"لكي نقدر جميلة العلايلي التقدير الذي تستحقه مواهبها، لا يجوز أن نغفل مقارنة أدبها بأدب الجيل السابق، لقد كانت شاعرات ذلك الجيل حريصات على وأد عواطفهن، فكان محرما عليهن شعر الوجدان الفطري، وكانت العاطفة عندهن محصورة في الرثاء وتحية الأهل وتوديعهم، ولكننا في هذا الشعر الجديد نلمح ثورة جديدة على التقاليد البالية، فنجد صاحبته كاشفة في اطمئنان وفي دقة وشجاعة عن دخيلة نفسها في صدى أحلامها المنغومة".. بهذه الكلمات قدم الشاعر أحمد زكي أبو شادي، مؤسس جماعة أبوللو، الشاعرة جميلة العلايلي في ديوانها الأول الصادر عام 1936 بعنوان "صدى أحلامي". في يوم 20 مارس عام 1907، ولدت الشاعرة والصحفية جميلة العلايلي في المنصورة، التي لم تكن صاحبة إسهام بارز في الشعر فقط، بل كان لها دور كبير في الرواية العربية، ولذلك قدمها مصطفى عبداللطيف السحرتي، في كتابه قائلا: "جميلة العلايلي بنت المنصورة، عاشت عند ضفاف البحر الصغير الذي ألهم الهمشري وناجي، وعلي محمد طه، ومختار الوكيل، وصالح جودت، أجمل قصائدهم الوجدانية". وقدرها شعراء أبوللو وأحبوها، على رأسهم الدكتور زكي أبو شادي، وخطب ودها الدكتور زكي مبارك، وتغنى بلطفها المرحوم الدكتور عبدالعزيز عتيق، في قصيدته الجهيرة "الشمس الجديدة"، ولم تقتصر موهبة جميلة على الشعر، بل ألفت ما يزيد على اثنتي عشرة رواية، منها "الطائر الحائر"، التي تحكي فيها لهفات شاعر كان يحوم هنا وهناك بين الأزهار والورود، وتعددت نشاطات جميلة، فكتبت القصة والخاطرة والمقال الأدبي، وأخرجت مجلة "الأهداف"، وثابرت السنين على إخراجها، دون معونة أحد أو هيئة رسمية. ولعل المساهمة الكبيرة للشاعرة والأديبة جميلة العلايلي، تكمن في كونها فتاة ريفية استطاعت أن تفتح بابا لإبداع الأديبات الريفيات من خلال جهدها وكونها مثلا حيا لهم، حتى أصبحت من رواد الشعر والأدب في آن واحد، ورغم أنها ضمن أبناء "أبوللو"، لكنها كانت سببا في ظهور ما يعرفون ب"شعراء ما بعد أبوللو"، من خلال صالونها الذي كانت تسميه "المجمع الأدبي". ظلت حياة جميلة العلايلي حافلة بالأدب والشعر حتى وفاتها المنية في عين شمس يوم 4 نوفمبر 1991، لتترك خلفها مثلا حيا للمرأة المثقفة التي استطاعت أن تشكيل وعي مجتمع.