تمدد تنظيم داعش الإرهابي خارج منطقة الشرق الأوسط، إلى شرق آسيا، خاصة الفلبين التي تحولت إلى معقل له في الشهور القليلة الماضية، لاسيما بعدما ذبح رهينة ألمانية داخل أراضي الفلبين، ما بث الخوف والقلق لدى السلطات الرسمية، وبحسب تصريحات لوزارة الخارجية الألمانية، أعدمت جماعة أبو سياف الإرهابية الرهينة الألماني الذي كان محتجزا لديها منذ أعوام. وأبو سياف جماعة تربطها صلات بتنظيم داعش الإرهابي، وانشقت عن جبهة التحرير الوطنية "جبهة مورو" عام 1991 في جنوبيالفلبين، أنشأها عبد الرزاق أبو بكر جنجلاني، وحسب زعم الجماعة، ترغب في إنشاء ولاية لها غربي جزيرة مندناو جنوبيالفلبين، حيث تقطن هذه الجزيرة أغلبية من السكان المسلمين. ودائمًا ما تعتمد جماعة أبو سياف على خطف الأجانب وطلب الفدية لتوفير احتياجاتها من الأسلحة، حيث تنشط في جزيرتين بجنوب البلاد وخطفت عشرات الأجانب على مدى الأعوام الماضية، وذبحت عددا منهم، من بينهم كنديان العام قبل الماضي. ولم تكن الفلبين فقط، المكان الآمن في آسيا بالنسبة لتنظيم داعش، فبعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات العراقية والجيش السوري على التنظيم الإرهابي في الداخل، بات التنظيم المتشدد يبحث عن أماكن أخرى لكي يعلن ولايته عليها، فتوجه إلى دول جنوب شرق آسيا لينشر أفكاره المتطرفة هناك بحثا عن حواضن خصبه له، واختار بجانب الفلبينماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة. وشن تنظيم داعش الإرهابي هجمات عدة في إندونيسيا في الأعوام الماضية، كما وقعت هجمات في ماليزيا وبنجلادش، وتبنى المسؤولية عنها، أشخاص متعاطفون مع التنظيم الإرهابي، فضلًا عن الهجمات التي يشنها التنظيم في سنغافورةوالفلبين. وبينما توقعت الصحف والوكالات الأجنبية إعلان تنظيم داعش في عام 2017 إقامة "ولاية" في جنوب شرق آسيا لتعويض خسائره في سوريا والعراق، أكد وزير الدفاع في سنغافورة الأمر، قائلًا «خطر شن المتطرفين هجوما في سنغافورة بات أعلى من أي وقت هذا العام لأنها أصبحت أكثر تنظيما وتركيزا في اختيار أهدافها». وتعد سنغافورة التي تسكنها أعراق متنوعة مركزا تجاريا ومصرفيا رئيسيا ومقصدا للسياح كما يسكنها الكثير من الأجانب، ولم ينجح المتشددون من قبل في شن هجوم في سنغافورة، لكن في الأشهر الأخيرة حذرت الحكومة المواطنين من أن وقوع هجوم مسلح في البلاد مسألة وقت فحسب. على صعيد متصل، قالت السلطات الإندونيسية إن تنظيم داعش أصبح أشد خطورة من القاعدة، حيث إن عشرات الإندونيسيين الذين انضموا لصفوف تنظيم داعش في سوريا عادوا للبلاد ولديهم خبرات قتالية ويشكلون تهديدا كبيرا على البلاد، ويقول مسؤولون في مكافحة الإرهاب إن سولو أرض خصبة لتجنيد متشددين وبسبب ذلك تخشى السلطات من تزايد خطر وقوع هجوم كبير في إندونيسيا. ويؤكد المراقبون أن توسع وتمدد هذه التنظيمات المتطرفة في بلدان جنوب شرق آسيا ترجع لعدة أسباب، أولها أن أغلب من التحقوا للقتال في صفوف داعش بسوريا والعراق وليبيا واقتنعوا بأفكاره المتطرفة كانوا من تلك المناطق، خاصة أن نحو ألف شخص غادروا جنوب شرق آسيا إلى جبهات القتال في سوريا والعراق للانضمام في صفوف تنظيم داعش، كما أن استغلال التنظيم للأوضاع السائدة من خلافات وانقسامات قومية ودينية، وطائفية وعرقية والاستفادة من خواء السيطرة الأمنية، لحكومة مركزية، أو ضعفها في أكثر من دولة كان سببًا بارزًا في اختيار جنوب شرق آسيا. ويعمل التنظيم على استغلال بيئات تحتضن منذ عقود عشرات التنظيمات المتطرفة، كجماعة أبو سياف في الفلبين وشبكة مجاهدي شرق إندونيسيا، ويستغل التنظيم، أيضا، تراجع دور تنظيم القاعدة، لا سيما في أفغانستانوباكستان، حيث أعلن عن إنشاء ولاية خراسان، في ديسمبر الماضي، وبايع قادة منشقون عن حركتي طالبان باكستان وطالبان أفغانستان زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، ويؤكد أغلب المحللين السياسيين احتمال إدماج تنظيم القاعدة لداعش مباشرة بعد ترهل الأول وفقدانه نفوذه في منطقة جنوب شرق آسيا. كما يستغل التنظيم مشاكل الإقليات الإسلامية في هذه المناطق بالقارة الآسيوية للتحريض على رد الفعل، إما من خلال تنظيمات محلية أو من خلال ما يسمى بالذئاب المنفردة، التي تتحرك بشكل معزول، ويلعب التنظيم أيضا على التناقضات التي يجدها في عدد من المجتمعات وسط وشرق آسيا كي يجند أتباعا له ويوسع انتشاره الجغرافي.