اختتمت في آستانة أمس الجولة الجديدة من المحادثات بشأن الصراع السوري برعاية كلٍ من روسيا وتركيا وإيران، وبحضور وفدي الحكومة والمعارضة السوريتين، دون صدور بيان مشترك، بينما أعلن الوفد الروسي أن الجولة انتهت إلى اتفاق على تشكيل مجموعة اتصال دائمة تعمل على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار. اجتماع آستانة اتهم الوفد الحكومي السوري ممثلي المعارضة بعرقلة المحادثات بالوصول متأخرًا، حيث تذرعت المعارضة السورية بالأوضاع الميدانية في سوريا كسببٍ للتأخير، وقال رئيس الوفد الحكومي السوري، بشار الجعفري، إن محادثات السلام في آستانة لم تتمخض عن اتفاق جديد؛ بسبب الوصول المتأخر غير المسؤول للمشاركين من وفد المعارضة السورية المسلحة. من جهته أكد محمد علوش، رئيس وفد المعارضة، أنهم تلقوا تعهدًا روسيًّا فوريًّا بتوقف القصف في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، مضيفًا أن موسكو طلبت قائمة بأسماء مائة معتقل لدى الحكومة السورية للإفراج عنهم. المحادثات في آستانة تركزت على تهدئة الأوضاع في الجبهات المشتعلة بين المعارضة السورية المسلحة والمدعومة تركيًّا ودوليًّا، وبحث قضايا تتعلق باتفاق وقف إطلاق النار وتعزيزه، وإدخال المساعدات للمناطق المحاصرة. خلافات آستانة حول الموقف الروسي من تصريحات رئيس الوفد السوري في محادثات آستانة بشأن المعارضة السورية، قال المحلل السياسي الروسي، فيتشسلاف ماتوزوف: لا يوجد هناك تناقض في موقف روسياوسوريا، التناقضات بين وفد المعارضة السورية ووفد الحكومة السورية، فهما لم ينجحا في بدء الحوار المباشر، حيث إن المعارضة السورية رفضت اللقاء المباشر مع الوفد الحكومي السوري، وهنا ما زالت المشاكل قائمة، ولكن هذا لا يعني أن نتوقف في بذل جهود للتوصل إلى هدف المصالحة؛ للوصول إلى حوار سوري سوري لحل الأزمة السورية. وأضاف ماتوزوف أن تفسير المعارضة السورية لوقف إطلاق النار يختلف عن التفسير الروسي، فروسيا أعلنت أن إيران وتركيا وروسيا وقعت اتفاقية ثلاثية لتأسيس آلية للمراقبة، ولكن المعارضة السورية تصر على ألا تُضم إيران إلى الدول المشرفة على آلية مراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، وطالبت المعارضة بممثلين من مصر والمملكة السعودية والإمارات وقطر، ماتوزف قال إن روسيا لا تمانع طلب المعارضة، لكن روسيا تعارض خروج إيران من الإشراف على آلية وقف إطلاق النار. على صعيد آخر تعقد الدول الداعمة للمعارضة السورية محادثات اليوم الجمعة، وهي الأول منذ تولي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سدة السلطة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وذلك في محاولة يبدو أنها تهدف لإعادة ترتيب الأجندة الأمريكية وحلفاتها مقابل الأجندة الروسية قبل بدء اجتماع جنيف، وتعقد المحادثات على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين، في مدينة بون بألمانيا، وتضم الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وتركيا والسعودية ودول أخرى، وسيكون الاجتماع فرصة لاختبار موقف وزير الخارجية الأمريكية والإدارة الأمريكية بشان الحرب على التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعقد المشهد في جنيف في حال إصرار هذه الدول على تبني نفس السياسات الأمريكية والغربية القديمة إبان حكم الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، خاصة في ظل التوتر القائم بين موسكو وواشنطن حول تمدد الأخيرة عسكريًّا في مناطق محيطة بروسيا. معارك بين المعارضة استمرت المعارك العنيفة بين جند الأقصى وهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، وفي ريف حماة الشمالي وسط سوريا، مما أوقع أكثر من مائتي قتيل من الطرفين، وذلك حسب مصادر المعارضة السورية، حيث أعدم القسم الأكبر منهم في منطقة خان شيخون جنوب إدلب بعد أسرهم، وتركزت المعارك أمس في منطقة الصياد بريف حماة الشمالي بعد هجوم شنته هيئة تحرير الشام على مقرات لجند الأقصى. معارك الجيش السوري والمعارضة المسلحة قصفت القوات الحكومية السورية مقرات لجند الأقصى في بلدة كفر سجنة؛ مما أوقع 14 قتيلًا من مسلحي التنظيم، حسب بيان عسكري، فيما اتهمت المعارضة الطيران السوري بقصف بلدة الهبيط جنوب إدلب؛ مما أوقع 4 قتلى. وفي درعا جنوب البلاد قالت المعارضة إنها قتلت جنودًا حكوميين، ودمرت دبابات حكومية خلال المعارك في حي المنشية في درعا البلد، وقد اتهمت مصادر المعارضة الطيران الروسي بقصف مستشفى درعا البلد الميداني وستة مستشفيات أخرى. من جانبها قالت القوات الحكومية إنها قتلت 70 مسلحًا خلال المعارك في حي النازحين ومناطق كوم الرمان، وفي تدمر شرق سوريا قال الجيش العربي السوري إنه سيطر على مزارع الكلابية، وتقدم جنوب منطقة البيارات غرب تدمر بدعم مكثف من الطيران الحربي وذلك بعد معارك عنيفة مع تنظيم داعش الإرهابي. كما دارت معارك في منطقة آبار النفط شمال غرب تدمر، حيث تقدمت القوات الحكومية، ووصلت على بعد 20 كم من مدينة تدمر، فيما هاجمت داعش محيط قصر الحير وبلدة مرهطان، وقالت القوات الحكومية إنها تصدت للهجوم. ويرى مراقبون أن الربط بين مجريات محادثات آستانة التي بدأت في الأساس بخلاف روسي تركي حول الأجندة التي يجب إقرارها في المحادثات، وبين الميدان السوري الملتهب، وما سيتم التطرق له في اجتماع الدول الداعمة للمعارضة السورية في ألمانيا، من شأنه أن يفضي إلى نتائج غير مبشرة في محادثات جنيف المقبلة والمقررة في 23 فبراير الجاري، خاصة في ظل الحديث عن انقسامات في المعارضة السورية نفسها، والتي قد تفضي إلى دعوة وفدين معارضين في مقابل الوفد السوري الحكومي، الأول هو وفد الهيئة العليا للمعارضة الذي شكل في نهاية الأسبوع الماضي، والثاني يمثل منصات موسكو والقاهرة وآستانة وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.