذلك تعيين شقيق محمد، الأمير خالد بن سلمان (28عام) سفيراً للمملكة في الولاياتالمتحدة، وهو التغيير الأهم الذي دلالته الأهم أنه بمثابة خطوة أخيرة في قطع علاقات واشنطن ببن نايف وتحويلها بشقها الأمني والدبلوماسي لعهدة محمد بن سلمان ورجاله، وهو ما يتناسب مع معطيات لقاء الأخير بترامب الشهر الماضي، وبداية قناعة واشنطن بأنه الحاكم الفعلي للمملكة المسيطر على الجيش والإعلام والاقتصاد والخارجية وأخيراً الأمن بشقه المتعلق بما تهتم به الإدارة الأميركية الحالية كأولوية مطلقة وهي مسألة "مكافحة الإرهاب". ولم يتوقف الأمر عند قطع الصلات بين بن نايف وواشنطن عملياً، ولكن تقويض ما تبقى للأخير من نفوذ في الداخل السعودي؛ ليس فقط على الصعيد الأمني كما هو موضح أعلاه، ولكن أيضاً على مستوى تنفيذي متعلق بتقويض أي فرصة نفوذ لأي من أمراء البيت السعودي خارج سلمان وأولاده ومن على يسايرون محمد ابنهُ في سياساته الداخلية والخارجية، وذلك عبر تعيين حفيد الملك أحمد بن فهد بن سلمان نائباً لأمير المنطقة الشرقية – التي تعتبر نفوذاً أمنياً لآل نايف لحيثياتها الأمنية والطائفية- سعود بن نايف الشقيق الأكبر لولي العهد، وهو ما يمكن اعتباره في سياق أسري/قبلي تعدي غير مسبوق على تقاليد توزيع الحقائب الأميرية. كذا استحداث وزارة دولة لشئون الطاقة وتعين أخيه عبد العزيز بن سلمان كوزير لها مع احتفاظه بمنصب نائب وزير وزارة الطاقة والثروة المعدنية، للسيطرة على أي نفوذ خارج آل سلمان وجناح ولد محمد على قطاع النفط الحيوي، بعد أن سيطر الأخير على شركة "آرامكو" قبل عامين، وإتمام التحكم بالوزارة المهمة الذي بدأ منذ الإطاحة بوزيرها المخضرم علي النعيمي العام الماضي. وبشكل عام فإن القرارات الملكية الأخيرة لا تأتي فقط كخطوة عملية أولى في إخراج ولي العهد محمد بن نايف بشكل كامل من دائرة النفوذ والقرار لدرجة يدخل فيها بشخصه ومنصبه إلى دائرة التمثيل الشرفي، ولكن أيضاً سيطرة بن سلمان عبر والده على ما تبقى من المناصب الحساسة والهامة الأمنية والعسكرية والاستخباراتي والنفطية والدبلوماسية والتنفيذية، ويدشن معيار جديد لتولي المناصب في المملكة هو مدى الرضا والقرب من شخص محمد بن سلمان وموالاة سياساته الساعية للقفز المبكر على عرش المملكة متجاوزاً بن نايف. أيضاً يمكن اعتبار هذه القرارات تطبيق عملي لمدى النفوذ الداخلي والخارجي الذي انتزعه بن سلمان، وأخره الحصول على ضوء أخضر أميركي بمباركة إجراءاته الداخلية السابقة واتخاذ الخطوات الأخيرة، وربما في المستقبل لما هو أكبر منها نظير إعادة ترتيب العلاقات بين واشنطنوالرياض عبر بن سلمان على أساس أنه الحاكم الفعلي حالياً والملك القادم مستقبلاً، وخاصة وأن إطالة أمد الصراع الداخلي في المملكة منذ أواخر عهد الملك السابق، عبدالله بن عبد العزيز، قد أنعكس على السياسات الخارجية للمملكة بما في ذلك شن حرب اليمن التي في المحصلة لم تخرج عن كونها آلية تلميع ودعاية وتأهيل للأمير الشاب، وإقناع الأميركيين أنه رقم هام لا يمكن لواشنطن أن تهمشه في معادلة سياساتها في المنطقة. وكذلك ضمان أنه لن يكون من السهل على محمد بن نايف حال وقوع مفاجأة درامية متمثلة في وفاة الملك سلمان قبل إعفاءه من ولاية العهد، وبالتالي صعوده كملك للسعودية، أن يعزل محمد بن سلمان الذي سيصبح ولي للعهد ومسيطر فعلي بحكم التغيرات التي أجراها في العاميين الماضيين على معظم مؤسسات الحكم في السعودية؛ ولكن هنا ينبغي الإشارة إلى أن السعودية ليست دولة مؤسسات وهيكلها المؤسسي والإداري والسياسي قائم على فكرة الولاء للفرد لا للدولة على نمط ممالك العصور الوسطى وبالتالي فإن الضامن الوحيد لنجاح مخطط بن سلمان هو بقاء والده على قيد الحياة حتى الإطاحة رسمياً ببن نايف الذي أضحى مؤخراً ولي عهد بدون سلطة فعلية ومشكوك في سلطته المستقبلة. في السياق ذاته، وعشية زيارة بن سلمان الأخيرة لواشنطن وقبيل القرارات الملكية الأخيرة، لم يجد الكاتب السياسي الأميركي المخضرم، ديفيد إجناتيوس، غضاضة في الجزم بأن مسألة "التوتر السياسي" داخل البيت السعودي بين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان قد أصبحت طي الماضي كعهد القيادة القديمة لآل سعود التي من ضمن أخر أفرادها بن نايف، مقابل هيمنة وسيادة الأمير الشاب بن سلمان وبشكل مستقبلي على مقدرات المملكة العسكرية والاقتصادية والسياسية في الداخل والخارج، مع تهميش وقضم مستمر لصلاحيات ولي العهد كمنصب وكشخص طيلة العاميين الماضيين، وصولاً إلى نزع صلاحيات أمنية هي من صميم عمل بن نايف منذ حوالي 20 عاماً. رأي اجناتيوس اعتبره البعض تهميشاً وتقليل من خطورة الصراع بين المحمدين حول مستقبل الحكم في السعودية، لكن فيما يبدو أن الكاتب الأميركي نظر للأمر من زاوية حسم بن سلمان للصراع مبكراً عبر سلسلة من التغيرات الكبيرة في الداخل والخارج، وتصدير نفسه كحاكم فعلي للمملكة ينفذ من اليوم الأول لحكم والده لمختلف المؤسسات السعودية في الجيش والخارجية والنفط والإعلام وغيرها، ويسيطر عليها مقلصاً من نفوذ أمراء البيت السعودي النافذين سواء السديريون السبعة وأبناءهم، أو أبناء الملك فيصل الذين تولوا المناصب الدبلوماسية والاستخباراتية لعقود، وهو ما لم تبدي إدارة ترامب أي ملحوظات عليه وخاصة وأن بن سلمان قد أهتم بترسيخ صورة الآمر الناهي في المملكة عند زيارته الأخيرة لواشنطن ولقاءه بترامب الذي فيما يبدو منح مباركة بلاده لخطوات الأمير الشاب. لكن من زاوية أخرى فإن هناك ارتكاز أصيل وأهم لبن نايف سيطر عليه بن سلمان مؤخراً عقب القرارات الملكية الأخيرة الصادرة أمس الأول، وهو الأمن السياسي ومكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي يشكل أساس اهتمام واشنطن بولي العهد وأساس للعلاقة الخاصة التي جمعت الطرفين منذ توليه منصب نائب وزير الداخلية عام 1999، ثم كوزير2012 خلفاً لوالده ولي العهد السابق نايف بن عبد العزيز، وما حدث في تلك الفترة من أحداث أمنية مثل هجمات 11 سبتمبر 2001 والحرب الأميركية على الإرهاب، وما لزم ذلك من تنسيق أمني جعل بن نايف رجل واشنطن المفضل في العائلة المالكة السعودية، والذي يُجرد على نحو منتظم منذ عامين من سلطاته ونفوذه بما فيها مفاعيل منصب ولي العهد، لحساب بن سلمان، الذي تحصل مؤخراً عبر والده الملك على موافقة بإنشاء مركز "الأمن الوطني" وربطه بالديوان الملكي لا وزارة الداخلية ولا ديوان ولي العهد، وتعيين محمد بن صالح الغفيلي كمستشار للأمن الوطني في الديوان الملكي كرئيس للمركز بمرتبة وزير، وهو شخص ليس لدية أي خبرة في المجال الأمني مما يعني أنه سيصبح واجهة جديدة لبن سلمان مماثلة لواجهات عديدة في المؤسسات السعودية النفطية والاقتصادية والإعلامية يسيطر من خلالها الأمير الشاب على مفاصل الحكم في المملكة عبر رؤية «2030»، بدعوى التطوير والإصلاح عبر الجيل الثاني والثالث الممثل في الأمراء الشباب من آل سعود. ترجمة الأمر السابق على المدى المنظور تعني عملياً تجريد بن نايف من صلاحيات أمنية تصبح بمقتضاها وزارة الداخلية السعودية التي يتولاها بن نايف مجردة من أي صلاحيات سياسية سواء في الداخل أو في الخارج على صعيد التعاون الأمني بين الرياضوواشنطن، الذي كان يتم عبر تعاون هيئات أميركية كوكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي وبين الداخلية السعودية ممثلة في المباحث العامة وقوات الأمن الخاصة، أي أن مركز "الأمن الوطني" التابع مباشرة للديوان الملكي سيحل محل وزارة الداخلية في الاستفادة والتعاون مع الهيئات الأميركية السابقة. وهذا الأمر يتلاءم مع التغيرات التي أقرتها الأوامر الملكية الأخيرة، سواء بتعيين أحمد العسيري نائب رئاسة الاستخبارات السعودية –الشخص المقرب لبن سلمان ومستشاره في وزارة الدفاع- وكذلك تعيين شقيق محمد، الأمير خالد بن سلمان (28عام) سفيراً للمملكة في الولاياتالمتحدة، وهو التغيير الأهم الذي دلالته الأهم أنه بمثابة خطوة أخيرة في قطع علاقات واشنطن ببن نايف وتحويلها بشقها الأمني والدبلوماسي لعهدة محمد بن سلمان ورجاله، وهو ما يتناسب مع معطيات لقاء الأخير بترامب الشهر الماضي، وبداية قناعة واشنطن بأنه الحاكم الفعلي للمملكة المسيطر على الجيش والإعلام والاقتصاد والخارجية وأخيراً الأمن بشقه المتعلق بما تهتم به الإدارة الأميركية الحالية كأولوية مطلقة وهي مسألة "مكافحة الإرهاب". ولم يتوقف الأمر عند قطع الصلات بين بن نايف وواشنطن عملياً، ولكن تقويض ما تبقى للأخير من نفوذ في الداخل السعودي؛ ليس فقط على الصعيد الأمني كما هو موضح أعلاه، ولكن أيضاً على مستوى تنفيذي متعلق بتقويض أي فرصة نفوذ لأي من أمراء البيت السعودي خارج سلمان وأولاده ومن على يسايرون محمد ابنهُ في سياساته الداخلية والخارجية، وذلك عبر تعيين حفيد الملك أحمد بن فهد بن سلمان نائباً لأمير المنطقة الشرقية – التي تعتبر نفوذاً أمنياً لآل نايف لحيثياتها الأمنية والطائفية- سعود بن نايف الشقيق الأكبر لولي العهد، وهو ما يمكن اعتباره في سياق أسري/قبلي تعدي غير مسبوق على تقاليد توزيع الحقائب الأميرية. كذا استحداث وزارة دولة لشئون الطاقة وتعين أخيه عبد العزيز بن سلمان كوزير لها مع احتفاظه بمنصب نائب وزير وزارة الطاقة والثروة المعدنية، للسيطرة على أي نفوذ خارج آل سلمان وجناح ولد محمد على قطاع النفط الحيوي، بعد أن سيطر الأخير على شركة "آرامكو" قبل عامين، وإتمام التحكم بالوزارة المهمة الذي بدأ منذ الإطاحة بوزيرها المخضرم علي النعيمي العام الماضي. وبشكل عام فإن القرارات الملكية الأخيرة لا تأتي فقط كخطوة عملية أولى في إخراج ولي العهد محمد بن نايف بشكل كامل من دائرة النفوذ والقرار لدرجة يدخل فيها بشخصه ومنصبه إلى دائرة التمثيل الشرفي، ولكن أيضاً سيطرة بن سلمان عبر والده على ما تبقى من المناصب الحساسة والهامة الأمنية والعسكرية والاستخباراتي والنفطية والدبلوماسية والتنفيذية، ويدشن معيار جديد لتولي المناصب في المملكة هو مدى الرضا والقرب من شخص محمد بن سلمان وموالاة سياساته الساعية للقفز المبكر على عرش المملكة متجاوزاً بن نايف. أيضاً يمكن اعتبار هذه القرارات تطبيق عملي لمدى النفوذ الداخلي والخارجي الذي انتزعه بن سلمان، وأخره الحصول على ضوء أخضر أميركي بمباركة إجراءاته الداخلية السابقة واتخاذ الخطوات الأخيرة، وربما في المستقبل لما هو أكبر منها نظير إعادة ترتيب العلاقات بين واشنطنوالرياض عبر بن سلمان على أساس أنه الحاكم الفعلي حالياً والملك القادم مستقبلاً، وخاصة وأن إطالة أمد الصراع الداخلي في المملكة منذ أواخر عهد الملك السابق، عبدالله بن عبد العزيز، قد أنعكس على السياسات الخارجية للمملكة بما في ذلك شن حرب اليمن التي في المحصلة لم تخرج عن كونها آلية تلميع ودعاية وتأهيل للأمير الشاب، وإقناع الأميركيين أنه رقم هام لا يمكن لواشنطن أن تهمشه في معادلة سياساتها في المنطقة. وكذلك ضمان أنه لن يكون من السهل على محمد بن نايف حال وقوع مفاجأة درامية متمثلة في وفاة الملك سلمان قبل إعفاءه من ولاية العهد، وبالتالي صعوده كملك للسعودية، أن يعزل محمد بن سلمان الذي سيصبح ولي للعهد ومسيطر فعلي بحكم التغيرات التي أجراها في العاميين الماضيين على معظم مؤسسات الحكم في السعودية؛ ولكن هنا ينبغي الإشارة إلى أن السعودية ليست دولة مؤسسات وهيكلها المؤسسي والإداري والسياسي قائم على فكرة الولاء للفرد لا للدولة على نمط ممالك العصور الوسطى وبالتالي فإن الضامن الوحيد لنجاح مخطط بن سلمان هو بقاء والده على قيد الحياة حتى الإطاحة رسمياً ببن نايف الذي أضحى مؤخراً ولي عهد بدون سلطة فعلية ومشكوك في سلطته المستقبلة.