كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معدل التضخم خلال شهر يناير الماضي بنحو 4.3% مقارنة بشهر ديسمبر السابق عليه ليبلغ 227.5 نقطة، وسنويًّا سجل المعدل في يناير 29.6%، وكان قد سجل في شهر ديسمبر 2016 نسبة 24.3%. يواصل التضخم ارتفاعه الشهري منذ تحرير الحكومة سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، حيث كان في أكتوبر 2016 قبل قرار التعويم 13.56%، ثم اتخذ طريقه إلى الصعود كل شهر بمعدلات كبيرة فسجل 20.73% في نوفمبر بعد قرار التعويم، وزاد بعدها وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى 24.3% في ديسمبر الماضي، وانتهي به الأمر عند 29.6% خلال شهر يناير 2017 بزيادة جديدة تعد الأعلى في تاريخ مصر. وعلى تقدير عام كامل، ارتفع التضخم من يناير 2016 إلي يناير 2017 من 10.10% إلى 29.6% بزيادة قدرها 19.5%، وهو الأمر الذي يعد كارثة حقيقية لأصحاب الدخول الثابتة التي لم تتغير أو زادت بنسبة علاوة 7% فقط. ارتفاع التضخم يعني الارتفاع المفرط في المستوى العام للأسعار، وهو ما أوضحه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بارتفاع أسعار الطعام والمشروبات ارتفاع بنحو 7% وأسعار قسم المسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود بنحو 0.6% وزيادة النقل والمواصلات 1.3%. البنك الدولي أكد في تقرير له الشهر الماضي أن ارتفاع معدل التضخم كان نتيجة اتساع الفجوة بين السوق الرسمية والموازية للصرف، والتي انتهت بقرار التعويم مطلع نوفمبر الماضي، لكن تأخير تطبيق ضريبة القيمة المضافة وارتفاع أسعار الواردات نتيجة التعويم تسببا في قفزة إضافية للتضخم، ومن المفترض أن يكون ذلك مؤقتًا، على افتراض أن السياسات النقدية للبنك المركزي ستحتوى تأثيرات الجولة الثانية. ونصح البنك الدولي في تقرير البنك المركزي المصري باجتياز القرار الأخير بتحرير سعر الصرف، وجعل الأولوية لخفض التضخم، والتأكد من أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة سيتسبب في زيادة الأسعار مرة واحدة، وليس دوامة مستمرة. عدم نجاح البنك المركزي في السيطرة على التضخم وزيادة الأسعار المتتالية يضع الاقتصاد في أزمة؛ لأنه لا يمكن السيطرة على التضخم دون زيادة الإنتاج والتخلص من الاستيراد وإعادة تشغيل المصانع وضخ السلع في الأسواق، وهو الأمر الذي تتجاهله الحكومة من خلال الاستمرار في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته والبعد عن الحلول التي يطرحها الخبراء الاقتصاديون. يقول إلهامي الميرغني، الخبير الاقتصادي: المسؤولون اعتادوا منذ سنوات تنفيذ توصيات وطلبات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي أغرقت مصر في الديون، وأدت لتدهور قيمة الجنيه وانفجار موجات الغلاء. وأضاف الميرغني ل«البديل»: يجب أولًا إعادة الدورة الزراعية ووضع خطة للسيادة الغذائية وليس للاكتفاء الذاتي فقط، مع ضرورة تحرير التعاونيات في جميع القطاعات، وإصدار تشريع موحد للتعاونيات بمجرد الإخطار، وفصل وزارة الصناعة عن وزارة التجارة، وإنشاء هيئة عامة للتطوير الصناعي، تتولى توفير المقومات اللازمة لتشغيل الشركات التي تقرر عودتها بأحكام قضائية لملكية الدولة، ووضع خطة لتشغيل جميع مصانع القطاع الخاص والاستثمار المتوقفة. وشدد على ضرورة فرض ضرائب تصاعدية على الدخل، تصل إلى 50% من الدخل، وفرض ضرائب على تحويلات البورصة، ووضع خطة لوقف سياسات الاقتراض المحلي والخارجي، وخطة لتعبئة الموارد المحلية والمدخرات من أجل تمويل التنمية، ووضع حدود لهامش ربح كل سلعة وتطبيق رقابة صارمة على الأسواق، موضحًا أنه يجب تحديد حد أدنى وأقصىي للأجور والمرتبات، يطبق على جميع فئات المجتمع بلا أي استثناءات، بما يؤدي لإعادة توزيع الدخل والمزيد من العدالة الاجتماعية.