رحل الشاعر الفلسطيني الكبير أحمد دحبور عن عمر يناهز ال 71 عاما بالأمس، تاركا إرثا شعريا مقاوما، فهذا الرجل الذي نشأ في ظروف شاركت في صناعة شاعر ينشد للمقاومة والثورة في أغلب قصائده، لم يكل طيلة حياته، في محاولاته الأدبية التي سعى من خلالها لتسليط الضوء على معاناة الفلسطيني، واستنهاض همته للمقاومة والتحرر. ولد دحبور قبل النكبة بعامين في مدينة حيفا، وقبل أن يدرك ما يجري حوله، رحلت عائلته إثر النكبة إلى لبنان، ثم إلى سوريا، ما جعله لم يحظ بتعليم أساسي كاف، إلا أنه كان تواقا للمعرفة والعلم، وقارئا جيدا نهما، حتى وقع اختياره على الشعر العربي القديم، فنهل منه ما استطاع، وانتقل بخفة إلى الشعر الحديث، حتى وجد في نفسه روح الشاعر، فكتب أول مجموعة شعرية له في ريعان شبابه عام 1964، وكرس كتاباته للتعبير عن التجربة الفلسطينية المريرة التي عاشها كلاجئ في الشتات. وخلال فترة حياته، حصل على مناصب أدبية وإعلامية عدة، كرئيس لتحرير مجلة لوتس، ومديرا عاما لدائرة الثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية، إضافة لكتابته عددا من الأشعار لفرقة العاشقين، المعروفة بأغانيها الثورية. في لقاءات سابقة، عبر الشاعر دحبور عن شعره وتجربته بقوله: إنني فتحت عيوني على النكبة، لذلك أصبح السؤال الوطني في قصائدي سؤالا وجوديا، وفي عيد ميلادي الثاني، لم يشعل لي أهلي شمعتين، بل حملوني وهاجروا من حيفا، مشيرا إلى أن تعدد الأمكنة بالنسبه له، ربما كان يشكل هوية تفصيلية للشخصية التي ظهرت في نصوصه، حيث كان أول ما كتب: نحن أبناء المجيدة، نحن من حيفا الشهيدة.. حيث كان متأثرا بحكايات والدته عن حيفا، كذلك كان يستذكر بعض الذكريات الضبابية التي شاهدها في حيفا. ويعد دحبور واحدا من أهم أعمدة الحركة الثقافية المقاومة في فلسطين، فهو شاعر كتب في المقاومة ودعا لها بكل الأشكال، وربما تشهد له دواوينه بذلك، والتي من أهمها: مكان الولد الفلسطيني، العودة إلى كربلاء، شهادة بالأصابع الخمسة، طائر الوحدات، هكذا بيروت، كسور شعرية، وواحد وعشرون بحرا، وغيرها من الأغاني الثورية التي غناها فنانون فلسطينيون. ومن أهم قصائد الشاعر: لأن الورد لايجرح قتلت الورد لأن الهمس لا يفضح ساْعجن كل أسراري بلحم الرعد أنا الولد الفلسطيني أنا الولد المطل على سهول القش والطين خبرت غبارها, ودوارها, والسهد وفي المرآة اضحكني خيال رجالنا في المهد وأبكاني الدم المهدور في غير الميادين تحارب خيلنا في السند ووقت الشاي نحكي عن فلسطين ويوم عجزت أن أفرح كبرت وغيرت لي وجهها الأشياء تساقطت الجراح على الربابة فاْنبرت تصدح بلاد الله ضيقة على الفقراء, بلاد الله واسعة وقد تطفح بقافلة من التجار والأوغاد والأوباء أياْمر سيدي فنكب أهل الجوع والأعباء؟ اتقذفهم ومن يبقى ليخدمنا؟ إذن تصفح؟ ويوم كبرت لم أصفح حلفت بنومة الشهداء بالجرح المشعشع في: لن أصفح أنا الرجل الفلسطيني أقول لكم: راْيت النوق في واد الغضا تذبح رايت الفارس العربي يساْل كسرة خبز من حطين ولا ينجح فكيف بربكم أصفح؟ أنا الرجل الفلسطيني أقول لكم: عرفت السادة الفقراء وأهلي السادة الفقراء وكان الجوع يشحذ ألف سكين وألف شظية نهضت من المنفى تناديني غريب وجهك العربي بين مخيمات الثلج والرمضاء بعيد وجهك الوضاء فكيف يعود؟ بالجسد الفتي تعبد الهيجاء سنرفع جرحنا وطننا نسكنه سنلغم دمعنا بالصبر بالبارود نشحنه ولسنا نهرب التاريخ ولمنا نصنعه