حالة من الصراخ والعويل والكر والفر يشهدها مركز الصباح الطبي بالسويس، عقب توقف أجهزة الغسيل الكلوي وحضانات الأطفال في اليوم الأول من تطبيق منظومة الكروت الذكية بالسويس، قبل تعميمها على المراكز ومستشفيات الجمهورية، واختلطت المشاعر بين صراخ الآباء على أبنائهم في الحضانات وصراخ الأبناء على آبائهم في الغسيل الكلوي، بعد انقطاع التيار الكهربائي أثناء تواجدهم على أجهزة الغسيل، وهم يصرخون: «عاوزين كارت كهرباء الناس بتموت». ونفد رصيد الكارت الذكي بعداد الكهرباء الخاص بالمركز فئة مائة جنيه في اليوم الأول من تطبيق المنظومة على المؤسسات الصحية، والتي تبدأ من محافظة السويس تمهيدًا لتطبيقها على مستوى الجمهورية وشحنها بفئات مختلفة تبدأ من 100 جنيه حتى 500، ويشتري المستشفى أو المركز كروتًا جديدة في حالة نفادها، الأمر الذي يهدد حياة المرضى، وهو ما حدث اليوم، ولولا تدخل أحد الأطباء، الذي تصادف تواجد كارت ذكي معه، لكان توفى مرضى الغسيل الكلوي. وقالت سلوي محمد، إن طفلتها وضعت في الحضانة لأسباب صحية، ويتبقى لها عدة أيام قبل خروجها من الحضانة، وحذرها الأطباء من النقل من حضانة إلى أخرى؛ حرصًا على حياتها، كونها لا تستطيع تحمل الابتعاد عن الحضانة خلال تلك الفترة، وفوجئت صباح اليوم بانقطاع الكهرباء، ومع صراخ الممرضات بضرورة تشغيلها، وتأكيدها أن الأطفال يتعرضون للموت ويحتضرون بسبب توقف الحضانات، زاد صراخها ووجدت العاملين بالمركز يصرخون «عاوزين كارت ذكي الناس بتموت»، وهو أمر غير معتاد، فمن الطبيعي أن يصرخ المستشفى أو المركز لطلب علاج أو حقنة أو جهاز طبي معين، لكنها المرة الأولى التي نشهده فيها يصرخ لطلب كارت كهرباء لإنقاذ حياة المرضى. وتوجهت سلوى خارج المركز مسرعة في حالة هستيريا لتجد الجميع في نفس الحالة، حتى تدخل أحد الأطباء الذي تصادف وجود كارت كهرباء معه فئة خمسمائة جنيه، وأعاد الكهرباء لينقذ حياة المرضى. وقال علي محمد، إن والده كان على جهاز الغسيل الكلوي أثناء انقطاع الكهرباء، وعندما توقفت الكهرباء وجد وجه والده شاحبًا جدًّا ولا يستطيع التنفس، ورأى المتواجدين كافة من تمريض وأطباء وزائرين يهرولون ويصرخون لطلب كارت كهرباء لإنقاذ المرضى، واكتشفت أن السبب في انقطاع الكهرباء نفاد رصيد الكارت الذكي، متابعا: من الصدمة لم أستطيع التفكير، ووقفت عاجزًا ما بين إنقاذ والدي أو تركه والبحث عن كارت كهرباء، وفي لحظات دخل طبيب تصادف معه كارت ذكي خاص به، وأعاد الكهرباء للمركز، ومعها اعاد الحياة للمرضى كافة، من ضمنهم والدي، متسائلًا: هلال المريض مطلوب منه دفع قيمة المستشفى والعلاج والأجهزة والكهرباء أيضًا، ولماذا تفعل بنا الدولة كل هذا؟! وأكد أنهم سيتوجهون لتحرير محضر رسمي ضد شركة كهرباء السويس ومديرية الصحة؛ لاستهتارها بأرواح المرضى، خاصة بعد تأكيد الأطباء أنهم كانوا معرضين للموت في حالة تأخر الكهرباء، فضلًا عن المضاعفات التي تعرض لها مرضى الغسيل الكلوي. وقالت الدكتورة ماجدة محمد: قرار تطبيق العدادات الذكية مسبقة الدفع على المستشفيات والمراكز الطبية بمثابة حكم بالموت عليها، وهو ما تبين في اليوم الأول من تطبيق المنظومة، ولولا تدخل أحد الأطباء من الزملاء، الذي تصادف وجود كارت ذكي معه فئة 500 جنيه من جيبه الخاص. وتابعت أن مركز طبي الصباح كباقي المركز تركوا فيها عدادات بكارت رصيد مائة جنيه، وهو رصيد لن يكفي لتشغيل 10 أجهزة غسيل كلوي و15 حضانة أطفال وأجهزة تنفس صناعي، وكاد أن يحدث كارثة بتوقف الأجهزة خلال جلسات الغسيل الكلوي، وأيضًا خلال وجود الأطفال بالحضانات. وأكدت أنه لا يوجد أي تنسيق بين مديرية الصحة والكهرباء، وهو ما كشفته تلك الأزمة التي ستتبعها عدة أزمات في حالة استمرار العمل بهذا النظام في المستشفيات والوحدات الصحية، وطالبت بضرورة تبديل العدادات الذكية بالعدادات القديمة؛ حرصًا على أرواح المرضى الذين لا ذنب لهم في هذا التخبط، بحد قولها. وقال الدكتور رضا زغلول، مدير الرعاية الحرجة والعاجلة بمحافظة السويس: لا يوجد أي تنسيق مسبق بين الكهرباء والصحة بالسويس قبل تغييرهم العدادات واستبدالها بالذكية، مستنكرًا ما حدث تجاه مركز طبي الصباح، متسائلًا: ألا يعلم مسؤولو الكهرباء بالسويس أنهم بقرارهم المفاجئ دون التنسيق المسبق مع مديرية الصحة بتشغيل العداد الجديد بالكارت المدفوع مقدمًا في مركز طبي الصباح والذي يتواجد به 10 أجهزة غسيل كلوي و10 حضّانات أطفال وأجهزة تنفس صناعي في خدمة أهل السويس 24 ساعة يوميًّا، تسببوا في كارثة بكل المقاييس؟! فلا يجب أن تكون حياة الإنسان تحت رحمة مسؤولي الكهرباء الذين يجب أن يتحملوا المسؤولية كاملة. من جانبه، قال اللواء أحمد حامد، محافظ السويس، إنه فوجئ بهذا القرار، وطالب جهات الصحة والكهرباء بالتنسيق، واستعداد المستشفيات والمراكز إلى توفير كروت ذكية ومعرفة مواعيد انقطاعها؛ حتى لا تتعرض حياة المرضى للخطر. وأكد أنه سيتقدم بطلب لرفع حصة الكهرباء للمستشفيات أو العودة للعدادات القديمة؛ حرصًا على حياة المرضى بالسويس في القطاعات والمراكز والمستشفيات الطبية كافة.