يتابع البنك الدولي الإجراءات والإصلاحات الاقتصادية في مصر، بعد أن أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن معدل التضخم السنوي في مصر قفز إلى 24.3% في ديسمبر الماضي، ولكن البنك المركزي المصري قال إن معدل التضخم الأساسي السنوي قفز إلى 25.86 % في ديسمبر 2016، بالمقارنة ب 20.73 % في نوفمبر من نفس العام. وقال البنك الدولي في تقرير له إن ضعف معدل نمو الاستثمارات في 2016 راجع للضغوط على الموازنة العامة للدولة وميزان المدفوعات وأزمة نقص العملة الأجنبية، متوقعًا أن يصل معدل النمو إلى 4.0% في السنة المالية الحالية، مع بدء تطبيق إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة، ومع تباطؤ معدلات الاستهلاك الخاص جراء التضخُّم المتزايد، على أن ينتعش في عام 2018. وأكد التقرير أن التضخم كان نتيجة اتساع الفجوة بين السوق الرسمية والموازية للصرف، والتي انتهت بقرار التعويم مطلع نوفمبر الماضي، لكن تأخير تطبيق ضريبة القيمة المضافة وارتفاع أسعار الواردات نتيجة التعويم تسببا في قفزة إضافية للتضخم، ومن المفترض أن يكون ذلك مؤقتًا، على افتراض أن السياسات النقدية للبنك المركزي ستحتوى تأثيرات الجولة الثانية، حيث إن البنك الدولي نصح البنك المركزي المصري باجتياز القرار الأخير بتحرير سعر الصرف، وجعل الأولوية لخفض التضخم، والتأكد من أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة سيتسبب في زيادة الأسعار مرة واحدة، وليس دوامة مستمرة. تقرير البنك الدولي يجعلنا أمام عدة تساؤلات: هل الإصلاحات الاقتصادية ستصل بمعدل النمو إلى 4.0% في السنة المالية الحالية؟ وهل سيأخذ المركزي بنصائح البنك الدولي بخصوص خفض التضخم؟ وهل سينجح في تثبيت زيادة الأسعار مرة واحدة فقط؟ يرى الدكتور يسري طاحون، الخبير الاقتصادي، أن البنك المركزي لن ينجح في السيطرة على التضخم وزيادة الأسعار المتتالية إلا عن طريق زيادة قيمة الجنيه وتقليل حجم وقيمة الواردات وزيادة الإنتاج المحلي من السلع والخدمات. وأكد طاحون ل«البديل» أن الاستمرار في الاعتماد على الاستيراد وعدم تشغيل المصانع وضخ السلع في الأسواق سيزيدان من معدل التضخم أكثر مما هو عليه الآن؛ فلا يمكن السيطرة على التضخم دون إنتاج أو بالاعتماد على الحلول قصيرة الأجل. ويقول إلهامي الميرغني، الخبير الاقتصادي، إن نصائح البنك الدولي جزء من برنامج التثبيت والتكيف الهيكلي الذي التزمت به مصر؛ للحصول على قرض الصندوق والقروض التكميلية من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وغيرهما، وهي قائمة على تخلي الدولة عن أي دور في ضبط الأسواق، ، إضافة إلى استكمال برنامج الخصخصة، ومنها المرافق والخدمات العامة. وكشف الميرغني أن ترسانة التشريعات التي بدأت بقانون الخدمة المدنية والقيمة المضافة وتعديلات قانون الاستثمار كلها جزء من إملاءات صندوق النقد والبنك الدولي، وطالما استمر تدهور الزراعة والصناعة والاعتماد على الخارج لتوفير الغذاء والدواء ومستلزمات الإنتاج، سيزيد تدهور قيمة الجنيه أمام الدولار، وبالتالي تزيد معدلات التضخم. وتوقع الخبير الاقتصادي موجات جديدة من الغلاء، سيكتوي بنارها كل أصحاب الدخول الثابتة، مع استمرار الركود وتراجع معدلات الاستثمار، بما يؤثر على العديد من مؤشرات الأداء الاقتصادي.