تغييرات ملكية سريعة ومفاجئة أجراها الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، في خطوة يحاول من خلالها إعادة ترتيب البيت السعودي الحاكم، وتعزيز قبضة أسرة «سلمان» على الحكم في المملكة، الأمر الذي ربطه البعض بزيارة وزير الدفاع الأمريكي، جميس ماتيس، إلى الرياض. أصدر العاهل السعودي الملك، سلمان بن عبد العزيز، أوامر ملكية مساء أمس السبت، تقضي بإنشاء مركز للأمن الوطني، يرتبط بالديوان الملكي، وتعيين محمد بن صالح الغفيلي مستشارًا للمركز، كما نصت الأوامر الملكية على تعيين نجل الملك خالد بن سلمان، سفيرًا للمملكة في واشنطن، وتعيين نجله الثاني عبد العزيز بن سلمان، وزير دولة لشؤون الطاقة، وتعيين عواد بن صالح وزيرًا للثقافة والإعلام بدلًا من عادل الطريفي. في الإطار ذاته، أقرت الأوامر بتغيير بعض أمراء المناطق، حيث تم تعيين عبد العزيز بن سعد أميرًا لمنطقة حائل، وحسام بن سعود أميرًا لمنطقة الباحة، وفيصل بن خالد بن سلطان أميرًا لمنطقة الحدود الشمالية، والأمير عبد الله بن بندر بن عبد العزيز نائبًا لأمير منطقة مكة، والأمير تركي بن هذلول بن عبد العزيز نائبًا لأمير منطقة نجران، والأمير فهد بن تركي بن فيصل نائبًا لأمير منطقة القصيم، وحفيد الملك الأمير أحمد بن فهد بن سلمان نائبًا لأمير المنطقة الشرقية، ومحمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز نائبًا لأمير منطقة الرياض. كما تضمنت الأوامر الملكية إعفاء عبد الله بن مساعد من منصبه في رئاسة هيئة الرياضة، وإعفاء وزير الخدمة المدنية خالد بن عبد الله العرج من منصبه، وتكليف عصام بن سعد بن سعيد، كما أمر الملك سلمان بتشكيل لجنة للتحقيق فيما ارتكبه الوزير السابق خالد العرج من تجاوزات، إضافة إلى بعض التعديلات الوزارية. من بين الأوامر الملكية اللافتة والغامضة في الوقت ذاته، جاءت أوامر بصرف راتب شهرين لمنسوبي عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل، وهذه هي المرة الثانية التي تقدم فيها مكافآت براتب شهرين لهؤلاء المقاتلين في اليمن في غضون ستة أشهر، كما نصت الأوامر الملكية على إعادة جميع البدلات والمكافآت لموظفي الدولة إلى ما كانت عليه، والتي جرى وقفها في إطار سياسة التقشف التي اتبعتها المملكة مؤخرًا. وأرجع بعض المراقبين التعديلات في البيت السعودي الحاكم، إلى محاولات ملكية لإحكام القبضة على الحكم وتقسيم الكعكة بين أبناء «سلمان» وتقليص صلاحيات ولي العهد السعودي، محمد بن نايف بن عبد العزيز، حيث رأى البعض أن سلمان يريد إحكام قبضته على المناصب الرئيسية في الدولة، وهو ما ظهر في قرار إنشاء مجلس للأمن الوطني يكون مرتبطًا بالديوان الملكي، الأمر الذي يعني سحب بعض الصلاحيات الأمنية من ولى العهد بن نايف، حيث من المتوقع أن يكون مجلس الأمن الوطني المقرر إنشاؤه كيانًا موازيًا لوزارة الداخلية السعودية، التي يرأسها حاليًا ولي العهد محمد بن نايف. في الإطار ذاته، فإن سلمان يسعى إلى وضع الملف الأكثر أهمية بالنسبة للمملكة في يد نجله خالد بن سلمان، حيث عينه سفيرًا للمملكة في واشنطن حتى تظل العلاقات السعودية الأمريكية في قبضة الملك سلمان وأبنائه حتى بعد تنصيب بن نايف، واللافت أن العاهل السعودي قد عين عبد الله بن فيصل بن تركي في هذا المنصب في أكتوبر عام 2015، لكنه عاد ليزيحه من منصبه ويعين نجله، وقد تواردت أنباء عن أن بن تركي لم يكن على وفاق مع ولي ولي العهد محمد بن سلمان، وهو ما أكده عدم ظهور بن تركي في زيارة بن سلمان الأخيرة إلى واشنطن في مارس الماضي، الأمر الذي جعل سلمان يزيحه من منصبه بعد تعيينه بعام ونصف العام. من ناحية أخرى، رأى العديد من المراقبين أنه لا يمكن الفصل بين قرار صرف راتب شهرين لمنسوبي عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل، وزيارة وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، الأخيرة قبل أيام، حيث ربط العديد من المراقبين بين الأمرين ربطًا وثيقًا، خاصة مع تعهد الولاياتالمتحدةالأمريكية بزيادة الدعم للمملكة في حرب اليمن، وتوارد أنباء حول صفقة أسلحة أمريكية جديدة من المقرر أن تصل إلى السعودية قريبًا، وتبلغ قيمتها 390 مليون دولار، تحاول واشنطن من خلالها تعميق الدور السعودي في اليمن في محاولة لكسر الشوكة الإيرانية. وذهب بعض المراقبين إلى القول بأن تلك المكافآت ما هي إلَّا دفعه معنوية للجنود السعوديين الذين سئموا من إطالة أمد الحرب السعودية على اليمن التي لم تجد نفعًا ولم ينتج عنها سوى المزيد من القتلى في صفوف الجيش السعودي، وأدت إلى تزايد الاتهامات الموجهة للمجتمع السعودي وتشويه صورته بين دول العالم، خاصة أن تلك المكافآت تتزامن مع زيادة أعداد القتلى والجرحى في صفوف القوات السعودية، كما أن قرار إعادة البدلات والمكافآت إلى موظفي الدولة تأتي في سياق التذمر الذي بات يحيط بالشارع السعودي؛ نتيجة للإجراءات التقشفية التي اتخذتها القيادات السعودية قبل أشهر بحق مواطنيها، لكنها لم تسر نهائيًّا على ملوك المملكة وأمرائها.