أحرزت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول تغيير جذري في سياستها بمنطقة الشرق الأوسط، من خلال تصعيد التدخل الأمريكي في حرب اليمن، وهي الحرب التي دمرتها سنوات من الصراع، حيث إنها المكان الذي من المفترض أن تبدأ فيه الولاياتالمتحدة دحر النفوذ الإيراني في المنطقة ككل. وتحقيقًا لهذه الغاية، فإن الولاياتالمتحدة تزيد من الدعم العسكري للسعودية والإمارات وحلفائهما في اليمن؛ لهزيمة الحوثيين الذين يقاتلون بجانب الجيش اليمني الموالي للرئيس السابق علي عبد الله صالح. إذا كانت هناك حرب معقدة، ولا يمكن الفوز بها، فالخيار الأفضل هو الخروج منها، ورغم ذلك، لا توجد إشارة على أن القصف الجوي السعودي المستمر منذ عامين سوف يتوقف، فقد جعل البلاد على مقربة من المجاعة، حيث قال جيمي ماكغولدريك، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لليمن، في نداء للحصول على مزيد من المساعدات هذا الأسبوع: سبعة ملايين يمني أقرب إلى الموت من أي وقت مضى. وفي اللحظة التي تحذر فيها الأممالمتحدة من وقوع كارثة في اليمن، أعطت وزارة الخارجية الأمريكية إذن استئناف توريد الأسلحة إلى السعودية، والتي تم تعليقها في أكتوبر الماضي من قبل الرئيس السابق باراك أوباما، جراء قصف السعودية جنازة في العاصمة صنعاء، مما أسفر عن مقتل أكثر 100 شخص. منذ أن بدأت السعودية حملة القصف في مارس عام 2015، والولاياتالمتحدة تزودها بالوقود، كما أن لديها مستشارين في المقر الرئيسي للعمليات السعودية، وفيما يخص مبيعات الأسلحة فإن بيعها يتطلب إذنًا من البيت الأبيض. هناك عنصر غريب في قرار ترامب ليقوم بهجوم على إيران في اليمن، وهو أن الإيرانيين يقدمون قليلًا من الدعم المادي والعسكري للحوثيين، وهي فقط الدعاية التي تستخدمها السعودية في وسائل الإعلام للحشد ضد الحوثيين، ولكن الحقيقة أن اليمن تم قطع علاقاتها بالعالم الخارجي برًّا وبحرًا وجوًّا بسبب الحصار السعودي لها. حتى الواردات الغذائية التي يعتمد عليها اليمنيون تم قطعها، وأصبح استيرادها أكثر صعوبة. استئناف توريد الأسلحة للسعودية ليست أول إشارة من إدارة ترامب على أن اليمن مكان جيد لوضع العمليات الاستراتيجية في المنطقة، ففي 29 يناير الماضي، بعد أيام من توليه منصب، أرسل ترامب نحو 30 عضوًا من فريق قوات البحرية الأمريكية، مدعومين بالطائرات الهليكوبتر؛ لمهاجمة قرية فقيرة تدعى الغايل في محافظة البادية جنوب اليمن، والغرض من هذه الغارة، وفقًا للبنتاغون، هو جمع المعلومات الاستخباراتية، ولكنها كانت محاولة فاشلة لقتل أو اعتقال قاسم الريمي، رئيس تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. أيًّا كان الهدف من الهجوم، فقد تحول إلى فشل دموي بمقتل نحو 29 مدنيًّا، كما أن تفسير الكونجرس يتشابه تمامًا مع ما حدث منذ نحو نصف قرن في فيتناموأفغانستانوالعراق. ومن جانبها حاولت إدارة ترامب إغلاق أي تحقيق بشأن هذه الغارة. وقال قائد القيادة الأمريكية العسكرية المركزية الجنرال جوزيف فوتيل للكونغرس إن عدد القتلى جراء تلك الغارة يتراوح بين أربعة و12 شخصًا. تضررت هذه القرية كثيرًا من الغارة الأمريكية، وهي قرية موالية للنظام اليمني، وكان أهلها يعتقدون في بداية الغارة أن الحوثيين هاجموا قريتهم للاستيلاء عليها، ولم يتبينوا حقيقة الأمر إلا بعد أن رأوا أشعة الليزر تصدر من أسلحة الغزاة. وسائل الإعلام في العالم درجت على التركيز على ما يجري في العراق وسوريا، إلا أن إدارة ترامب تتبع في هذين البلدين إلى حد كبير سياسات الرئيس السابق أوباما. أول عملية لإدارة ترامب في مجال مكافحة الإرهاب فشلت بشكل كبير، وتضرر بها القرويون اليمنيون الذين لقوا حتفهم. أصبحت اليمن مكانًا لظهور السياسيات الجديد لإدارة ترامب وسياستها في مكافحة الإرهاب، والتي قادت إلى ذبح المدنيين، وقد تنضم اليمن قريبًا إلى أفغانستانوالعراق والحروب الأخرى التي تمنت الولاياتالمتحدة عدم التورط بها. الإندبندنت