تعددت الزيارات والأحداث المرتبطة بالدبلوماسية المصرية في الأسبوع الماضي، بداية من زيارة وزير الخارجية سامح شكري لواشنطن للمشاركة في اجتماعات التحالف الدولي ضد داعش، مرورًا باستقبال مصر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وصولًا إلى الأحداث الملتهبة الخاصة بنشوب سجال إعلامي بين مصر والسودان. زيارة شكري لواشنطن شهدت واشنطن الأسبوع الماضي اجتماعات التحالف الدولي ضد داعش بقيادة أمريكا، والتي أطلق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خلالها وعودًا بضرورة القضاء على هذا التنظيم فى ولايته الحالية، على الرغم من حقيقة أن هذا التحالف أضعفته بعض الخلافات الاستراتيجية. ويعد هذا اللقاء فرصة مناسبة ليستقبل ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكى وللمرة الأولى عشرات من نظرائه الأجانب، الذين يشعر بعضهم بالقلق من إمكانية اتباع إدارة ترامب سياسة أحادية، خاصة في محاربة الإرهاب، ويأتى هذا الاجتماع فى واشنطن فى أعقاب طلب ترامب من وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» وضع خطة كاملة، تهدف إلى «تدمير» تنظيم داعش الإرهابى و«اجتثاث هذا العدو المقيت من العالم»، كما أنه شدد خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاثنين الماضي في البيت الأبيض مجددًا على تصميمه على «التخلص» من هذا التنظيم التكفيري، وأكد ارتياحه لتقدم القوات العراقية في حملة استعادة الموصل ثاني أكبر مدن العراق. ومن جهته دعا العبادي إلى «تسريع» المساعدة الأمريكية. فى الوقت نفسه التقى شكريى بمقر السفير المصري بواشنطن مجموعة من المفكرين والكتاب وصناع الرأي المنتمين لعدد من أبرز مراكز البحث والفكر والجامعات الأمريكية المرموقة. وصرح المستشار أحمد أبو زيد المتحدة الرسمي باسم وزارة الخارجية بأن من أبرز من التقاهم شكري روبرت ساتلوف من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وجون الترمان وأنطوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وبراين كاتوليس من مركز التقدم الأمريكي، والسفير دانيال كورترز أستاذ دراسات سياسات الشرق الأوسط بجامعة برينستون. زيارة الحريري لمصر على الجانب الآخر زار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الأسبوع الماضي القاهرة، وكان في استقباله الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتعد هذه الزيارة الأولى للحريري للقاهرة منذ توليه منصب رئاسة الوزراء اللبناني في ديسمبر الماضي، بما يجعل البعض يتساءل عن ماهيتها وكواليسها. ولم تكن زيارة الحريري محل صدفة، لأنها جاءت بعد زيارة الرئيس اللبناني ميشيل عون للقاهرة، الشهر الماضي؛ لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين، ويتطلع الحريري من خلال هذه الزيارة إلى المضي قدمًا في تعزيز التعاون بين البلدين، وهو ما تسعى إليه مصر أيضًا. وتسعى البلدان خلال انعقاد الدورة الثامنة من اجتماع اللجنة المصرية اللبنانية المشركة، بعد توقف دام 7 سنوات، إلى إحداث نقلة نوعية في العلاقات المصرية اللبنانية، من خلال تطوير القطاع الخاص الذي يعد أساسًا للتنمية الاقتصادية في كلا البلدين، حيث تعاني مصر ولبنان من الانهيار الاقتصادي، خصوصًا بعد ثورات الربيع العربي. وتعتبر العلاقات التجارية بين البلدين قوية، ولكن الصادرات اللبنانية ضئيلة، وتفتقد إلى التنوع، وذلك حسبما أشارت تصريحات صحفية للحريري، فيما كان الملف السوري من بين أبرز الملفات التي تحاور فيها الجانبان، كما أن ملف الإرهاب كان على رأس الاهتمامات المشتركة، لاسيما وان البلدين يعانيان من الإرهاب، خصوصًا في ظل ظهور داعش على الحدود اللبنانية والمصرية، مما دفع البلدين للتعاون فيما بينهما للقضاء على الجماعات المتطرفة، وهذا ما أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي بوقوف مصر ولبنان معًا في المعركة المشتركة ضد الإرهاب والفكر المتطرف، منوهًا بضرورة معالجة جذور الأزمات القائمة في المنطقة بشكل يضمن الحفاظ على وحدة أراضي دولها وسلامتها الإقليمية واستعادة استقرارها، بما يصون مصالح ومقدرات شعوبها. سجال إعلامي بين مصر والسودان في نفس الوقت تجدد التراشق الإعلامي بين مصر والسودان خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك في أعقاب زيارة والدة أمير قطر، الشيخة موزة بنت ناصر لأهرامات منطقة مروي التاريخية شمال السودان، وأثارت صور الزيارة، التي كانت الأولى من نوعها للسودان، ردود فعل غاضبة من إعلاميين مصريين، خاصة بعد تصريحات لوزير الإعلام السوداني، أحمد بلال، أشار فيها إلى أن الأهرامات السودانية أقدم من المصرية بألفي عام. وجاءت زيارة الشيخة موزة لتفقد مشروع لترميم وتنمية الآثار السودانية، بدأ باتفاق وقعته الدوحةوالخرطوم عام 2013، بتكلفة 135 مليون دولار، ويمول المشروع 41 بعثة أثرية من عشر جنسيات سودانية وأوربية وأمريكية وكندية، تقوم بأعمال المسح الأثري؛ للتنقيب عن مواقع أثرية جديدة، وصيانة وترميم الآثار المكتشفة، وتزويد مواقعها بالخدمات الأساسية. وفي هذا الشأن قال عضو لجنة الشؤون الإفريقية في مجلس النواب المصري، حاتم باشات، إن "مصر طالما رحبت بالتعاون مع الجانب السوداني، وهذا أمر ليس بالجديد، وأكد عليه الرئيس المصري في أكثر من مناسبة"، وأضاف "لا أدري إن كان السودان طلب من مصر التعاون في مضمار ترميم الآثار، لكن مصر تبادر بالتعاون في مجالات شتى. من الممكن أن يكون هناك تبادل سياحي بين البلدين، كأن تسافر الأفواج السياحية القادمة إلى مصر إلى السودان أيضًا. إن هذا أمر من مصلحتنا". لكن باشات، الذي شغل منصب القنصل العام لمصر في الخرطوم سابقًا، استغرب تصدي مسؤولين سودانيين للرد على تعليقات أثارها إعلاميون في قنوات خاصة مصرية غير حكومية، وأوضح أن "هذا يشير إلى وجود تراكمات من غير المفترض أن تكون موجودة بين مصر والسودان، خاصة من جانب وزير الإعلام السوداني"، واستطرد "لا يجب أن ننسى أن السودان ومصر كانا بلدًا واحدًا". على المستوى الرسمي بدا وزيرا الخارجية في مصر والسودان راغبين في إنهاء حالة التراشق الإعلامي المتصاعدة، وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية إن الوزير سامح شكري اتفق مع نظيره السوداني، إبراهيم غندور، خلال اتصال هاتفي على رفض التجاوزات غير المقبولة لأي من الدولتين أو الشعبين الشقيقين، وضرورة التعامل بحكمة مع التعامل غير المسؤول من جانب بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والوسائط الإعلامية، كما اتفق الوزيران على أن تكون الخرطوم هي مقر جولة التشاور السياسي القادمة، والمقرر عقدها خلال أسابيع.