دأب الاحتلال البريطاني خلال احتلاله للدول العربية على تنفيذ مشروعات عدة؛ للمساهمة في الاستفادة بأكبر قدر ممكن من البلاد التي يحتلها ولنقل خيراتها إليه، واحدة من هذه المشاريع هو خط سكة حديد أنشأته إنجلترا، كان يمتد من القنطرة في مصر إلى حيفا بفلسطين ومنها إلى بيروت، وأسس له خصيصًا شركة خطوط سكك حديد فلسطين، والتي كانت تدير جميع خطوط السكك الحديدية العامة في فلسطين التاريخية من عام 1920 حتى عام 1948. لم يكن الخط سالف الذكر هو الوحيد بفلسطين، بل كان يسبقه فروع تخدم يافا والقدس وعكا ومرج بن عامر، والتي كانت موجودة في فلسطين منذ العهد العثماني، وخلال هذه الحقبة ازدهرت مدن وقرى فلسطينية بأكملها، خصوصًا التي تقع على مسارها. ففي عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني كلف أحمد عزت باشا العابد الشهير ب "الدمشقي" مستشار البلاط العثماني بإنشاء سكة حديد الحجاز، الذي عُرف ب "خط شمندفر الحجاز"، أو "خط الحجاز الحديدي". امتد الخط بين الشام والمدينةالمنورة، حيث انطلق الخط من الشام مرورًا بفلسطين، وعمَّان، ومعان، وتبوك، ومدائن صالح، وصولًا إلى المدينةالمنورة، وكان في خطة المشروع الحجازي أن يمتد إلى مكةالمكرمة، ومن هناك إلى جدة، لكن ذلك لم يتحقق. وخلال هذه الحقبة كانت محطات نابلس وحيفا وعكا من أهم محطات الوقوف في فلسطين، وتفرع من حيفا خط يربط الأخيرة بمصر، وأثناء الحرب العالمية الأولى أقام الإنجليز "خط سكك حديد سيناء العسكري"؛ لخدمة أغراضهم العسكرية في فلسطين، كما أنشؤوا لذلك كوبري الفردان الأول، ووصل الخط إلى العريش، ومن ثم رفح في مارس 1917. وبعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وسقوطها ووقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، مدوا هذا الخط إلى داخل مدنها مثل القدس وبئر السبع. كان القطار يستغرق عدة ساعات ليصل إلى القاهرة من فلسطين، وعند رفح كانت هناك لجنة هدفها الأول التفتيش على الجوازات والتذاكر، وكان يستقله العديد من الطلاب الذين يتوجهون من فلسطين إلى الدراسة في مصر. وبعد وقوع فلسطين تحت سيطرة الكيان الصهيوني تم حل شركة قطارات فلسطين عمليًّا في عام 1948 بعد انسحاب بريطانيا من فلسطين، وانتهاء فترة الانتداب البريطاني. واستولت إسرائيل على الشركة بعد إعلان تأسيسها في نفس العام. وحاليًّا يقع الخط السابق لسكك حديد فلسطين اليوم في ثلاثة أجزاء، أولًا مصر، ويتم تشغيله عبر الهيئة القومية لسكك حديد مصر، وثانيًا السلطة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، لا يُستخدم، وهو مُدمر في معظم أجزائه، وثالثًا إسرائيل، وتشغل الخط شركة سكك حديد إسرائيل، وقامت بتوسعته.