لم يمر أسبوع على زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني، إلى الكويتوعمان؛ لتعزيز التعاون بين الخليج وطهران ومحاولة تخفيف حدة التوترات بينهما، حتى جاءت زيارة أخرى لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، إلى سلطنة عمان الاثنين، في تحرك رأه مراقبون يستهدف تشكيل صيغة للحوار مع إيران، من أجل توحيد جهود الكويتومسقط في إنهاء القطيعة بين الخليج وطهران. وزار الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأسبوع الماضي، الكويت بعدما أجرى مباحثات في نفس اليوم مع سلطان عمان قابوس بن سعيد، في مسقط، وعلى خلاف الدول الخليجية الأخرى وخصوصا السعودية، ترتبط السلطنة بعلاقات جيدة مع طهران، كما عرف عن الكويت دورها في محاولات التقريب بين إيران والخليج. وأبدى روحاني تفاؤلا خلال جولته في عمانوالكويت، قائلا إن إيران أيدت دائما تسوية للمشاكل والخلافات عبر الحوار، واصفا القوة العسكرية لإيران بأنها "محض دفاعية"، وفيما اكتسبت زيارة روحاني الأخيرة للكويت أهمية قصوى كونها تأتي في وقت تبذل فيه الكويت جهوداً لإصلاح العلاقات بين دول الخليج العربي وطهران، بعد أن خولتها القمة الخليجية الأخيرة بالبحرين فتح الحوار معها. ويؤكد مراقبون أن زيارة أمير الكويتلمسقط جاءت لتعزز فرص نجاح هذه التحركات، لاسيما وأن السلطنة أدت دورا رئيسيا في المفاوضات التي أفضت إلى التوصل للاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى في يوليو 2015، واستضافت محادثات سرية بين ممثلي طهرانوواشنطن. وفي الوقت الذي أكدت فيه أوساط دبلوماسية عربية أن زيارة أمير الكويت للسلطنة تعني أن ثمة معالم باتت واضحة لصياغة أسس مقبولة لحوار مع إيران شجعت عليه القمة الخليجية الأخيرة في البحرين، أكد السفير رخا أحمد، مساعد وزير الخارجية الأسبق ل"البديل" أن هناك مؤشرات واضحة وعوامل مشتركة تقف وراء التفاهمات الأخيرة، وأن القمة العمانيةالكويتية لا تبتعد عن المحاولات الخليجية الإيرانية للوصول إلى توافقات مشتركة بقضايا المنطقة. وأضاف رخا أن أمن الخليج لا يمكن أن يمر دون إيران، وأنه لا داعي من تزايد مغالطة الذات لدى دول الخليج العربي، التي لابد أن تدرك تمامًا أن طهران تسيطر على نصف الجانب الشرقي للخليج، ومن ثم يجب الاعتراف بذلك والامتثال للتعاون معها والابتعاد عن وضعها كمنافس، متابعا: «الصراع مع قوى مثل طهران وأنقرة سيؤدي في النهاية إلى تمدد نفوذهما، وهو ما يحدث في الوقت الراهن في العراقوسوريا وابتعاد العرب عن المشهد». وأكد رخا أن واشنطن تسعى لإذكاء الصراع السني الشيعي، ويجب ألا تنخدع الدول العربية في التوجه لهذا الأمر لأنه يساهم بشكل أو بآخر في إضعاف الدول العربية، مستشهدًا بحديث وزير الخارجية الروسي الذي أكد في مؤتمر مشترك مع نظيره السعودي في وقت سابق، أنه لا يجب أن يظهر أمام العالم أن هناك حربا بين الخليج وطهران على أساس طائفي، فالعلاقة بين إيران ودول مجلس التعاون يجب أن تكون على أسس الشرعية الدولية، وحاولوا أن تعملوا جاهدين ومعكم الإيرانيين على التعاون والتنسيق فيما بينكم في القضايا الخلافية بالشرق الأوسط. وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق أن المحاولات الكويتيةالعمانية لرأب الصدع الخليجي الإيراني، تأتي بعد اعتراف الدول الخليجية الأكثر تشددًا تجاه طهران بخسائرها في ملفات المنطقة، فاستنزاف الرياض في الحرب اليمنية وسيطرة روسيا وتركيا وإيران على الملف السوري، بالإضافة إلى موقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الغامض تجاه هذه الملفات، كلها أمور أدت إلى إظهار النية للوصول لتفاهمات حذره بين الخليج وطهران في ملفات المنطقة، لاسيما بعد نجاح أول للبنان في هذا التفاهم بعد التوافق على ميشال عون رئيسًا، واصفا التصالح في هذه الظروف ب«الضرورة» بحكم العوامل المشتركة بين الإيرانيين ودول الخليج. وتابع أن العامل الأبرز في السعي لهذه التفاهمات، تفاوت مواقف دول الخليج تجاه طهران، مضيفًا أن سلطنة عمان ودولة الكويت كليهما لدية نظره مختلفة نحو إيران عن دول الخليج الأخرى مثل السعودية والبحرين، في حين الإمارات لها علاقات اقتصادية واسعة مع طهران، كما لا نغفل أن قطر أيضا لديها تنسيقات وتفاهمات مع طهران، خاصة أنها تبحث عن دور إقليمي لها في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن الدول الأربع "عمانوالكويتوقطروالإمارات" يميلون للتعاون مع طهران. واختتم رخا أنه رغم السعي وراء التوصل لتفاهمات بين طهران ودول الخليج جاء متأخرًا، إلا أنه مهم لأنه يأتي بالتزامن مع قرب انعقاد مباحثات جنيف 4، التي تسعي لتوصل إلى حل في سوريا بين المعارضة والحكومة، وصولًا بالمؤشرات التي تؤكد إلى قرب وقف القتال في اليمن.