مثلما حرصت المملكة العربية السعودية دائمًا على أن تحذو حذو الكيان الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية في كافة القضايا السياسية، وسعت إلى التقارب معها وإقامة العلاقات الاقتصادية والسياسية، والتطبيع على مرأى ومسمع من جميع دول العالم دون الأخذ في الاعتبار أن هذا الكيان الصهيوني مغتصب للأراضي الفلسطينية، جاء الوقت لتوضع المملكة مع الاحتلال في خندق واحد على رأس "قائمة العار" مع التنظيمات الإرهابية. السعودية وإسرائيل جنبًا إلى جنب مع اقتراب موعد نشر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة السنوي، المتعلق بإضرار الأطفال، والذي عادة ما ينشر في مايو أو يونيو من كل عام، كشفت منظمة "ووتش ليست"، المختصة بأوضاع الأطفال في النزاعات المسلحة، أن السعودية هددت الأممالمتحدة بحجب مئات ملايين الدولارات عن برامج المنظمة إذا لم يتم شطب اسمها من ملاحق التقارير المتعلقة بالجرائم ضد الأطفال في اليمن، وقالت إن غارة للتحالف استهدفت في سبتمبر الماضي حيًّا مكتظًا بالسكان في الحديدة، أوقعت 28 شهيدًا في صفوف المدنيين، بينهم 8 أطفال، وفي العاشر من يناير الماضي أدت غارة للتحالف الذي تقوده السعودية قرب مدرسة إلى استشهاد طفلين وجرح 3 آخرين. وبناء على ما سبق، دعت المنظمة المذكورة الأممالمتحدة إلى إعادة الثقة لتقارير الأممالمتحدة، بإدراج إسرائيل على قائمة العار، وإعادة إدراج التحالف الذي تقوده السعودية بتلك القائمة، وقالت منظمة "ووتش ليست": "كلنا نعلم بأن إسرائيل والولايات المتحدة مارستا الضغوط في عام 2015 من أجل شطب إسرائيل من قائمة الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحقّ الأطفال في قطاع غزة"، وأضافت "هناك سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، كما رصدنا أن أبشعها وقع في الفترة بين 8 يوليو عام 2014 في عملية الجرف الصلب، وسجلت الأممالمتحدة قتل ما لا يقل عن 540 طفلًا فلسطينيًّا". في الوقت نفسه وجهت منظمات حقوقية رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تطالبه بوضع الجيش الإسرائيلي في القائمة السوداء، بصفته مسؤولًا عن إلحاق الضرر بالأطفال في النزاعات المسلحة، وتعتبر هذه الدعوة خطوة خطيرة، لما قد يتبعها من فرض عقوبات دولية على الجيش الإسرائيلي في حال وضعه في القائمة السوداء، ليكون جنبًا إلى جنب مع التنظيمات الإرهابية، داعش وطالبان وحركة بوكو حرام وتنظيم القاعدة. وجاء في دعوة المنظمات الحقوقية أن الجيش الإسرائيلي ألحق الضرر الكبير بالأطفال الفلسطينيين منذ عام 2001، حيث سقط العديد منهم قتلى وجرحى جراء القصف الإسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة، كذلك جرى استهداف المدارس والمراكز، التي كان يوجد فيها الأطفال. مطالب تتجدد هذه المطالب لم تكن الأولى التي تحاول وضع الجيش الإسرائيلي والتحالف السعودي على "قائمة العار"، حيث سبق أن حاولت الكثير من المنظمات الحقوقية في العديد من الدول، وبدعم فلسطيني قبل سنتين، وضع الجيش الإسرائيلي ضمن القائمة السوداء، لكن الضغوط السياسية على الأممالمتحدة والأمين العام حالت دون ذلك، حيث أذعن الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، للضغوطات والتهديدات الأمريكية وكذلك الإسرائيلية، ورفض المطالب بإدراج الجيش الإسرائيلي في القائمة السوداء. وفي 3 يونيو عام 2016 أدرجت الأممالمتحدة التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن بالقائمة السنوية السوداء للدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال في النزاعات، ووجه تقرير للمنظمة الأممية انتقادًا شديدًا لطرفي النزاع في اليمن؛ بسبب أساليب معاملة كل منهما للأطفال في النزاع، واتهم التقرير التحالف بقتل وإصابة مئات الأطفال، منذ تدخله في اليمن في مارس من العام الماضي، إلا أن المنظمة عادت لتحذف اسم التحالف بعد أسبوع من إدراجه، مبررة ذلك حينها بأنه بغرض إجراء مراجعة مشتركة بين المنظمة الدولية والتحالف للمعلومات حول حالات الوفيات والإصابة بين الأطفال أثناء الحرب في اليمن. مصادر سياسية قالت حينها إن دولًا حليفة للسعودية قامت بضغوط قوية على الأمين العام للأمم المتحدة السابق، بان كي مون، لرفع اسم التحالف السعودي من القائمة السوداء، حيث أشارت هذه المصادر إلى أن اتصالات وزراء خارجية دول خليجية عربية ووزراء من منظمة التعاون الإسلامي انهالت على مكتب بان كي مون بعد إعلانه إدراج التحالف على "القائمة السوداء"، ومن بين الضغوط التي مورست على المنظمة تهديد الرياض بوقف مساعداتها للفلسطينيين ووقف تمويل برامج أخرى تابعة للمنظمة الدولية، وذكرت المصادر أنه كان هناك تهديد أيضًا باجتماع شيوخ في الرياض لإصدار فتوى ضد الأممالمتحدة تقضي بتصنيفها معادية للإسلام، مما يعني أنه لن تكون هناك اتصالات معها من قبل دول منظمة التعاون الإسلامي، ولا علاقات ولا مساهمات ولا دعم لأي من مشروعات أو برامج الأممالمتحدة، الأمر الذي أجبر المنظمة على الخضوع للتهديدات السعودية وحذف اسم التحالف من القائمة.