"تقييمات ما قبل الرؤية".. تحت هذا العنوان، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، جبهة محمد كمال، إجراء مراجعات جديدة، ابتداء من الثلاثاء المقبل، ما أثار حالة من الجدل في الشارع السياسي، حول محاولات عودة الجماعة المحظورة للمشهد العام من جديد، على خطى مراجعات سيد إمام، مؤسس تنظيم الجهاد والمنظر السابق لتنظيم القاعدة. وتتجه أنظار الجميع لمعرفة مضمون الوثيقة الجديدة التي تمثل عصب هذه المبادرة المقترحة، وبحسب البيان الصادر عن الجماعة، فإن هناك 3 مسارات متوازية توصلت إليها قرارات المكتب العام للإخوان، الناطق بلسان جبهة كمال، رئيس اللجنة الإدارية العليا الأولى بالجماعة، الذي قُتل في اشتباكات مع الأمن، قبل نهاية العام الماضي. الوثيقة المنتظرة تأتي المراجعات الجديدة بناءً على التواصل مع ما يزيد على 100 من كبار المفكرين والسياسيين والشخصيات العامة والمهتمين بالشأن الإخواني خاصة والإسلامي عامة، والقضية الوطنية المصرية، وتم تسليمهم نسخا من هذه التقييمات للمشاركة الفعالة بالرأي والمشورة والنقد البناء للخروج بالمراجعات. وأوضح المكتب، في بيان صدر أمس الأحد، أن التقييمات التي جرت سيتم عرضها لعموم الصف الإخواني، للإسهام فيها بالرأي والمشورة، بالإضافة إلى عرضها أمام الرأي العام في مختلف وسائل الإعلام، غدًا الثلاثاء، عقب الانتهاء من تسليم النسخ لأعضاء الجماعة والنخب والمفكرين، ومن ثم ستُجمع كل الآراء لتنقيح هذا المنتج وإفراغه في وثيقة علمية متكاملة. يقول الدكتور محمد حبيب، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان السابق، إن الكرة الآن في ملعب جماعة الإخوان لاستغلال فرصة التطهير والمراجعات للعودة للحياة السياسية والحزبية من جديد والاندماج في المجتمع وممارسة الجانب الدعوي. 5 مطالب رئيسية وأضاف حبيب ل"البديل"، أن هذا لن يتحقق إلا بعد تنفيذ 5 مطالب رئيسية، أولها أن تكون هناك مراجعات فكرية جادة فيما يتعلق بقضايا العنف والديمقراطية والجنسية وحدود الوطنية والخلافة والشورى والانتخابات واعترافهم أولًا بالدولة الوطنية الحديثة وأن ما حدث في 30 يونيو كان ثورة شعبية حقيقية وليس انقلابًا عسكريًا كما يرددون من حين لآخر. أما الجانب الأبرز المطلوب من الجماعة في المراجعات حسبما يرى حبيب، أن يُسارع قادتها إلى الاعتراف بالأخطاء الجسيمة التي وقع فيها القادة بصفة خاصة والجماعة بوجه عام، مرورًا بتقديم الاعتذار للشعب المصري عمّا وقع منهم من أخطاء، وصولًا إلى أهمية الفصل بين الجانبين الدعوي والسياسي، فالأخير له أحزابه وأسسه وقواعده وآلياته ووسائله التي تنفصل بصورة كاملة عن الجماعة الدعوية. فقه المآلات بدأت جماعة الإخوان سياسة المراجعات عبر شبابها المنشقين قبل عامين، تحت اسم "فقه المآلات"، والمقصود به ما آل إليه التنظيم بعد السلطة، وما آل إليه الواقع من نظام جديد يحتّم على الجماعة الاعتراف به التي شملت أكثر من ألف إخوانى، اتفقوا فيما بينهم على ضرورة أن تجرى المراجعات بعيدا عن قيادات الصف الأول، مع الإعلان عن ابتعاد التنظيم الإخواني عن العمل السياسي لمدة 10 سنوات، والاتجاه إلى العمل الدعوي، دون أن يطلبوا من الدولة الإفراج عن قياداتهم وشبابهم المسجونين. كما قرر المتراجعون عدم محاسبة أي من قيادات الصف الأول على فشل وانهيار التنظيم، مقابل أن تلتزم تلك القيادات الصمت التام تجاه ما يقرونه من مراجعات. حبر على ورق ومن جانبه، أعلن الدكتور كمال حبيب، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية تحفظه عما ورد بالبيان الصادر عن جبهة محمد كمال، نظرًا لحساسية القضية التي يتناولونها هذه المرة للاندماج في الحياة العامة مرة ثانية بعد أن انقسمت الجماعة إلى جبهتين متعارضتين منذ نهاية العام الماضي، الأولى تتبع القيادات التاريخية، والثانية تدين بالولاء لأفكار العنف مع الدولة. وأضاف حبيب في تصريحات خاصة أن الجماعة منذ تأسيسها في 1928 لم تقم بأي مراجعات حقيقية، حيث إن معظم المراجعات الجارية تتم عبر أفراد وأشخاص بمجهودات ومبادرات شبابية فردية بدلا من أن يكون ذلك توجها عاما من قبل الجماعة وقيادتها ومرشدها العام، وبالتالي فلا جدوى من تنفيذها دون وحدة الصف الإخواني، قيادات وأفرادا في سبيل جدية المراجعات حتى لا تتحول إلى "حبر على ورق" .