شوف الزهور بقى واتعلم.. بين الحبايب تعرف تتكلم.. تكاد جنبات حديقة الأورمان تنطق بهذا المقطع من أغنية "الورد جميل" الخالدة لأم كلثوم.. أو تردد طقطوقة أسمهان الرقيقة "يابدع الورد.. يا جمال الورد.. من سحر الوصف قالوه ع الخد.. فوسط إقبال هو الأفضل منذ ثورة يناير، واصل معرض الزهور بحديقة الأورمان نشر أريجه العاطر لدورته ال82 التي افتتحها وزير الزراعة عبد المنعم البنا في 18 مارس الماضي وتستمر حتى 2 مايو المقبل. وتحولت الحديقة العريقة إلى جنة فيحاء تتناثر فيها أنواع الزهور ونباتات الزينة، وتفوح من جنباتها نسائم الريحان والفل والياسمين والعطرشان والنعناع، وتطل عليك من أركانها أنواع الأشجار والنخيل والزهور والنباتات المتسلقة، وسط تنسيق بديع من العارضين وأصحاب المشاتل وشركات النباتات الحدائقية. وأجمع العارضون أن الإقبال على المعرض هذا العام أفضل نسبيا من كل الأعوام التي تلت ثورة يناير، حيث كان الركود يخيم على المعرض، مع إقرارهم بارتفاع الأسعار، بسبب تعويم الجنيه، إذ إن معظم الأدوات والمواد التي يستخدمونها مستوردة من الخارج.. كما شكا العارضون من ضعف الدعاية للمعرض في وسائل الإعلام، ومن ارتفاع سعر إيجار المساحات داخل حديقة الأورمان. وقال المهندس عصام شحاتة، أحد العارضين، إن الإقبال تحسن نسبيا عن الأعوام الماضية، ونحرص أن نقدم نباتات مختلفة الأسعار لتكون في مقدرة محدودي الدخل، موضحا أن الأسعار عنده تبدأ من جنيهين وحتى 7 آلاف جنيه، بحسب عمر النبات، وتكلفة إنتاجه، والإناء الذي يحمله. وأضاف شحاتة: نشترك في المعرض منذ 25 عاما، ولدينا عشرات الأنواع من الزهور والأشجار ونباتات الزينة، لكننا متخصصون في النباتات الداخلية "الظل"، وقد أنتجنا أنواعا كنا نستوردها، لتوفير العملة الصعبة، وخفض الأسعار، ونجحنا في مجموعة نباتات من 20 نوع مختلف، فانخفض أسعار بعضها من 7 آلاف إلى نحو ألف جنيه فقط. وطالب شحاتة بتسهيل إجراءات تصدير الزهور ونباتات الزينة، وتكرير المعرض أكثر من مرة في العام، وتوجيه الدعوة إلى عارضين من الخارج، ليتحول الملتقى إلى معرض دولي، مؤكدا أن الاهتمام بإنتاج الزهور وتنظيم معارضها هو من أهم عوامل الجذب السياحي. ويرى شحاتة أنه بالرغم من ضعف محدودية الشراء بسبب الظروف الاقتصاية، إلا أن المعرض يمثل فرصة للتعاقد مع شركات أو فنادق أو أصحاب حدائق.. كما أن زيارة بعض العرب والأجانب للمعرض تتيح فرصا لا بأس بها للتصدير للخارج. محمود عبد التواب، أحد أصحاب المشاتل العارضين، قال ل"البديل" إنه يشترك في المعرض من نحو 7 سنوات، مشيرا إلى أن مشاتله متخصصة في أنواع النخيل.. وأكد عبد التواب أن ارتفاع الدولار انعكس بوضوح على أسعار منتجاتهم، فالأحواض تصنع من مواد مستوردة مثل الفايبر أو البلاستك، وكذلك تستورد المشاتل ما يسمى ب"إكسسوار الزرع"، وأيضا زادت أسعار الأسمدة والمبيدات وأجور العمال.. مشيرا إلى أن بعض قصاري الزرع الفارغة تتجاوز مئات الجنيهات. وأضاف عبد التواب أن أسعار منتجاته تتراوح بين 10 جنيهات إلى 8 آلاف جنيه، مؤكدا أن المعرض هذا العام يحظى بقدر معتبر من الرواج والإقبال الجماهيري، وطالب بمزيد من الاهتمام الإعلامي، وتكرار زيارة الوزراء للمعرض. المهندس كريم أبو السعد، مدير شركة نباتات زينة، وأحد العارضين، قال إن أسعار مستلزمات الزروع تضاعفت، فمن سنوات قريبة كنا نشتري قصرية الزرع البلاستيكية بجنيه ونصف، والآن تجاوزت 10 جنيهات، وهو ما يحتم تحميل هذه الزيادة وغيرها على الزبائن. وشكا أبو السعد من ضعف التغطية الإعلامية للمعرض، مما ينعكس على عدد الزائرين، مطالبا بعاملة معرض الزهور بنفس المعاملة الإعلامية والحكومية لمعرض الكتاب. كما طالب العارض من إدارة المعرض تخفيض سعر إيجار المساحات داخل حديقة الأورمان، بعد أن بلغ إيجار المتر المربع الواحد 50 جنيها، موضحا أن العارضين ينفقون مبالغ كبيرة من جيوبهم كي يتمكنوا من العرض والبيع، فالإضافة إلى إيجار المساحة، هناك تكلفة التجهيز والنقل والتنسيق والدعاية، وكلها أعباء دفعت بعض الشركات والمشاتل إلى ترك الاشتراك في المعرض. لسنا أقل من أوغندا أو إثيوبيا.. هكذا رد المهندس سامي عبد الرحمن، أحد العارضين، على سؤالنا حول إمكانية تطوير إنتاج الزهور في مصر والدخول بالتصدير ضمن المنافسة العالمية.. وأضاف المراغي: نملك كل المقومات من مناخ معتدل يسمح باستنبات أنواع كثيرة ومميزة من الزهور، وكفاءات بشرية من المهندسين والعمال. وشدد عبد الرحمن على ضرورة تيسير إجراءات التصدير، مشيرا إلى المعاناة الكبيرة والبيروقراطية المعطلة التي يواجهها مصدرو الزهور.. وأضاف ساخرا: نستورد ما نشاء بسهولة، وعندما نريد تصدير إنتاجنا توضع أمامنا الصعوبات والعراقيل، ويمكن لموظف صغير أن يعطل تصدير طلبية كبيرة تدخل عملة صعبة للبلد. وبالرغم من شكاوى العارضين، وارتفاع أسعار بعض النباتات، يبقى معرض الزهور مقصدا لطلاب الجمال، وملاذا لمن يريد هروبا مؤقتا من ضوضاء وتلوث القاهرة والجيزة.