ليس جديدًا الحديث عن تطبيع خليجي أو إفريقي مع الكيان الصهيوني؛ حيث قادت السعودية والأردن وقطر حركات التطبيع الخليجية مع الاحتلال، فيما نفذت إثيوبيا والسودان وإريتريا الدور ذاته في إفريقيا، ليصبح الحديث عن زيارات متبادلة بين شخصيات إسرائيلية وعربية إسلامية فاترا لا يحمل جديدًا، إلا أن رئيس جمهورية رواندا، بول كاغامي، حاول أن يخرج بجديد من خلال إشادته ب"إسرائيل وحقها في الوجود والازدهار". رواندا خارج قوالب التطبيع التقليدية ضجة جديدة أحدثها الرئيس الرواندي، بول كاغامي، أمس الأحد، بعدما ألقى خطابًا أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "إيباك"، التي حضر اجتماعها السنوي كضيف شرف، حيث أشاد من أعلى منصتها بعلاقات بلاده مع إسرائيل، كما أشاد بنجاح "دولة إسرائيل التي ولدت بعد محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية"، وقال إن "أمن الشعوب التي استهدفت يومًا لتصفيتها لا يمكن أن يكون ماديًا فقط"، وأضاف وسط عاصفة من التصفيق أن "عالمنا لن يكون بأمان فعلًا ما لم نهزم كل الايديولوجيات التي تبرر المجازر باسم الوطنية، لا بالنسبة لنا ولا بالنسبة لغيرنا". ووعد الرئيس الرواندي بالمزيد من علاقات الصداقة بين كيجالي وتل أبيب والأمريكيين اليهود، قائلا إن "إسرائيل تتمتع بحق الوجود والازدهار كعضو كامل العضوية في الأسرة الدولية"، مؤكدًا أن ذلك "ليس مساسًا بحقوق شعب آخر"، مشددًا على "نحن سعداء لأن إسرائيل تعود وتنخرط أكثر في إفريقيا"، ليصبح بذلك أول رئيس إفريقي يتحدث أمام أكبر منظمة داعمة لإسرائيل في الولاياتالمتحدة "لوبي صهيوني" بهذا الشكل. العلاقات الرواندية الإسرائيلية تعتبر الجمهورية الرواندية على رأس الدول الإفريقية التي تملك علاقات صداقة دافئة مع الاحتلال الصهيوني؛ حيث سبق وزار رئيسها، بول كاغامي، إسرائيل في مايو عام 2008، وشارك في احتفالات مرور 60 عامًا على تأسيس إسرائيل، كما زار رئيس مجلس الشيوخ الرواندي تل أبيب خلال الفترة من 27 أبريل إلى 3 مايو من نفس العام، لحضور اجتماعات غرفة التجارة الدولية المسيحية، ومن المفترض أن يلتقي رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قادة حوالى ثلاثين دولة إفريقية في قمة بين إفريقيا وإسرائيل بتوجو في أكتوبر المقبل. وكان آخر لقاء رسمي بين نتنياهو وكاغامي، في يوليو الماضي، حيث زار الأول جمهورية رواندا، خلال جولة إفريقية أجراها شملت أوغندا وكينيا ورواندا وإثيوبيا، واستقبل الرئيس الرواندي رئيس حكومة الاحتلال استقبالًا حافلًا في المطار، واصطحبه بعد ذلك إلى زيارة "مركز كيغالي التذكاري"، حيث يُدفن هناك أكثر من 250 ألف من أصل 800 ألف شخص من ضحايا الإبادة الجماعية التي وقعت في عام 1994 في قبور جماعية برواندا، وكتب نتنياهو وعقيلته سارة في سجل الزوار في المركز حينها "تأثرنا بعمق من النصب التذكاري لضحايا واحدة من أكبر الجرائم في التاريخ، وذكّرنا ذلك بأوجه الشبه المؤرقة للإبادة الجماعية التي حلت بشعبنا". رواندا التي طالما ساندت إسرائيل في العديد من المواقف، أبرزها امتناعها عن التصويت على مشروع قرار يدعو إلى إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية، في عام 2014، عندما كانت عضوًا في مجلس الأمن الدولي، وتربطها العديد من المصالح مع الكيان الصهيوني، حيث تنظر رواندا إلى إسرائيل كشريك بديل في خضم العلاقات المتوترة مع الحلفاء التقليديين كالولاياتالمتحدة وبريطانيا، كما أن إسرائيل تعتبر أحد شركاء الدعم والتنمية للنظام الرواندي، حيث تتراوح قيمة الصادرات الإسرائيلية السلعية إلى رواندا سنويًا ما بين 1.6 إلى 2 مليون دولار، فى حين تبلغ الصادرات الرواندية حوالى 1.9 مليون دولار سنويًا. وعن التعاملات العسكرية والأمنية بين الطرفين، فإن بعض شركات الخدمات الأمنية الإسرائيلية تقوم بتنفيذ عقود للتعاون فى مجال التدريب العسكري، والتي توفد بموجبها عسكريين إسرائيليين سابقين لتقديم خدمات تدريبية لوحدات الجيش الرواندي، خاصة وحدات الحرس الجمهوري، كما تشرف إحدى شركات الاستشارات الأمنية الإسرائيلية على نظم التأمين الخاصة بمطار كيجالي وقرية البضائع الرواندية. كما تلقت كيجالي العديد من الأموال مقابل مصالح إسرائيلية؛ ففي أبريل عام 2015، وقع الرئيس الرواندي اتفاقًا مع إسرائيل يتم بمقتضاه تهجير اللاجئين الأفارقة بالدولة العبرية إلى رواندا، ومعظم اللاجئين من جنوب السودان وإريتريا، مقابل الحصول على ملايين الدولارات، حيث كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية حينها أن هناك 48 ألف إفريقي لاجئ داخل إسرائيل، كما أن الأممالمتحدة تشير إلى أن هناك 53 ألف لاجئ وطالبي لجوء إلى إسرائيل، معظمهم دخلوا تل أبيب بطريقة غير شرعية، وأكدت الصحيفة أن رواندا ستحصل على دعم مالي واقتصادي مقابل استيعابها لآلاف المهاجرين. العلاقات المميزة بين الدول الإفريقية بشكل عام ورواندا على وجه التحديد مع إسرائيل، دفعت الأخيرة إلى السعي مؤخرًا من أجل الحصول على صفة عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي، حيث قال نتنياهو في حديث سابق: إذا نالت إسرائيل بالفعل هذه المكانة، فإن هذا التطور سيقود إلى تغيير استراتيجي في مركز إسرائيل على الصعيد الدولي، وأكد حينها أنه يسعى إلى توسيع دائرة العلاقات الإسرائيلية مع دول إفريقيا، معربًا عن اعتقاده بأن هذه الخطوة ستؤدي إلى اندثار الأغلبية التلقائية المضادة لإسرائيل على الساحة الدولية.