في القضية التي تعرف الآن باسم بريطانيا الحديثة والمواقف التي اتخذها الحزبان الرئيسيان في إنجلترا وويلز، حان الوقت لبدء استخدام هذا المصطلح المخيف "سياسات الإجماع"، فكل أصوات حزب العمل غاضبة، نتيجة للوضع البريطاني وعلاقة بريطانيا المستقبلية بالاتحاد الأوروبي بعد خروجها منه. ويبدو تقديم نواب حزب العمال تعديلات على ورقة مشروع للقانون رقم 50، ومن ثم اتباع المحافظين لهم من خلال جماعات الضغط، بغض النظر عن الهزيمة، وكأنه رمز لإذعان الشفقة التي ستدوم، وعلى الرغم من التحرك في مجلس اللوردات بشأن حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي، قام العمال بنفس التحرك هذا الأسبوع مع أقرانهم؛ لمعارضة التعديل الخاص ببقاء بريطانيا عضوًا في السوق الواحدة. على نحو فعال بدأ العداء للاتحاد الأوروبي ينصهر نتيجة قرار حزب المحافظين، وربما قد تستسلم الأرواح للتهديدات، وتحدُّ من سياسة المهزلة القائمة. هذا ما يحدث في بريطانيا، ولكن ماذا عن اسكتلندا؟ وكيف تبدو مع قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟ ما هو شعور الساسة الاسكتلنديين المتواجدين في لندن، والاسكتلنديين الذين صوتوا بنسبة 62% مقابل 38% للبقاء مع بريطانيا؟ ربما ليس لدى أحد أي فكرة حول ما يقوله هؤلاء الساسة لشعبهم. في نهاية الأسبوع الماضي، وفي واحدة من أكثر الأعمال إثارة من قبل سياسي تابع لحزب العمال، وهو عمدة لندن، صادق خان، سافر إلى مؤتمر الحزب الاسكتلندي في بيرث، وأجرى حوارًا متنوعًا مع الذين يعتقدون أنه على اسكتلندا إدارة شؤونها بمفردها، خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووصول ترامب لرئاسة الولاياتالمتحدة، وأولئك الذين يحاولون التقسيم على أساس الخلفيات والعرق والدين. وأوضح خان ردود الفعل، وأن الناس كانوا في حالة من الذعر، وهم يحاولون تجميع رسالته التي وصلت في وقت متأخر، ولكن للأسف وقع الضرر بالفعل. في اليوم التالي، تحدث جيرمي كوربين، سياسي بريطاني من حزب العمال، في القاعة الثالثة، وقال للحزب الوطني الاسكتلندي إنه كان عليه احترام الديمقراطية، والتركيز على الشؤون الداخلية في اسكتلندا، والوقوف في خط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن من يحبون بلادهم لا يسعون أبدًا إلى تقسيمها. أما رئيسة الوزراء البريطانية فأدلت بتصريحات أمس، لتؤكد المخاوف الخاصة بانفصال اسكتلندا حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث قالت إنه على اسكتلندا التركيز على النظام التعليمي، وإنه بمجرد خروج بريطانيا، يجب أن يقوى الاستقرار والاتحاد بين البلدين، لأنه سيصبح أكثر أهمية. يستمر السياسيون في توحيد صوتهم؛ ليصل إلى الحدود الشمالية، في المنعطف الأكثر دراماتيكية في التاريخ البريطاني منذ الحرب العالمية الثانية، والذي سيسحب اسكتلندا معه. وردًّا على ذلك، قالت نيكولا ستيرجون، زعيمة الحزب الوطني الاسكتلندي، والتي جاء رد فعلها متوقعًا، احتمالية انجرار اسكتلندا إلى الخروج البريطاني الصعب من الاتحاد الأوروبي يؤكد العجز الديمقراطي الصارخ، وربما يجعل الأمور جيدة لإقامة استفتاء استقلال آخر. كان هناك الكثير من الشكوك حول الحزب الوطني الاسكتلندي، ولكن خلال هذه المرحلة تتزايد الشكوك بشكل واضح، والآن تقف كل من اسكتلندا وبريطانيا عند مفترق طرق، ولا أحد يعرف كيف سيقرر كل منهما طريقه. وتتوافر العديد من الإجابات بشأن الطرق التي قد يسلكها كلا الطرفين، ولكن ينبغي أن يكون هناك خيار واحد مؤكد، فإذا تم إجراء تصويت، وكانت النتيجة 48%، فسيتم تجاهل المعارضة بشكل روتيني، وقد توصف بالمتغطرسة والمتهورة. كل القراءات للسياسة الاسكتلندية الآن مؤشر محتمل على ما قد يحدث في المستقبل والآثار المترتبة عليه، حال عقد استفتاء استقلال ثانٍ. سيعقد مؤتمر للحزب الوطني الاسكتلندي في غضون أسبوعين، وهناك تكهنات حول الدفع بتصويت استقلال ثان، مما يعد تحد لماي. يدعي روث ديفيدسون، زعيم حزب المحافظين الاسكتلندي، أنه سيتم عقد استفتاء ثانٍ، وعلى الجانب الوحدوي سيفوز بفارق أكبر من المرة السابقة، وفي نفس الوقت، سيتحد مع الأصوات التي نادت بالاستقلال في عام 2014، مما يدعم سترجوين وحزبها. بالتأكيد الآفاق الاقصادية والمالية لاستقلال اسكتلندا باتت خطيرة أكثر مما كانت عليه منذ ثلاث سنوات، ومع استمرار تعثر الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو وظهور علامات الإجهاد الشديد، يمكن لحملة الاستقلال أن تدفع ضد خروح بريطانيا وتأتي بنتائج كارثية. حتى بين مؤيدي الاستقلال تظهر المخاوف على نطاق واسع وسريع، لأن استفتاء سريعًا قد يرحم اسكتلندا من فرصة حاسمة لمناقشة مستقبلها، فضلًا عن تهديد فرص المؤيدين بالفوز. بعبارة أخرى، الصورة معقدة جدًّا ومخاطرها كبيرة، وإحياء فكرة الاستقلال أكدت بعض النقاط الواضحة، ورؤية الحكومة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أصبحت واضحة أيضًا، في الوقت الذي أصبحت فيه الأحزاب البريطانية أكثر وضوحًا بشأن انفصال اسكتلندا. جارديان