أصبحت ليبيا دوامة من المعاناة الإنسانية، حيث يوجد بها الآلاف من المهاجرين اليائسين، يعبرون الصحراء هروبًا من الحرب والإرهاب والفقر، كما أن المتاجرين بالبشر يحتجزون الرهائن، ومن ثم يتعرضون للضرب والتعذيب، ليصل الأمر إلى مستوى جديد من الرعب، مع اكتشاف معاملة المهاجرين كالعبيد، وفقًا لتقارير منظمة الهجرة الدولية. لن يكون أي حل ممكنًا إذا لم تتوقف الفوضى السياسية في ليبيا، والتي اندلعت منذ الحرب الأهلية في عام 2011، بعد إطاحة حلف الناتو بقيادة الولاياتالمتحدة بالعقيد الليبي، معمر القذافي، حيث بعدها أصبح المهاجرون هم الذهب الذي يمول الفصائل المتحاربة في ليبيا. تفكيك صناعة الاتجار بالبشر في البلاد هدف وضعه برنامج الصندوق الائتماني للاتحاد الأوروبي لإفريقيا، يوم الأربعاء الماضي، بقيمة 90 مليون يورو، ولكن بالنسبة للمهاجرين الأفارقة في ليبيا، لا يمكن أن تكون مساعدتهم قريبة بما فيه الكفاية، وبطبيعة الحال فإن الهدف الأساسي لأوروبا هو توجيه تدفق المهاجرين إلى أوروبا، حيث صعود الشعبوية المناهضة للمهاجرين، وتحقيقًا لهذه الغاية، يقوم الاتحاد الأوروبي بتدريب حرس السواحل الليبي على إنقاذ المهاجرين في البحر وعودتهم إلى ليبيا، ومن ثم سقوم المنظمة الدولية للهجرة ووكالات الأممالمتحدة والمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي بالعمل مع السلطات الليبية لتحسين الأوضاع في مراكز الاحتجاز التي تديرها الحكومة، وسيسمح للأشخاص المهاجرين بطلب اللجوء إلى أوروبا في تلك المراكز. هذا يبدو وضعًا مربحًا للجانبين، حيث تتمكن أوروبا من الحد من تدفق الأشخاص غير المرغوب فيهم، بجانب تخفيض دور المتاجرين بالبشر وتحسين ظروف المهاجرين في ليبيا، كما أن غرق المهاجرين في البحر سيقل، ولكن بالنظر إلى الفوضى السياسية في البلاد والقوى القوية التي تدفع الأفارقة لعبور الصحراء، فإن هذا السيناريو الوردي غير مضمون. أعرب وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، عن تأييده لبيان مجموعة السبعة يوم الاثنين، والذي يدعو إلى المصالحة السياسية السريعة في ليبيا، ولكن إذا كانت الولاياتالمتحدة مخلصة بشأن المساعدة، فعليها أن تتراجع عن اقتراح الإدارة بشأن خفض المساعدات لإفريقيا، كما أن حكومة فايز السراج الليبية، والتي تؤيدها الأممالمتحدة، عليها القيام بدورها والجهود الواجبة عليها من خلال اعتبار البلدان المعنية هي أماكن لرعاية المهاجرين الأفارقة في المقام الأول. المصدر