يبدو أن معركة الانتخابات التشريعية الألمانية، والتي من المقرر عقدها في سبتمبر القادم، ستكون شرسة إلى حد بعيد، فكل المؤشرات والإحصائيات والاستطلاعات تشير إلى قوتها، لا سيما مع استمرار الحزب الاشتراكي في انتزاع المناصب والمراكز بالسلطة الألمانية، مقابل كثرة الاستطلاعات التي تؤكد هبوط شعبية حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، والذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ومؤخرًا انتخبت الجمعية الاتحادية في ألمانيا وزير الخارجية السابق والسياسي (الأكثر شعبية) في «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» فرانك فالتر شتاينماير (61 عاماً)، رئيسًا للبلاد، في خطوة أكدت تعزيز صعود الحزب الاشتراكي إلى السلطة في المرحلة المقبلة. ويقول مراقبون إن هذا الانتخاب يعزز فرص نجاح مرشح «الحزب الاشتراكي» مارتن شولتز، في مساعيه للإطاحة بزعيمة «حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي» أنجيلا ميركل، في الانتخابات التشريعية التي ستجرى بعد أقل من سبعة أشهر، ويرى الخبير السياسي مايكل برونينغ، في «مؤسسة فريدريش إيبرت» المقربة من «الاشتراكي»، أن «انتخاب شتاينماير من وجهة نظر الاشتراكيين الديمقراطيين هو مقدمة لشيء أكثر أهمية، وهو الفوز بانتخابات سبتمبر ضد ميركل». وعلى الرغم من أن انتخاب الرئيس الألماني الجديد شتاينماير جاء بدعم من الحكومة الائتلافية التي تقودها ميركل، إلا أنه يعبر بشكل واضح، بحسب مراقبين، عن ضعف الحزب المحافظ في الدفع بشخصية لشغل هذا المنصب، بعدما لم تجد ميركل مرشحًا من فريقها لديه القدرة والشعبية لهذا المنصب، حيث اضطرت المستشارة المحافظة إلى الموافقة في نهاية العام الماضي على دعم شتاينماير منافسها السابق في الانتخابات التشريعية السابقة، الأمر الذي شكل إهانة سياسية لها، وبعدما بدا لفترة طويلة أن إخراجها من المستشارية شيء صعب ومستحيل، باتت ميركل تشعر بالخطر المحدق بها. وتواجه المستشارية عدة تحديات، أبرزها بحسب المراقبين بالأوساط الألمانية أنه يتعين عليها أن تأخذ في الحسبان منافسة حركة «البديل من أجل ألمانيا» التي تستقطب 10 إلى 12 % من الأصوات، وأن تراعي التذمر لدى فريقها السياسي، الناجم عن قرارها في 2015 فتح أبواب البلاد لاستقبال مئات الآلاف من اللاجئين، كما تواجه ميركل تحديًا آخر، فبسبب سياستها الوسطية، يسجل «الاشتراكيون الديمقراطيون» تناميًا ملحوظًا في نوايا التصويت منذ اختاروا رئيسًا عالي النبرة، هو الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي مارتن شولتس. حيث أكدت استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرًا أن الأقرب هو فوز الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني على حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المحافظ، وأظهر الاستطلاع الذي أجراه معهد "آي إن إس إيه" لصالح صحيفة "بيلد" أن الحزب الديمقراطي الاشتراكي سيحصل على 31% مقابل 30% للمحافظين، وتوقع حصول حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي على 12%، يليه حزب داي لينكه اليساري المتشدد ب 10 %. ويعتبر منصب الرئيس فخريًّا في ألمانيا، لكنه يتمتع بسلطة معنوية، أما المستشار والبرلمان فهما اللذان يتوليان السلطة، وانتخب شتانيماير خلال جمعية تضم 1260 من كبار الناخبين ونوابًا، ينتمي معظمهم إلى مجلسي البرلمان، النواب والمقاطعات والمناطق الألمانية، ومندوبين عن المجتمع المدني. ودائمًا ما يأتي الحزب الاشتراكي- الشريك الأصغر في الائتلاف الحكومي الذي تتزعمه ميركل- منذ سنوات خلف المحافظين في استطلاعات الرأي، وكانت آخر مرة فاز فيها هذا الحزب تحت زعامة جيرهارد شرودر عام 2002، لكن الصحف الألمانية أبرزت في الآونة أن الحزب المحافظ قد يسقط في الانتخابات الجديدة، حيث تحدثت مجلة «در شبيجل» الأسبوعية الألمانية عن « ميركل» على غلافها، وطرحت هذا السؤال الذي بات على كل الشفاه: «هل ستسقط؟». وقالت صحيفة إكسبانثيون المكسيكية إن رئيس البرلمان الأوروبى السابق مارتن شولتز الرجل العنيد هو أمل الاشتراكيين فى ألمانيا، فهو يحمل آمال الاشتراكيين في انتزاع منصب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل زعيمة الحزب الديمقراطى المسيحي (يمين وسط) في الانتخابات المقررة سبتمبر القادم، حيث يعتبر شولتز أصعب خصم يواجه ميركل خلال أكثر من عقد، وذلك بعد أن قرر رئيس حزب الاشتراكيين الديمقراطيين سيجار جابريل الانسحاب طواعية من تصدر المشهد، تاركًا المجال لرئيس البرلمان الأوروبى السابق؛ لأنه يمتلك فرصة أكبر في الفوز. ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة بوسطنالأمريكية والخبير في الشأن الألماني توماس برجر، أن ميركل تمر بوقت حاسم؛ جراء سياستها تجاه اللاجئين وتحميلها مسؤولية اعتداء برلين من قبل اليمين المتطرف الذي يكسب أرضًا على حساب يمين وسط، مضيفًا أن "اليمين المتطرف حليف غير مقبول ليمين الوسط بقيادة ميركل، وانتزاع التأييد سيمهد الأرض لأكثر حكومة يسارية في تاريخ الجمهورية الألمانية تتكون من تحالف الاشتراكيين والديمقراطيين وحزبي اليسار".