رفضت بريطانيا الاعتذار عن وعد بلفور الذي صدر في عام 1917، ومنحت بموجبه أرض فلسطين لليهود لإقامة وطن قومي لهم، وأعربت الحكومة البريطانية عن افتخارها بالإسهام في تأسيس دولة إسرائيل قائلة: إن وعد بلفور "موضوع تاريخي" ولا نية للاعتذار عنه. كانت حملة شعبية قد نجحت في جمع 11 ألف توقيع من بريطانيين على عريضة تطالب باعتذار الحكومة عن المسؤولية التاريخية لبريطانيا في إعطاء وعد بلفور وما ترتب عليه من معاناة للفلسطينيين، وذلك بمناسبة مرور 100 عام على صدور الوعد. لم يقتصر هدف حملة جمع التوقيعات على الحصول فقط على رد رسمي من الحكومة البريطانية، وقال المدير التنفيذي لمركز العودة الفلسطيني طارق حمود، إن "تحقيق هذا الرقم يؤكد أن الحملة تأخذ منحا شعبيا متزايدا، وانضمام أكثر من 10 آلاف بريطاني لمطالبة حكومتهم بالاعتذار عن وعد بلفور هو مؤشر على تحول مهم في الرأي العام لصالح القضية الفلسطينية على مدار العقد الماضي، وهي، في ذات الوقت، دعوةٌ للاستمرار من أجل تحقيق المزيد من التوقيعات لمطالبة للبرلمان بمناقشتها". السلطة الفلسطينية من جانبها، كانت قد تحركت في الفترة الأخيرة لبدء حملة ضغط على الحكومة البريطانية لتصحيح الظلم التاريخي، جراء وعد بلفور، وذلك عبر الاعتراف بدولة فلسطين، حيث كلفت السلطة مكتب محاماة في بريطانيا بدراسة إمكانية مقاضاة بريطانيا أمام المحاكم البريطانية، وأمام محكمة العدل الدولية، على خلفية «الضرر المهول» الذي لحق بالشعب الفلسطيني نتيجة الوعد. وتستند السلطة الفلسطينية في قضيتها أمام المحاكم البريطانية إلى وجود سوابق، إذ رفعت إحدى المستعمرات البريطانية السابقة في إفريقيا دعوى ضد بريطانيا أمام المحاكم البريطانية، وحصلت على تعويضات مجزية، مؤكدة أنها تدرس التوجه إلى محكمة العدل الدولية لمقاضاة بريطانيا على منحها اليهود دولة في فلسطين التي كانت تحت انتدابها. لم تكتف بريطانيا برفض الاعتذار عن الوعد المشؤوم، بل قررت إقامة احتفالية بمناسبة مرور مائة عام عليه، الأمر الذي أثار غضبا واسعا لدى السلطة الفلسطينية التي أرسلت وفدا إلى لندن للتباحث مع الحكومة البريطانية بهذا الشأن، مع التهديد بمقاضاتها، لكن بريطانيا ردت على التهديدات الفلسطينية بعدم منح السفير الفلسطيني الجديد في لندن معن عريقات، مكانة سفير كتلك التي حصل عليها السفير مانويل حساسيان. بعد رد الحكومة، قال القيادي باللجنة الفلسطينية لحملة "مائة عام على وعد بلفور" غير الحكومية عمرو عساف، إن هناك مساعي لجمع 100 ألف توقيع بريطاني على وثيقة ترفض "وعد بلفور"، وأكد: "القضية لم تنته عند ذلك، ونسعى لإجبار البرلمان البريطاني على مناقشة موضوع الوعد والتراجع عنه"، مشيرا إلى أن هناك جهودا شعبية ورسمية فلسطينية لدعم التوجه للحصول على آلاف التوقيعات على وثائق تطالب بريطانيا بالاعتذار، وبين عساف، أن الاعتذار عن الوعد مقدّمة لخطوات من أجل جبر الأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني نتيجة إصداره. يذكر أن "وعد بلفور" هو الاسم الشائع للرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطاني الأسبق آرثر جيمس بلفور، إلى اللورد اليهودي ليونيل وولتر دي روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة، ومثلت أول الخطوات الرسمية التي اتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين، وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهدا بإقامة دولة لليهود في فلسطين.